الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل يتوافق الحريري مع الميقاتي في طرابلس؟

المصدر: "النهار"
يارا عرجة
هل يتوافق الحريري مع الميقاتي في طرابلس؟
هل يتوافق الحريري مع الميقاتي في طرابلس؟
A+ A-

طرابلس على نار. كلّ الأنظار تتّجه اليوم نحو البلدية التي كانت السبب الأوّل في تهميش عاصمة الشمال، بسبب الفشل الذريع الذي حققته على مدى السنوات التي مضت. نتيجة لذلك، يتحرّك عدد كبير من الشبّان والشابات للنهوض في المدينة وتشجيع المواطنين على الاقتراع لإنقاذها من الدمار الفكري والإنمائي والاقتصادي الذي يفتك بها وبنسيجها. تحوّلت طرابلس مؤخراً إلى ساحة للصراعات يتبارز عليها المستقلّون من جهة والسياسيون الذي يسعون، بحسب ما نوّه إليه دولة الرئيس نجيب ميقاتي في زيارة له لمكاتب "النهار"، لحصول توافق مع تيّار المستقبل من جهة أخرى. 


 


واقع طرابلس اليوم


شهدت طرابلس في السنوات الماضية الكثير من المعارك الدامية التي هدّدت وأعاقت نمط حياة الطرابلسيين. حينها، لم يتحرّك للبلدية ولا حتى الزعماء جفن، على الرغم من عدد الأبرياء الكبير الذي سقط جرّاء المعارك، هذا عدا عن نسبة الفقر والبطالة المتزايدة. في هذا الإطار، يتحدّث لـ "النهار" الناشط المدني حسين قرعلي عن "الحاجة الملحة لتطبيق المشاريع الإنمائية للحدّ من الفقر عبر تنفيذ إنماء متوازن بينها وبين المناطق الأخرى، كونها عاصمة الشمال التي تعاني من غياب شبه تام للإنماء. فبدلاً من أن يكون حينها التوافق السياسي من مصلحة المدينة، أضرّ بها بسبب اختلاف السياسيين في ما بينهم، فاضطررنا إلى اقتراع رئيس جديد قبل أوانه. لتحقيق إنماء طرابلس يجب تغيير وتطوير القائمين على البلدية ومجاراة المشاريع الإنمائية ولا سيّما منها تلك التي تحتاج إليها طرابلس. من هنا، تظهر أهمية مشاركة الشباب في الانتخابات البلدية لأنهم يجارون العصر وهم على اضطلاع على التطور والمشاريع. نحن بحاجة لأفكار الشباب وديناميكيتهم وحركتهم دون أن نتخلى عن القدماء الذين يتحلون بالخبرة التي تنقصنا، انطلاقاً من هنا، نحن نكمّل بعضنا بعضًا، ونحن نحتاج لدم جديد في طرابلس وسائر المناطق في لبنان". من هنا، تشهد الساحة الطرابلسية اليوم معركة بين المجتمع المدني الذي شكّل لائحتين الأولى باسم "طرابلس 2022"، والتي يبدو بحسب مصادرة خاصة لـ "النهار" أنها "تنوي التحالف "من تحت الطاولة" مع سياسيّي المدينة المستقلّين لتلقى الدعم منهم، بالإضافة إلى لائحة "إنقاذ طرابلس" التي فيها عدد من الطرابلسيين المعارضين للطبقة الحاكمة أياً كانت. وفي حديث ل "النهار"، يستنكر أحمد حلواني وهو أحد مؤسسي مبادرة طرابلس 2022 "مقولة التحالف تحت الطاولة مع أحد، فنحن نعمل على الشفافية بالتعاطي مع الجميع وهدفنا رص الصفوف لمواجهة لائحة المحاصصة. نحن نعمل على تكوين برنامج انتخابي متكامل يكون هو الفصل بيننا وبين الناخب الطرابلسي الذي عانى و يعاني من أزمات اجتماعية و اقتصادية وتنظيمية بسبب استبداد الطبقة السياسية المتحكمة بكل المفاصل". أما سياسياً، فيفضّل مناصرو تيار العزم وتيار المستقبل حصول معركة سياسية على التوافق، مع العلم أنّ الطرفين يعانيان على المستوى المادي من مشكلة أساسية: مشكلة تيار المستقبل باتت معروفة، في حين أنّ تيار العزم أيضًا "يعاني من شحّ في جميع مؤسساته الخيرية".


حقيقة التوافق بين الميقاتي والحريري


هل يتحالف الميقاتي مع الحريري بعد تحالف القوات مع التيار الوطني الحرّ؟ حتى لو لم يحبّذ أيّ من الطرفين أن يتواجد في لائحة توافقية مع الآخر، يبدو أنّ هذا ما ستؤول إليه الأمور. ففي حديث لـ "النهار" يشير القيادي في تيّار العزم في طرابلس مصطفى آغا أنّ "القوى السياسية في المدينة اليوم، تسعى لحصول توافق يمثل الجميع مع وصول مرشّح تتوافر لديه الكفاءة اللازمة للنهوض بالمدينة وإنجاز الأعمال الإنمائية والخدماتية لطرابلس وأهلها. وقد تطوّر هذا الطرح في الحوار والنقاش بين السياسيين، ولكن هذا لا يمنع أنّ ثمة استعدادات لدى تيّار العزم بخوض "منافسة" انتخابية. وبما أنّ الرئيس ميقاتي قد اتخذ خياره الاسترتيجي أنّ الانتخابات البلدية عملية إنمائية بالأساس لا نحاول من خلالها تحقيق مكاسب سياسية، يجب تقديم مشروع يخدم البلدية لندعمه، بما يعني التوافق لتأمين مصلحة طرابلس". من جهته يؤكّد مستشار الرئيس سعد الحريري في الشمال عبد الغني كبّارة لـ "النهار" أنّ تيّار المستقبل في الشمال "في حالة جهوزية تامّة لخوض المعركة الانتخابية في طرابلس حيث تسود الأقليات من عدة طوائف ومذاهب. فحرصاً على تمثيل هؤلاء في المجلس، يتجه التيّار نحو التوافق واللوائح الكاملة، التزاماً باتجاه الرئيس الحريري في إشراك الجميع وعدم إلغاء أحد من السياسيين أو الأحزاب السياسية والمجتمع المدني. لا يشمل التحالف تيار العزم فقط إنما يحصل التنسيق مع كافة التيارات الأساسية في طرابلس والقوى السياسية والمجتمع المدني الفاعل على الأرض، ونحن حريصين للوصول إلى نتائج إيجابية تؤمن الاستقرار، والهدف الأساسي أن يكون هناك مجلس يشكّل فريق عمل متجانس ويقوم في مشروع طرابلس الحديثة الذي نعتبره هو الأساس في العملية البلدية." 


التوافق نتيجة خوف تيّار المستقبل؟


هناك، بحسب المصادر الخاصة، تخوّف لدى التيّار الذي يعرف أن أرضيته غير ثابتة مما جعله يسعى إلى التوافق كي لا يكشف أوراقه قبل الانتخابات النيابية، كلّ ذلك بعكس تيّار العزم الذي إذا لم يكسب مناصرين جدد، لم تتراجع شعبيته حتى الآن بل ما زالت نفسها. يؤكّد آغا هذا الأمر قائلاً "الخوف موجود لدى جميع القوى باستثناء تيّار العزم، لأنّ جمهور العزم متحمس بشكل كبير خصوصاً أنّ الرئيس ميقاتي لم يتوقف عن تقديم الخدمات للطرابلسيين في السنوات الماضية، هذا الأمر ليس موجودًا لدى الجميع في الوتيرة نفسها". أمّا كبّارة فأنكر هذا التخوّف "كلّ الكلام المتداول في الإعلام عن تراجع لتيار المستقبل غير واقعي على الإطلاق وخاصة في السياسة المتبعة في موضوع انتخابات البلدية، فهناك العديد من العوامل التي تلعب دورها مع المواطنين، غير ضروري أن تكون هي نتيجة مواقف سياسية، فهناك مواقف قربى واجتماعية وعوامل غيرها وحتى مشاريع في بعض القرى من الممكن أن تؤثر في إنجاح أو إسقاط الانتخابات."


من هو الرئيس المتوافق عليه؟


يشير المصدر إلى أنّ الدكتور عمر حلّاب هو المرشح الأبرز حتى الآن والذي يستعدّ نجيب ميقاتي لدعمه عندما يتمّ التوافق عليه. يكمل آغا قائلاً "نحاول هذه المرّة تقديم التوافق بطريقة جديدة بمعنى أن يأتي الرئيس مع فريق عمله دون أن يتدخل أحد بتسمية أيّ عضو من أعضاء المجلس البلدي. يكون مع الرئيس فريق عمل متجانس بعيد من التجاذبات السياسية والمحاصصة يعمل إنمائياً لمصلحة المدينة. ثمة مساعٍ جارية الآن للتوصل إلى توافق يؤمّن مصلحة الناس ضمن الشروط والثوابت التي وضعها الرئيس ميقاتي أولها عدم ترشح أحد من المجلس القديم، لأنّه عجز عن تقديم أيّ شيء في السنوات الستّ الماضية." أمّا بالنسبة إلى الأسماء المطروحة حتى الآن فهي "الدكتور عزام عويضة، الدكتور عمر حلاّب والمهندس عبدالرحمان زبيب هم ليسوا حزبيين ولكنهم طرابلسيون أكفياء، قريبون من الجميع، محلّ للثقة، الرئيس ميقاتي سيسير مع أيّ أحد منهم عندما يتمّ التوافق عليه". يوضح كباّرة الفكرة أكثر قائلاً "الرئيس الذي سيختاره السياسيون سيؤلّف المجلس من 23 عضوًا بالإضافة إليه ليكونوا فريق عمل متجانس واحد يعملون ضمن رؤية واحدة لتنفيذها على مدى السنوات. هذا على أن يكون الأعضاء غير منتميين بشكل مباشر لأي طرف سياسي، أن يكونوا من أصحاب الكفاءات ولهم إنجازاتهم، كما يفضل أن يكونوا من الشباب والشابات، فقد حان وقت تحمّلهم المسؤوليات في المدينة على أن يكون المعدل الوسطي لأعمارهم 40 و45 سنة." 


غداً سيجتمع الرئيس ميقاتي مع عدد من النوّاب والسياسيين في دراة النائب أحمد كرامي في طرابلس بحضور تيّار المستقبل من أجل تسيير الأمور والتوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأفرقاء السياسيين. هل سيحقّق المجتمع المدني إنجازاً هذا العام ليحتل بعض المقاعد في المجلس؟ هل سيتمكن مجلس هذا العام بتحسين وجه طرابلس والصعود بها نحو الافضل؟ وحدها الأيام جديرة بإثبات ذلك.


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم