الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

باشلار كاتباً عن لوتريامون الشاعر العدوانيّ والعصبيّ

المصدر: "النهار"
باشلار كاتباً عن لوتريامون الشاعر العدوانيّ والعصبيّ
باشلار كاتباً عن لوتريامون الشاعر العدوانيّ والعصبيّ
A+ A-

من المناسب تماماً في الراهن أن نعود إلى الشاعر الفرنسي الكونت لوتريامون بحسب إسمه المستعار أو إسيدور دوكاس وفق هويته الفعلية، كأحد "أكلة الزمان" وفق ما يعاينه الفيلسوف غاستون باشلار، في كتاب خصّصه له وسماه وببساطة "لوتريامون". من الملائم اليوم، كما في كل الأزمنة، أن نعيد البحث في شاعر لا ينتمي إلى حقبة وإنما إلى جميع الحقبات.


يتمحور المؤلّف الذي نقله حسين عجة إلى العربية لدى دار "الرّوسم" أخيراً، على لوتريامون الشاعر - اللغز الذي لا تزال تكتنف حياته فسحات من الظلّ هو الذي توفي في عزّ شبابه، في الرابعة والعشرين.


لوتريامون هو أيضاً الشاعر المقلّ وإنما الشديد التأثير في القرن التاسع عشر، وهنا المفارقة، الشاعر الذي رسم على نحو ما ملامح الآداب الحديثة وترك بصمة لا لبس فيها، في الشعر ولاسيما السوريالي منه.


ينطلق "لوتريامون"، من تقديم للمترجم عجة حيث يتمهّل عند بعض ما جاء في "قصائد 1" و"قصائد 2" وحيث نقرأ الإستفهام التالي "هل أنت متعب من العيش أنت الذي بالكاد قد ولد؟" ليجري بعدذاك التمهيد لرحلة التقرّب من إسم أدبي إظهر عبقرية في الإبداع في وسط تمزقاته وصراخه والآثار العصبية-الإبداعية العظيمة التي تركها على طول جسد القرن العشرين عرضه، على ما يشير المترجم.
هل هنا نص بالعربية وفيّ وإلى حدّ بعيد للأصل الفرنسي يصرّ على وضع المرادف العربي إلى جنب التعبير الفرنسي في منهجية لا ريب انها ستسهل على القارىء المطّلع الذهاب أبعد من مساحة ما في متناوله، في حال رغب في ذلك.


في هذا المؤلّف المحوري في رصيد باشلار، ثمة إرادة، وعلى ما درج عليه الفيلسوف في أماكن أخرى، على إضافة شيء من المباغتة في كل فكرة ولا بدّ انها تستوقف المتكيفين مع الحالات الفلسفيّة العادية بفضل سمة الجدّة. هناك عند باشلار، وفي هذا العنوان تحديداً، حاجة إلى إعادة طرح المفاهيم، تحت نور غير مألوف.


أصدر باشلار "لوتريامون" كرونولوجياً في أعقاب عنوان آخر في منجزه وهو "التحليل النفسي للنار"، والحال انه يغوص ومنذ الفصل الأول "عدوانيّة وشعر عصبيّ" في أدق الدقائق، فينساق إلى الحديث عن مركّب حيوي عند لوتريامون هو مركّب الحياة الحيوانية والطاقة العدوانية، ثم يصل إلى المقارنة بينه وبين أحد أسماء القرن العشرين أي فرانز كافكا، في سياق فهم التسارع الحياتيّ. يجزم باشلار أن كافكا يعاني من عقدة لوتريامون السلبيّ الليلي والمعتمّ.


كتاب "لوتريامون" وفي فصوله الخمسة الإضافية المتمهّلة عند "كتاب حيوان لوتريامون" و"العنف الإنساني وعقد الثقافة" و"مشكلة البيوغرافيا" و"لوتريامون: شاعر العضلات والصرخة" و"عقدة لوتريامون"، يشرّح منجز الشاعر ويصل إلى خاتمة تعيده إلى حيث ينتسب فعلاً فنقرأ "كان لوتريامون متفوقاً على كلّ شعراء زمانه الذين عايشوا في غالبيتهم قصة اللغة الناطقة بصوتية كلاسيكية".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم