الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

اقتصاد لبنان... أزمة مستمرّة

المصدر: "النهار"
الياس الأعرج، مدير تنفيذي للحسابات، مكتب التداول في ساكسو بنك
اقتصاد لبنان... أزمة مستمرّة
اقتصاد لبنان... أزمة مستمرّة
A+ A-

يشكّل الأثر الاقتصادي والاجتماعي المترتب عن اللأزمة السورية، والتي تدخل الآن عامها السادس أحد أهم المسائل التي يواجهها لبنان. إذ يصل عدد الذين لجأوا إلى لبنان منذ بداية الصراع في آذار 2011 الى 1.5 مليون سوري، أي حوالي ربع سكان لبنان. وقد أدى هذا إلى إجهاد القدرات المالية العامة وتقديم الخدمات البيئة في لبنان. ومن المتوقع أيضا أن تؤدي الأزمة إلى تفاقم انتشار الفقر بين اللبنانيين، وكذلك توسيع ثغرة عدم المساواة في الدخل.


على وجه الخصوص، تشير التقديرات إلى أنه نتيجة للأزمة السورية، قد وقع حوالي 200.000 لبناني في براثن الفقر. ويقدر أن هناك نحو 300.000 مواطن لبناني إضافي أيضا قد اصبحوا عاطلين عن العمل، ومعظمهم من الشباب غير المهرة، وذلك دون شك نتيجة التأثير المؤذي الناتج عن تكلفة العمالة السورية المنخفضة.



وأصبح لبنان متعذر البلوغ برًّا من الناحية الجغرافية مع نسبة انخفاض قصوى تصل إلى 60 في المئة في مجال النقل البري من الأردن إلى العراق وما بعدهما بسبب الحرب الجارية في سوريا التي فرضت انعدام الأمن والمخاطر والخسائر المحتملة. لذلك هناك المزيد من الضغوط على قدرات الشحن البري والشحن الجوي ما أدى إلى ارتفاع التكاليف.
وعلاوة على ذلك، نجد لبنان عالقا في الانقسام "السنّي" - "الشيعي" مع وجود إيران والمملكة العربية السعودية كقوى مهيمنة رئيسية تلعب دورًا مؤثرًا في الوضع على كلا الجانبين. وعلى وجه التحديد، يؤثر هذا الانقسام على لبنان عبر الطرق التالية:
على الصعيد السياسي: تم تأجيل الانتخابات الرئاسية خلال السنتين الأخيرتين.
على الصعيد الاقتصادي: لم تشهد المؤسسات الخاصة والحكومية أي أداء أو نمو فعال.
بالإضافة إلى ذلك، تراجعت السياحة وخاصة السياحة من دول الخليج، ومردّ ذلك بشكل أساسي إلى تعليمات الحكومات والسلطات المحلية التي نصحت مواطنيها بتجنّب السفر إلى لبنان لأسباب تتعلق بسلامتهم (على الرغم من أن المسائل في لبنان هي سياسية بحتة وليس لها علاقة الأمن).


ومع اقتصاد يعمل دون مستوى إمكانيّاته، تباطأ التضخّم بشكل حاد في عام 2015 إلى -3.4 في المئة كما اتسع العجز المالي بشكل طفيف، ويرجع ذلك أساسا إلى غياب تدابير الإيرادات التي عززت الاقتصاد في عام 2014.
وعلاوة على ذلك، توقع بعض المختصين أن يرى ربّما تخفيضًا في تصنيف القطاع المصرفي اللبناني في عام 2016. وهناك تقرير صدر مؤخرا عن صندوق النقد الدولي يتوقع انتعاشا في النشاط الاقتصادي بنسبة 2.5 في المئة في عام 2016، وهو ما يتعارض مع مشاعر العديد من المحللين اللبنانيين الذين يتوقعون نموا سلبيا أو لا نمو على الإطلاق.
وتشمل الضغوط الإضافية على الاقتصاد اللبناني "القضية السياسية" مع دول مجلس التعاون الخليجي، المؤدّية إلى إنهاء عمل وإقامة مواطنين لبنانيين عاملين في دول مجلس التعاون الخليجي، وترحيلهم الفوري من هذه الأراضي. هذا، بالإضافة إلى تجميد التحويلات المصرفية الدولية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى لبنان - وخاصة من المملكة العربية السعودية، التي تقدّر قيمة تحويلاتها ببضعة مليارات من الدولارات - يمثل تحديا متفاقما بالنسبة للاقتصاد اللبناني إذا ما استمر الأمر على هذا المنوال.



على الصعيد الاستثماري، أصاب الخوف سوق الاستثمار اللبناني الإجمالي، وبالتالي فإننا نشهد توجهًا كبيرًا نحو وجهات جديدة مع انتقال الشركات إلى الخارج. أحد أبسط الأمثلة هو الموجة الضخمة للاستثمار اللبناني في قبرص. كما أننا نشهد العديد من المعارض والاجتماعات وخطط قادمة للاستثمارات في الجزيرة. من منظور تاريخي، غالبا ما شكّلت قبرص ملاذا آمنا للشركات اللبنانية منذ الحرب الأهلية.
بالإجمال، على الرغم من المخاوف بشأن الاقتصاد بسبب الوضع الحالي، لا يزال الولاء القائم للمودعين والمستثمرين في القطاع المصرفي المحلي يلعب دورا أساسيا في قوة العملة، وكذلك العامل الضخم لاحتياطي النقد الأجنبي الذي لا يزال يعزّز استقرار الليرة اللبنانية.
بالإضافة إلى ذلك، اعتبارا من شهر آذار 2016، تكوّنت مجموعة البنك الدولي من 15 مشروعًا (قروض الاستثمار) وهي تركز على التعليم، والحماية الاجتماعية، والصحة، والتنمية الحضرية والبلدية، والنقل، والمياه، والبيئة، والتمويل، والقطاع الخاص، والخدمات الاجتماعية، ليصبح قيمة الالتزام الإجمالية 900 مليون دولار أميركي.



بالإضافة إلى تعيين مصرف لبنان المركزي لِـ بنك لبنان والمهجر، بنك بيبلوس ودويتشه بنك من أجل المشاركة في إدارة إصدار سندات أوروبية (يوروبوند) بقيمة مليار دولار أميركي على الأقل. وقال مصرفيون ان الإصدار يجب أن يكتمل في نهاية شهر نيسان من هذا العام. وأنّ اصدار سندات أوروبية (يوروبوند) سوف يحل محل بعض السندات القائمة التي تستحق في 22 نيسان. وأصدر لبنان في شباط عام 2015، سندات خارجية (يوروبوند) بقيمة 2.2 ملياري دولار أميركي، وهو أكبر إصدار إنفرادي في تاريخ البلاد. وقد عمدت الحكومات اللبنانية على دفع الأسواق المحلية والأجنبية لتمويل الدين العام بطريقة لتغطية نفقات الحكومة من خلال إصدار أذون الخزانة والسندات.
وقال رئيس جمعية مصارف لبنان جوزف طربيه مؤخرا بأنه "لن يكون لدى البنوك أي مشكلة في تمويل احتياجات القطاعين العام والخاص طالما تسجل ودائع العملاء نموا بنسبة 5 مليارات دولار سنويا".
ومن المتوقع أن يستمرّ إجراء استبدال سندات اليوروبوند ما دامت الحكومة غير قادرة على تمرير مشروع ميزانية 2016 وتنفيذ الإصلاحات المالية اللازمة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم