الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"همبرغر" كانت ستحوّل منطقة بدارو ليل السبت الى ساحة جريمة (خاص"النهار")

احمد رميتي
"همبرغر" كانت ستحوّل منطقة بدارو ليل السبت الى ساحة جريمة (خاص"النهار")
"همبرغر" كانت ستحوّل منطقة بدارو ليل السبت الى ساحة جريمة (خاص"النهار")
A+ A-

لا شك في أن لبنان تأثر عن قصد أو غيره بالأحداث التي تدور في جواره، لا سيّما المعارك المتقطعة على الحدود اللبنانية – السورية، لكن بيروت وضواحيها وغيرها من المناطق الواقعة على خريطة هذا الوطن، شهدت منذ نحو عامين أحداث غامضة وصادمة، وسط شلل في مؤسسات الدولة، وغياب عناصر القوى الأمنية، التي تتوقف غالباً عن ملاحقة المجرمين والمطلوبين للعدالة، لكون نفوذهم مؤثر في الوسط الأمني والسياسي. وفي ضوء ما تقدمّ، ثمة أسئلة نضعها يرسم الحكومة اللبنانية بكافة أطيافها، والمنشغلة اليوم، بقضيّة الإنترنت غير الشرعي الذي تبيّن  أن أسلاكه ممتدة على طول الوطن. ومن ضمن هذه الأسئلة، وبُعيد مرور أسبوع على ذكرى الحرب الأهلية، ماذا تنتظر الدولة اللبنانية لإنزال أشدّ العقوبات بحقّ المخالفين للقوانين أياً كانت هوية الجهات السياسية التي تقف خلفهم، وإلى متى ستبقى البرامج التي تعرض على الشاشات المحليّة، تناقش ملفات ساخنة وقضايا اجتماعية مثيرة للجدل بسبب تقاعس الدولة عن قيامها بواجباتها وتورّط بعض أفرادها في ملفات الفساد، كشفت عنها مؤخراً الصحافة المكتوبة؟


رامي كاد أن يفارق الحياة


مرّة جديدة، المواطن اللبناني الباحث عن لقمة عيشه في محلات ومطاعم المدينة، يدفع ثمن منزلته المتواضعة في العمل. رامي (اسم مستعار، 21 عاماً) يعمل في مقهى ليلي في محلة بدارو في مدينة بيروت. لكن ما حصل أمس الأوّل السبت في هذا المقهى عند الساعة 10:30 مساءً، أثار جدلاً واسعاً بين أبناء هذه المنطقة المرموقة. على عاتق رامي الذي روى لـ"النهار" ما جرى ليل السبت-الأحد، مسؤوليات عديدة في المقهى، أبرزها تقديم الوجبات السريعة. حضر خلال هذه الليلة مجموعة من الشبان، تتراوح أعمارهم ما بين 20 – 23 عاماً. أحدهم جلس مع عدد من الاصدقاء في الحديقة الخارجية للمطعم، وقال لرامي الذي كان يزاول عمله بشكل طبيعي، إنه "سبق وطلب وجبة همبرغر"، فأجابه رامي إن "طلبه لم يَرِدْه بعد، وسيحاول تأمين وجبته في أسرع وقت ممكن"، فرد الزبون قائلاً: "يمكن إنت ما اسمعت إنى طلبت منك هيك"، أجابه رامي"أي صح يمكن"، فسأله الزبون "ليش عمتتسمسم عليّ"؟، أجاب رامي "أبداً ما عمبتسمسم"، فوجه له الزبون شتائم مهينة، ليسأله رامي عن سبب حديثه معه بهذا الأسلوب، فيرد عليه الزبون ومن دون سبب، بلكمة على ثغره أوقعته على الأرض وأفقدته السيطرة على نفسه. في هذه الأثناء، حضر أصدقاء الزبون الذين كانوا يجلسون خلفه على الطاولة، وأوسعوا رامي ضرباً مبرحاً، إلى أن بلغت الأمور ذروتها وكاد أن يُقتل رامي، بعد أن طعنه الزبون عينه مرّتين في خصره بواسطة سكين غير حاد كان موجوداً على مائدته، ولم يكتف بذلك، بل وخزه في رقبته وكاد أن يفارق الحياة.
تزامناً، حضرت القوى الأمنيّة التي كانت تتخذ إجراءات وتدابير أمنية احترازية في المنطقة على خلفيّة زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند لبيروت، فوراً إلى مكان الحادث واعتقلت شقيق المعتدي وأحد أصدقائه الذين شاركوا في الاشكال، فيما هرب المعتدي إلى مكان مجهول، ونُقل رامي من قبل زملائه إلى المستشفى .
وقال رامي إنه "سيستهل عمله بعد خروجه يوم غد من المشفى، لكونه يعمل في مؤسسة تحترم حقوق العاملين لديها"، مشيراً إلى أنه "تقدم بدعوى على الشخص الذي اعتدى عليه"، آملاً في أن "يأخذ القضاء مجراه ويحاسب المعتدي على أفعاله".
وأشارت مصادر في قوى الأمن الداخلي لـ"النهار"، إلى أنه تم اعتقال شقيق المعتدي وأحد أًصدقائه"، واعدةً بـ"إلقاء القبض على المعتدي وإن كان له علاقات ومعارف مع أيٍّ من الأطراف السياسية".
بدورها، إحدى شهود العيان، وفي وحديث إلى "النهار"، استغربت "ما حصل مساء أوّل من أمس السبت في منطقة بدارو"، مضيفةً أنها "شاهدت عندما كانت تتناول العشاء في المقهى الذي جرى فيه الحادث، أحد الزبائن يضرب عاملاً يحسن معاملة الضيوف بالسكين على وجهه، على خلفيّة شجار حصل بين الطرفَين لم يعرف سببه". وقالت إن "أحد أصدقاء المعتدي يملك سيارة ضخمة لوحتها الموضوعة من الأمام ذات ثلاثة أرقام". وتابعت أن "بعد وقوع الحادث بخمس دقائق، حضرت قوّة من الأمن الداخلي، تفقدت مكان وقوع الاشكال، وعملت على معاينة الكاميرات ومشاهدة ما جرى منذ بدايته، ما أسفر عن اعتقال شقيق المعتدي وأحد رفاقه الذين شاركوا في الهجوم على الضحية، إضافة إلى وضع السكين في كيس وأخذ عيّنات من بعض قطرات الدم سقطت من وجه المعتدى عليه على الأرض".


هل مفهوم الرجولية في حمل السلاح؟


اعتبرت الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة نفسيّة زينة زيربه، في حديث إلى "النهار"، أن "عدم الاستقرار النفسي يتولّد من جراء كيفيّة تعاطي القضاء حيال هذا الموضوع. ففي حال كانت العقوبات صارمة، يصبح لدى المواطن ثقة بالقضاء ويشعر بأن السلطات المختصة ستحصّل له حقه في نهاية المطاف، وأن المُذنب سيحاسب. لكن ثمة حالة عدم استقرار نفسي لدى اللبنانيين نظراً للتجارب السابقة، آخرها الرجل الذي قُتل على مرأى من عيني زوجته وعيون المارة في منطقة الأشرفية، ما يدفع كثرًا إلى تكرار أفعال كتلك"، مشيرةً إلى أن "ما أصاب المعتدي في بدارو، هو ردّ فعل مضطرب بسبب عدم قدرته على السيطرة على نفسه، أفضت إلى عدم قدرته عن التعبير عن أفكاره بشكل هادئ أو خوض نقاش بشكل بناء ومنطقي"، متسائلةً "هل مفهوم الرجولية في حمل السلاح أو الضرب"؟
ورأت أن "المشكلة الرئيسية في لبنان هي في كيفية تطبيق القانون، لأن ثمة ضوابط وقيم ثابتة لا تطبق كون القضاء غير مستقل عن السياسية، ما يسمح بحمل البعض السلاح واستخدامه في الاعتداء على الأبرياء العزّل"، داعيةً إلى "الاتصال بالصليب الأحمر اللبناني والقوى الأمنية فور وقوع حادث مشابه لما جرى في بدارو، وتصوير هذا الحادث بنيّة توثيقه ورفعه إلى الجهات القضائية المختصة، ما يردع المجرم عن تكرار أفعاله".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم