الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

هل تكرّس مفاوضات جنيف الشقاق الكردي- الكردي؟

زيور العمر- صحافي كردي سوري
هل تكرّس مفاوضات جنيف الشقاق الكردي- الكردي؟
هل تكرّس مفاوضات جنيف الشقاق الكردي- الكردي؟
A+ A-

يعتبر الكُرد السّوريون جملة المسائل والقضايا المطروحة على طاولة البحث عن حل للأزمة السورية بين وفدي النظام و المعارضة في #جنيف، خارج نطاق إهتمامهم، طالما أنها لا تؤمن حيزاً مهماً من النقاش والحوار حول مستقبل حقوقهم و مطالبهم.


و بدا واضحاً من ردود أفعالهم مدى قدرتهم على الاستنفار والندية، كلما تبيّن إجحاف الآخرين بحقهم، إن لجهة رفض أية صيغة تضمن لهم إستقلالاً ذاتياً في مناطقهم، أو تميزاً مجتمعياً خاصاً بهم، يحول دون هيمنة الآخر، القومي و الثقافي، عليهم.


ورغم وجود ما يشبه « الإجماع» في الأوساط السياسية والثقافية الكردية على أولوية القضية الكردية بالنسبة لها، و على أن فتح بابها والشروع في البحث عن حل وطني لها، يشكلا معياراً قيمياً و حقوقياً لتقييم جدية السعي إلى إيجاد حلول لباقي القضايا الوطنية الأخرى، إلا أن خاصية أخرى بهم، تكاد تطفو على السطح من جديد، تتمثل في تعدد خياراتهم و اختلافها و تناقضها، تحول، في أغلب الأحيان، دون توحيد طاقاتهم وإمكاناتهم السياسية والبشرية في بوتقة واحدة.


وبصرف النظر عن ما صرّح به رئيس وفد #المعارضة_السورية في جنيف اسعد الزغبي، من حيث التشكيك في موقف الكرد السوريين و مطالبهم و نسبة تعدادهم بالنسبة لعموم السكان في البلاد، فضلاً عن حملات الجماعات السورية المعارضة، السياسية و العسكرية، المناهضة لمشروع « الاتحاد الفيدرالي في روج آفا ـ شمال سوريا»، الذي أعلن عنه حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي وقوى كردية أخرى و بعض الجماعات العربية و المسيحية المتحالفة معه في 17 آذار الماضي، فإن بنود الوثيقة السياسية التي استخلصها المبعوث الدولي ستيفان دي مستورا من ورقتي النظام و المعارضة حول الحل السياسي في سوريا، شكلت مأزقاً حقيقياً بالنسبة للجماعات السياسية الكردية، على اختلاف توجهاتها و مشاربها، كونها جاءت مخيبة لآمال و تطلعات الكرد في سوريا، لخلوها التام من أية إشارة إلى القضية الكردية و موجباتها حلها، باعتبارها قضية تخص أكبر مكوّن قومي ثانٍ في البلاد، و يشكل، اليوم، بخلاف الماضي، قوة سياسية و عسكرية هائلة، لا يمكن الاستهانة بها و تجاهلها، في ظل سيطرتها على مساحة جغرافية واسعة في شمال البلاد.


وإذا كان المأزق الكردي مردّه، بالدرجة الأولى، الى نزعة المكابرة و الإستعلاء القومي، التي أوحت المعارضة بإمكانية مضاهاة النظام فيها، من حيث الاستمرار في تجاهل مطالب الكرد السوريين، و حقهم في اختيار صيغة سياسية و قانونية، تحول دون إعادة إنتاج سياسات و إتخاذ إجراءات مستقبلية مجحفة بحقهم، فإن باقي الأسباب الأخرى تخص القوى السياسية الكردية نفسها، التي ما تزال عاجزة عن تحييد خلافاتها و مشاكلها البينية، لصالح تشكيل وصياغة موقف كردي موحد: أولا بناءً على الإجماع الشعبي الكردي المطالب به، و ثانياً بالاستفادة من العوامل و الظروف المحيطة بالقضية الكردية في هذه المرحلة. و ما يثير الغرابة و يسترعي الانتباه من سلوك بعض الفصائل الكردية، أنها في الوقت الذي تشتكي من مواقف المعارضة السورية و تسويفها و تهربها من تعهداتها، و على أنها لا تختلف عن النظام السوري فيما يتعلق بالموقف من القضية الكردية، فإنها لا تجد حرجاً في البقاء في صفوفها، بل و قيام بعض ممثليها بالبحث عن حجج و ذرائع واهية، لتبرير ضعفها و هزالة موقفها، تحت هالة من الوعود المزيفة حول إمكانية تدارك الخطأ، الذي حدث جراء عدم إدراج بند خاص بالقضية الكردية في وثيقة الحل السياسي، في جولة المباحثات الخاصة بمناقشة صياغة دستور سوريا القادم، كما هو منصوص عليه جدول أعمال محادثات جنيف.


و مع ذلك، ثمة، اليوم، قلق حقيقي من أن حدة مواقف القوى الكردية تجاه بعضها، جراء قيام كل طرف بتحميل الطرف الآخر مسؤولية ما تمخضت عنها مباحثات جنيف، إلى الآن، فيما يتعلق بتجاهل تطلعات الكرد و حقوقهم، يمكن أن تتطور إلى صدام عنفي فيما بينها، ظهرت بوادره للتو مع كتابة عبارات التخوين بحق ممثلي «المجلس الوطني الكردي» في وفد المعارضة على جدران الأبنية في بعض المناطق الكردية، فضلاً عن قيام مؤسسة «عوائل الشهداء»، وهي مؤسسة تابعة لحزب «الاتحاد الديموقراطي»، برفع دعوة ضدهم بتهمة ارتكاب جريمة الخيانة القومية، بحجة و ذريعة أن هؤلاء كان من شأن بقائهم في وفد المعارضة أن يمنح الشرعية و الصفة القانونية للوثيقة السياسية التي أعلنها دي مستورا، و أنه كان عليهم الانسحاب من محادثات جنيف، و الاصرار على ضرورة مشاركة وفد كردي مستقل يمثل الكرد السوريين فيها، خارج وفدي النظام و المعارضة.


أمام واقع كردي راهن من هذا القبيل، يجهد شبان كرد سوريون في تنظيم الحملات الشعبية و المبادرات السياسية، بغية مساعدة الأطر السياسية الكردية على تجاوز خلافاتها، و تجسير الفجوات بين خياراتها المختلفة، و ذلك عبر إعادة المياه من جديد إلى مجرى الحوار فيما بينها، لحثها على صياغة موقف و إستراتيجية كردية سورية موحدة.


لذلك، فإن استمرار «المجلس الوطني الكردي» على موقفه المتمثل في البقاء في وفد المعارضة السورية في جنيف، رغم الاعتراض الشعبي الكردي، و إصرار حزب «الاتحاد الديموقراطي» على عدم إبداء المرونة تجاه المناشدات الداعية له، للإنفتاح على الأطر السياسية الكردية الأخرى، يفقد الكرد السّوريين ميزة «اللحظة التّاريخية »التي تطلعوا إليها؛ خصوصاً بعد أن بات «الخيار الثالث» الطريق الوحيد، فعلياً، الذي يمكن الرهان عليه، بعد أن سقطت كل الرهانات الأخرى في امتحان الاختبار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم