الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

مصر - السعودية: العبء والدور

امين قمورية
A+ A-

الاعلان عن "التطابق" في وجهات النظر المصرية السعودية ووصف العلاقات بينهما بأنها "استراتيجية" بعد زيارة العاهل السعودي للقاهرة، لا يحجب الالتباسات الكثيرة بين الدولتين ان في شأن التفاهمات العميقة على الملفات الاقليمية المشتعلة أم في شأن مستقبل التعاون المشترك على المدى البعيد.


القاهرة ينهكها القلق الاقتصادي ويشغلها عما هو استراتيجي. الرياض غارقة في الهموم الاقليمية حيث تنخرط بكل ما أوتيت في الازمات الملتهبة من اليمن الى سوريا مرورا بالعراق ولبنان والبحرين. ولكل من العاصمتين رهاناتها التي تعكس اولوياتها. وقبل الزيارة كانت الدولتان تختلفان على سوريا وسبل تسوية ازمتها وملحقاتها الكبيرة، وكذلك في اليمن حيث كانت الرياض تتوقع دوراً عسكرياً مصرياً مباشراً ولم تكن القاهرة مستعدة لمثل هذا الخيار الذي يذكرها بفشل التجارب التي سبقت نكسة 1967. وفي المشهد العام تبدوالسعودية كأنها تريد ان تمسك بالاوراق الاقليمية وحدها وان تمضي مصر خلفها بلا تفاهمات مسبقة، بينما يظهر الدور المصري مشلولاً حتى في الساحات التي يملك فيها القدرة على المبادرة.
ما الذي استجد كي تقفز العاصمتان فوق هذه الالتباسات وتكرسا في الزيارة تحالفاً حميماً جديداً بينهما؟
لعل تشغيل التوافق الاميركي - الروسي محركات الحل السياسي للازمة السورية بقوة، ينذر بانقلابات جذرية في موازين القوى وخرائط النفوذ في المنطقة من شأنه ان يضع كل اللاعبين الاقليميين أمام تحديات لا تصب في مصلحتهم بالضرورة او امام معطيات جديدة قد تكون على حسابهم, فتركيا التي يهددها "الارهاب" المزدوج ترى وجودها كدولة على المحك اذا حقق الاكراد حلمهم بدولة أو كيان مستقل. وايران التي ما كادت ترتوي بـ"نصر" الاتفاق النووي حتى بدأت تصاب بـ"عسر هضم" توسعها الذي بدأ يلقي عليها باعباء ثقيلة في اكثر من ساحة وخصوصاً في العراق وسوريا. اما السعودية فبدأت تتحسس انقلاباً سياسياً عليها في عقر دار حليفتها الاولى واشنطن حيث تتوالى الانتقادات القاسية لها مما قد يفقدها مكانة اميركية "خاصة" قد تنقل الى خصومها. ومثلها مصر التي لم تفلت من سهام الاميركيين وعقوباتهم المباشرة غير المباشرة منذ "ثورة عسكرها" على حكم "الاخوان المسلمين".
اعادة خلط الاوراق في المنطقة تعيد وصل ما انقطع بين المتضررين المحتملين حتى لو كانوا متخاصمين. وهكذا لايمكن السعودية استبدال مصر باي حليف آخر حتى تركيا التي جرتها الخيبة الى اعادة تأكيد علاقاتها مع ايران. مصر تحتاج الى الاستثمارات السعودية لـ"تزييت" ماكينتها الاقتصادية المعطلة، والسعودية تتطلع الى مساندة مصرية على مسرح الازمات السياسية. لكن المعضلة تكون عندما تقدم مصر اقتصادها على دورها الاقليمي، عندئذ لا ينهار الاقتصاد ويتبخر الدور فحسب، بل تخلو الساحة من الكبار وتصير ملعباً للعابثين والطارئين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم