الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

السينما العربية بلا "سند"!

المصدر: "النهار"
السينما العربية بلا "سند"!
السينما العربية بلا "سند"!
A+ A-

بعد إقفال مهرجان أبو ظبي السينمائي بين ليلة وضحاها من دون أيّ مبررات منطقية في أيار الفائت، حان وقت إقفال صندوق دعم "سند" التابع للجهة عينها، والذي استمر سنة إضافية بعد تغييب المهرجان المذكور، بهدف قطع الطريق أمام المزيد من البلبلة التي كان أحدثها في حينها خبر "اغتيال" المهرجان، على الرغم من النجاحات التي حصدها طوال فترة انعقاده. الموعد السنوي الذي شكّل قفزة نوعية في عالم التظاهرات السينمائية (مع مهرجان آخر هو "دبي")، كان تأسّس العام ٢٠٠٧ في عاصمة الإمارات العربية المتحدة، وحمل في البداية تسمية "مهرجان الشرق الأوسط"، قبل أن يغيب كلياً العام ٢٠١٥، عن ثماني دورات وضعت الإمارة الفاحشة الثراء على الخريطة السينمائية دولياً، كونها أصبحت موطئ قدم العديد من النجوم من دول العالم كافة طوال ثماني سنوات، بالإضافة إلى اهتمام الجهة المنظّمة بالسينما المستقلة. لكن، سرعان ما تبيّن أنّ المسألة برمتها سرابٌ بسراب، حلمٌ ذهب أدراج الريح  بطريقة غير مسبوقة. فالمهرجان سدَّ أبوابه فجأة؛ وحتى بعض العاملين فيه لم يفهموا إلى اليوم سبب التخلّي عنه، ولم يُمنَحوا أيّ تفسير، بالإضافة إلى أنّ ما من وسيلة إعلامية ارتأت أن تناقش المسألة. جرى كلّ شيء في عتمة الليل. والآن، وكما كان يتردّد منذ فترة في المجالس الخاصة، حان الوقت لإقفال صندوق "سند" الذي كان إحدى الجهات الداعمة للصناعة السينمائية في المنطقة العربية، والحريص على تمويلها خصوصاً في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج. وفّر الصندوق لشلّة من السينمائيين العرب دعماً مالياً لإكمال أفلامهم، سواء الروائية أو الوثائقية منها. وكان موقع "سند" الإلكتروني يعلن طوال فترة نشاطه أنّه يبحث عن "مشاريع جريئة ومميزة سواء لمخرجين جدد أو مخضرمين، وذلك بهدف تشجيع الحوار بين الثقافات والتجديد الفني والعمل في الوقت عينه على بناء شبكات تواصل متينة بين صنّاع السينما في المنطقة". طوال ست سنوات متتالية، تم دعم ١٢٠ مشروعاً نصفها تقريباً اكتمل ونحو نصف هذه المشاريع ذهب الى المهرجانات الكبرى من كانّ إلى برلين فالبندقية، وحصدت جوائز دولية. ولعل الخطوة الأبرز لنجاح "سند"، تمثلّت في دعم فيلم "ذيب" للأردني ناجي أبو نوار الذي رُشح لجائزة "أوسكار" أفضل فيلم أجنبي. ومن السينمائيين الذين نالوا دعم "سند": يسري نصرالله، مهدي فليفل، ليلى بوزيد، عبد الرحمن سيساكو، محمد ملص، هالة لطفي، آن ماري جاسر، فوزي بن سعيدي، هينر سليم، ليلى كيلاني، كريم طريديا. الدعم لمرحلة التطوير وصل الى ٢٠٠٠٠ دولار، فيما بلغ الدعم لمرحلة ما بعد الانتاج إلى ٦٠٠٠٠، علماً أنّ المبلغ الإجمالي الذي كان يُنفق سنوياً هو ٥٠٠٠٠٠ دولار. وبعثت شركة twofour54 الإماراتية التي كانت تحتضن المهرجان والصندوق، رسالة الكترونية تقول فيها أنّ شركة "إيمج نيشن" هي التي ستتولى "مهمة دعم صناعة السينما والإنتاج التلفزيوني والاستثمار فيهما، خصوصاً الإماراتية منها، وذلك من خلال شراكاتها القائمة وأنشطتها الإنتاجية في هذا الشأن". وكانت "إيمج نيشن" أعلنت العام الماضي أنها ستستثمر 400 مليون درهم في صناعة السينما والتلفزيون على مدى السنوات الخمس المقبلة. وبدأت مبادراتها بإنتاج فيلم "من ألف إلى باء" لعلي مصطفى و"زنزانة" لماجد الأنصاري و"ساير الجنة" لسعيد سالمين. وتلمّح الرسالة في طيّاتها، من دون إشارة مباشرة، إلى أنّ "إيمج نيشن" هي التي ستتولّى دعم السينما الإماراتية والعربية، وستكون المنصّة الوحيدة لتقديم هذا الدعم، بعدما كانت متفرقة وموزّعة ما بين "إيمج نيشن" وصندوق "سند". إذاً، وداعاً "سند" والخصوصية التي كان يتمع بها، سواء على صعيد الدعم أو الترويج أو الحضور في المهرجانات. فباب تلقي الطلبات الذي كان من المفترض أن يُفتتح في مطلع هذه السنة ظلّ مسدوداً، ومن الواضح أنّ الصندوق وقع ضحية الرغبة المستمرة في التغيير. هل هذا كلّه محاولة لاحتواء الضجّة الإعلامية (على نطاق ضيق طبعاً) في حال تم انتشار خبر التخلّي عن واحد من أبرز صناديق دعم الأفلام في المنطقة العربية على أن يتم تناسي الموضوع تدريجاً، أم أنّ الخطوة الجديدة تتسّم بالجدية مع انتقال "كلّ شيء" إلى يد "إيمج نيشن"؟ في انتظار جواب مقنع وخطة واضحة، ستبقى السينما العربية فاقدة واحدة من الجهات التي كانت تساندها.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم