الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"ليبانو غيت" فضيحة جديدة تهزّ الرأي العام وتطاول سياسيّين

المصدر: "النهار"
إيلده الغصين
"ليبانو غيت" فضيحة جديدة تهزّ الرأي العام وتطاول سياسيّين
"ليبانو غيت" فضيحة جديدة تهزّ الرأي العام وتطاول سياسيّين
A+ A-

لا تستهجنوا العنوان، فكل عناويننا صارت مضرباً للفساد والتلهي بالرأي العام، واستخدام لاحقة "غيت" - نسبة إلى فضيحة "ووترغيت" الشهيرة وما تلاها من فضائح اقترنت بالعبارة نفسها مثل "ايران غيت" – يعني الحديث هنا عن فضيحة التستّر الأكبر في الجمهورية اللبنانية. تُفتح ملفات وتُطوى بصمت: النفايات، قوى الامن الداخلي، #الانترنت غير الشرعي، الاتجار بالبشر، ملاهي #الدعارة، إشارات السير في #بيروت، استملاك قاعدة بحرية للجيش... كلّها قضايا فساد نخرت عظام دولتنا ومؤسساتها منذ زمن لكن السياسيين أرادوا فضحها في هذه الفترة تحديداً بما يثير الاستغراب والريبة. حرب جديدة من النوع البارد يخوضها السياسيون بعضهم ضد بعض من خلف متاريس "السوشيل ميديا"، مستعيضين بها عن جولات مسحلة أو حرب نخاف اندلاعها علنيةً. يتقاذفون التهم ويتبادلون الادعاءات بوقاحة غير عاديّة، على مرأى ومسمع شعبٍ فهم ان الفساد عمود الدولة ولصيق الكيان فلا يستطيع إسقاطه ولا زيحه عن كتفيه خوفاً من سقوط الكيان وحلول الفراغ التام. "ليبانو غيت" هي الفضيحة الأكبر بتورّط مزدوج: سلطة فاسدة تعرّي نفسها وشعبٌ صامت يتفرّج.


تلاعب ليس إلاّ


يرى الكاتب في صحيفة "النهار" ابرهيم بيرم في هذه الفضائح المتتالية "تعويضاً لعجز السلطة عن اجتراح اي افكار وحلول، بل تصفية حسابات مزمنة انما بمفعول رجعي، بخاصة أن عنصر تدوير الزوايا ومنع الانفجار غائب في الوقت الراهن"، ويعتبر "انها حروب صغيرة الكل مشارك فيها من دون اصطفافات بين 8 و14 آذار، بل هي جبهات تتنازع من داخلها". ويؤكد ان الامر طبيعي في ظل غياب رئيس للجمهورية وطول فترة انتظار انفراج الوضع في المنطقة اضافة الى ضعف القوى السياسية وعدم قدرتها على الاجابة عما يدور في المنطقة.


وعن المدى الزمني لهذه الحملات المضادة، يقول بيرم: "لن تحسم الأمور داخلياً، ولن تصل التحقيقات الى نهاياتها. بل سيُطاح بعناصر وضباط صغار ككبش محرقة في ملف الفساد داخل #قوى_الامن الداخلي مثلاً. بمعنى انه ستطوّق هذه الفضائح وستميّع مع الوقت وفق مبدأ المقاصّة بعد ان ينتهي الجميع من تصفية حساباته". ويعقّب بيرم على ملفات فساد شهيرة مثل فضيحة "بوما" في عهد الرئيس #امين_الجميل و"الكروتال" ومسألة تطهير الجسم الاداري في عهد الرئيس الراحل #رفيق_الحريري. ويجزم "انه ليس زمن القضاء على الفساد بل التلاعب بملفات الفساد وإلهاء الرأي العام عن قضايا اكبر".


"الزوج المخدوع"


يُسأل عن دور الاعلام في السبق الى كشف هذه الفضائح قبل أن يعرّيها أهل البيت نفسهم من السياسيين، ويصفه بيرم بـ"الزّوج المخدوع" وأنه "آخر من يعلم إذ نقتات كصحافيين من فتات ما يوزّعه المسؤولون وفق ارادتهم".


أما أستاذ البروباغندا الإعلامية في الجامعة اللبنانية والدكتور في علم النفس الاجتماعي نزار أبو جودة، فيجد في لجوء السياسيين إلى كشف الفساد عبر "#السوشيل_ميديا" مبرّراته، ويقول: "السبب الأول تقنيّ بامتياز إذ بات من السهل على السياسي أن يبث رسائله في مواقع التواصل وبسرعة بدلاً من الاتصال التقليدي بصحافيين لتمرير رسائلهم وما يتبع ذلك من تكاليف مادية ومعنويّة". ويعزو السبب الثاني إلى "انهيار مؤسسات الدولة وفقد الأخيرة هيبتها، ما سمح للسياسيين باللعب على المكشوف وبوقاحة فيما كانوا سابقاً يتقاسمون المؤسسات ويستفيدون من دون أن ينتهكوا مصالح بعضهم بعضاً، كما كانوا يمرّرون الرسائل بشكل مضمر على عكس ما يحصل اليوم". ويصف من قد تطالهم التحقيقات بالـ"بوك إيميسير" بالفرنسية أو كبش الفداء فيما للرؤوس الكبيرة حصانتها الميليشيويّة.


وعن غياب دور الإعلام التقليدي في كشف فضائح كهذه، يسأل أبو جودة "من يملك القسم الأكبر من #الإعلام؟". ويضيف "لئِن ما يُنشر بحرية عبر السوشيل ميديا يُصبح واقعاً ويتناقله الناس، يُصبح الإعلام مجبراً على نقله من دون تستّر، لكنه يتلاعب بالمعلومات عبر التركيز على كل ما لا يتنافى مع مصالح مموّليه".


"البقرة الحلوب"


كيف للشعب اللبناني أن لا يحرّك ساكناً في خضم الفضائح اليومية والملفات المكشوفة، فيما أدّى الكشف عن "#أوراق_بنما" على سبيل المثال - مع الإشارة إلى أنها نتيجة عمل صحافيين استقصائيين - إلى مظاهرات واحتجاجات شعبيّة في أكثر من دولة؟ يشرح أبو جودة "يعود سكوت الشعب لسيكولوجيا الجماهير التي تصاب بالإحباط والاستسلام إذ يذهب الفاسد ويأتي فاسدٌ أكبر منه، وهو أسوأ ما تنتجه الديموقراطية اليوم حيث عليك الاختيار بين السيئ والأسوأ. تماماً مثل فضيحة النفايات حيث ملّ الشعب بعد ثمانية أشهر من الأزمة". ولا ينفي "أن يكون الشعب دخل في دوّامة الاستفادة من الدولة التي يمكن وصفها بـ"البقرة الحلوب" سواء كان الزعيم قد قدّم وظيفة أو خدمة أو مالاً، ما يعني أنه يمسكك من اليد التي تؤلمك، تزامناً مع خوف الناس من تأمين الحاجات الأساسية". ويلفت إلى "أن بعض الأوساط الثقافية ترى أن حرباً عالمية ثالثة قد تنشأ بهدف تغيير الجيل الحالي الخاضع للسيستم العالمي الأقوى منه".


بين "سيستم" عالمي يلاحق الفاسدين ويعاقبهم و"سيستم" #لبناني خاص فريد من نوعه يبجّل الفاسدين ويعيد إنتاجهم، كان لافتاً في البيان الأخير للمكتب الإعلامي لوزير الداخلية والبلديات #نهاد_المشنوق ذكره أنّ "ضابطاً متقاعداً يتابع قضيّة #السّجون (ترميماً لقديمها وتدشيناً لجديدها) لكي تتسع للفاسدين على كثرتهم". فتأمّل أيّها الشعب خيراً، وتراجعا أيّها الرأي العام والإعلام فقد سبقكما السياسيون إلى التشهير بأنفسهم، أقلّه لفترة قادمة.


[email protected] 


Twitter: @ildaghssain


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم