الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

المصارف تبلغت عقوبات "حزب الله".. والتنفيذ انطلق

موريس متى
المصارف تبلغت عقوبات "حزب الله".. والتنفيذ انطلق
المصارف تبلغت عقوبات "حزب الله".. والتنفيذ انطلق
A+ A-

في خطوة كانت متوقعة، واستناداً الى قانون مكافحـة تبيـيض الأمـوال وتمويـل الارهـاب رقـم 44 تـاريخ 24/11/2015، عمّم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة قراراً على المصارف والمؤسسات المالية ولسائر المؤسسات الخاضعة لرقابة مصرف لبنان يتعلّق بأصول التعامل مع القانون الأميركي ومع أنظمته التطبيقيّة يتناول منع ولوج "حزب الله" الى المؤسسات المالية الأجنبية وغيرها من المؤسسات.


أتت خطوة سلامة ضمن التزام لبنان كل القوانين والتعاميم المصرفية الأميركية والدولية عموماً، وقبل أيام من زيارة متوقعة لمساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون تمويل الإرهاب دانيال غلايزر الى بيروت، حاملاً معه تفاصيل المراسيم التطبيقيّة الخاصة بالقانون الاميركي رقم 2297 الصادر عن الكونغرس الأميركي الذي يستهدف "حزب الله". ويعتبر هذا التعميم من السوابق النادرة التي يدعو فيها المصرف المركزي المصارف والمؤسسات المالية إلى تطبيق قانون أجنبي، وذلك على غرار ما ذهب إليه في تعميم أساسي سابق رقم 126 تاريخ 5/4/2012 ويتعلّق باحترام الأحكام القانونية التي تعمل في ظلّها المصارف المراسلة.
وقد تناول التعميم رقم 137، الذي أصدره حاكم مصرف لبنان مسألتين أساسيتين: دعوة المصارف اللبنانية وسائر المؤسسـات الخاضـعة لرقابة مصـرف لبنـان الى التزام القانون كاملاً ومن دون استثناء، ودعوتها الى إبلاغ المركزي مسبقاً بأي حساب مصرفي يقرر المصرف إقفاله أو بأي حساب مصرفي جديد يمتنع المصرف عن فتحه، على أن يبلّغ هذا الأمر الى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان معللاً بالأسباب الموجبة، ويعود للهيئة القرار الحاسم بمثل هذه المسائل. وبحسب أوساط مصرفية رفيعة المستوى جاء التعميم الوسيط لمصرف لبنان رقم 137 تاريخ 3/5/2016 ليريح المصارف حيال دعوته إياها، "حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا"، الى تنفيذ عملياتها "بما يتناسب مع مضمون" القانون الأميركي وأنظمته التطبيقيّة وإلى إبلاغ هيئة التحقيق المنشأة لديه لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب بالحسابات التي اقفلها أو جمّد أرصدتها أو رفض التعامل مع أصحابها المدرجين في اللوائح الأميركية، الأمر الذي أعطى المصارف المحلية حجة قانونية لتطبيق النصوص الأميركية. كذلك باشر المصرف المركزي مع إصداره التعميم المذكور في إنفاذ ما يمكن اعتباره موجبات ملقاة عليه أصلاً بمقتضى القانون الأميركي وأنظمته، حيال منع ولوج "حزب الله" إلى النظام المالي اللبناني، لأن هذا القانون يعني المصارف المركزية وليس المؤسسات الخاصة فحسب. وهو، أي القانون، قدّم سابقة لهذه الجهة بدوره، ورمى أيضاً إلى تجنّب التجاوز في تطبيق القانون الأميركي من المصارف المراسلة للمصارف اللبنانية عبر اقفال حسابات مصارفه لديها بحجة تفادي المخاطر أي ما يعرف بالـ de-risking التي تسعى المؤسسات المصرفية في العالم الى الحدّ منها حماية لعملياتها وأنشطتها. من هنا، لم تستبعد هذه المصادر إمكان أن تؤدي الاجراءات المصرفية الأخيرة التي واكبت صدور القانون الأميركي رقم 2297 ومراسيمه التطبيقية، الى دفع عدد من المصارف الاجنبية لمغادرة السوق المصرفية اللبنانية. وبالفعل، علمت "النهار" ان أحد المصارف البريطانية الكبرى العاملة في لبنان بدأ يتفاوض قبل مدة مع عدد من المؤسسات المصرفية والأفراد لبيع فروعه وإنهاء عملياته المصرفية في لبنان، بعد فترة ليست بطويلة على مغادرة مصرف Standard Chartered Bank هذه السوق.
وفي هذا السياق، أشار رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية والمستشار القانوني المصرفي المحامي الدكتور بول مرقـص الى أن النظام التطبيقي الخاص بالقانون الاميركي والمؤلف من 40 صفحة تقريباً والصادر عن وزارة الخزانة الأميركية في 15 نيسان 2016 بعد إنقضاء مهلة 120 يومياً التي حددها القانون الأميركي الصادر بتاريخ 16 كانون الاول 2015 للخزانة الأميركية، يأتي بعد توجيه عدد من أعضاء الكونغرس في الأيام القليلة الماضية مطالبات خطية إلى وزيري الخارجية والخزانة لتفعيل تطبيق هذا القانون في وجه المصارف والمؤسسات المالية. وبحسب مرقص، جاء هذا النظام ليدرج نحو 100 اسم في لائحة العقوبات الأميركية ويؤكّد أن الحظر في القانون يتناول العمليات أينما كانت وبجميع العملات بما فيها الليرة اللبنانية والأورو وليس الدولار الأميركي فحسب، وليأتي بتعريف وتوضيح لعبارات ومفاهيم وردت في القانون، ومثالاً على ذلك "العمليات الملحوظة " Significant transactions الواقعة تحت طائلة التحظير المنصوص عليها في القانون، إذ جاء النظام ليحدّدها بحجم معيّن ووتيرة محددة وبعلم إدارة المصارف أو بقرينة العلم المفترضة فيه Reasons to know أي أن يكون المصرف عالماً بالعملية وفق مبدأ "إعرف عميلك" Know Your Customer ) KYC) أو يفترض علمه بها وفق "المعيار المتشدّد" للقانون الأميركي القائم على strict liability؛ بمعنى أنه يقع على المصرف موجب معرفة عملائه ليس إسمياً فحسب، بل عليه ايضاً أن يعرف من هو صاحب الحق الاقتصادي Economic Beneficial Rights Owner وراء تشغيل الحساب. لذا على المصرف بحسب القانون أن يتأكد من أن العميل هو المستفيد الفعلي من الأموال المودعة لديه لتفادي فتح حسابات بأسماء مستعارة sous prete-noms أو تشغيل الحسابات لمصلحة الغير بما يفوق مداخيل العميل وينبىء بالأمر. وهنا يؤكد مرقص ان هذا المنهج ليس جديداً على المصارف اللبنانية التي تعتمد أساساً التفسير الموسّع للقانون الأميركي عموماً، فلم تكن تكتفي بالأسماء المدرجة في لوائح العقوبات الإسمية الأميركية بل بالمرتبطين بهم أيضاً (المسمّين relatives or associates). مع تأكيده أيضاً أن القانون 2297 يُعرف في القانون الأميركي بـ Long Arm Statute وبمفهوم القانون الفرنسي Loi supranationale أو extraterritoriale على غِرار قانون "فاتكا" وقانون US Patriot Act الأميركي الذي صدرت صيغته الأولى عقب أحداث 11 أيلول 2001.
واليوم، يخشى المصرف اللبناني المحلي، في حال عدم تطبيقه القانون المذكور ونظامه، إدراجه في لائحة العقوبات SDN الصادرة عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC في وزارة الخزانة الأميركية، وتالياً اقفال المصارف الأميركية والأوروبية المراسلة حساباته لديها وقطع التعامل معه. فالقانون الأميركي المذكور يتجاوز تطبيقه حدود الأراضي الأميركية ليمتدّ فعلياً إلى خارجها ويغطي كل الدول التي تتعامل بالدولار ولها علاقات مصرفية أو أي نوع من العلاقات مع الولايات المتحدة. من جهة أخرى يطمئن المسؤولون الأميركيون ادارات المصارف اللبنانية بعدم الرغبة في ادراج اسماء مصارف لبنانية في هذه اللائحة لأن مثل هذه الخطوة كفيلة بشلّ المصارف المعنيّة وإلحاق الضرر بالاقتصاد اللبناني الهشّ، ويناقشون خيارات بديلة أقلّ فتكاً لحضّ المصارف غير الممتثلة على الالتزام إذا اقتضى الأمر، وذلك بتوجيه الانذارات اليها.


[email protected]
Twitter: @mauricematta

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم