الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الذكرى 13 لإطاحة صدام حسين... النظام الجديد يحوّل أحلام العراقيين إلى كوابيس!

المصدر: "النهار" – بغداد
فاضل النشمي
الذكرى 13 لإطاحة صدام حسين... النظام الجديد يحوّل أحلام العراقيين إلى كوابيس!
الذكرى 13 لإطاحة صدام حسين... النظام الجديد يحوّل أحلام العراقيين إلى كوابيس!
A+ A-

حلّت قبل يومين الذكرى الثالثة عشرة لإطاحة حكم الرئيس الراحل #صدام_حسين في التاسع من نيسان عام 2003، وبحلولها يكثر الحديث حول المفاضلة بين حكم صدام وحكم خلفائه الجدد من جماعات الاسلام السياسي. البعض، وتمثّله فئات المواطنين المتضرّرين لم تعد "مترددة" في القول بأرجحية العهد القديم وتفضيله رغم مساوئه، على حكم الجماعة السياسية التي حكمت البلاد بعد 2003، لجهة ما اتسم به عهد الاخيرة من طائفية وسوء الادارة وعنف. غير ان العهد الجديد لا يخلو من مؤيّدين مرتبطين بشبكة المصالح الحزبية، او متضرّرين بشدة من عهد البعث وخاصة الاكراد وقطاعات واسعة من الشيعة. ومع ان أوضاع البلاد المعقدة أنست الناس سؤال، ما اذا كانت لحظة التاسع من نيسان تحريرًا ام احتلالًا، الا ان عشرات الاسئلة المتعلقة بمصير البلاد، ما زالت تبحث عن إجابات مستحيلة.


يدرك الجميع حجم الفشل الهيكلي الخطير الذي يعانيه عراق ما بعد 2003. وهو فشل يصيب جميع مفاصل الدولة والمجتمع دون استثناء. لذلك ونتيجة شعور الجميع تقريبًا بالفشل، نراهم يسارعون هذه الايام لإعادة النظر بمحطات ثلاث عشرة سنة مضت، والسعي لتدارك وإصلاح ما يمكن تداركه وإصلاحه!
غير ان إدراك حجم المشاكل والرغبة في ايجاد الحلول لها، لا يمرّ عبر آليات عملية وموحدة تفضي الى نتائجها المرجوة. فلكلّ جماعة سياسية، سواء كانت ذات طبيعة طائفية او قومية رؤيتها الخاصة لمسار الاصلاح ومعالجة التصدّعات الحاصلة، وبدورها تنشطر تلك الجماعات الى جماعات ثانوية لها أولوياتها ومصالحها الخاصة ايضا. ويمكن من خلال متابعة المواقف السياسية من عملية التغيير الحكومي المرتقبة، الاحاطة بطبيعة التقاطعات العميقة بين المكونات العراقية المختلفة، فسنّة العراق مثلا، المنقسمون الى اتجاهات مختلفة، واستنادا الى ما يقوله كثير من ممثليهم في الحكومة والبرلمان، يرون ان الحصول على منصب وزاري لا يعادل بالنسبة لهم اولوية اعادة الشراكة الحقيقية في السلطة، ومعالجة مشكلة النازحين وطرد جماعات "داعش" من مناطقهم، وذلك بالتأكيد لا يلغي مطالبتهم بحصتهم من الكابينة الوزارية المرتقبة، على ان البعض يرى ان جميع الكتل والشخصيات- باستثناء مقتدى الصدر ربما- ورثت من نظام 2003، ما يمكن اعتباره وقوفًا بثبات وعزيمة عند "حق المكوّن" في الحكومة، برغم شعارات الإصلاح المزعومة ومحاربة نظام الفساد والمحاصصة. وغالبا ما يضمر الاصرار العنيد على "حق المكون" الرغبة بالحصول على حصة حزبية ثابتة من مغانم السلطة.
اكراد العراق المنقسمون الى اكثر من 5 اطراف رئيسية متصارعة داخل الاقليم، لم يبتعدوا عن حلقة "حق المكون" التي يدور بها نظراؤهم السنّة، لكن استقلالهم شبه التام عن بغداد، جعلهم اكثر وضوحا وقوة في التعبير عن مطالبهم، حيث نرى انهم نظروا الى قضية الاصلاحات الاخيرة من زاوية واحدة لا تتعدى المطالبة القاطعة بنسبة العشرين في المئة الثابتة لهم في حكومة بغداد. ولم يكونوا معنيين كثيرًا بعملية الاصلاح المتداولة في بغداد.
اما الجماعات السياسية الشيعية التي تقود عملية "الاصلاح" المعلنة هذه الايام، فلم تتمكن من مغادرة "لحظة التغانم" التي اسسها تاريخ 2003، واذا ما استثنينا السيد مقتدى الصدر الذي قاد مؤخرًا حركة احتجاج واعتصام كبيرة من اجل انهاء نظام المحاصصة ورفضه تمثيل كتلته في الكابينة الحكومية المقبلة، فإن بقية الاطراف الشيعية تحذو حذو نظرائها السنّة والاكراد، من حيث تركيز كل طرف على حصته الوزارية في الحكومة الجديدة. بل ان تلك الاطراف أجهضت الكابينة الحكومية التي قدمتها لجنة خاصة ألّفها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وقدمها الى مجلس النواب قبل عشرة ايام وتضمنت اسماء وزراء تكنوقراط ومستقلين. وأصرّت الكتل السياسية على استبدالها بأسماء وزراء من اختيارها، يتوقع ان يتم التصويت عليها في الايام المقبلة.
والخلاصة ان مجمل وجهات النظر التي تتبنّاها الكتل السياسية اليوم، تنتمي الى لحظة التأسيس المستندة على المحاصصة، وتاليا فهي تتقاطع وتناهض اي حركة اصلاحية تهدف الى مغادرة تلك اللحظة. لذلك نجد ان العراقيين عموما يشعرون بخيبة شديدة مع حلول الذكرى الثالثة عشرة لإطاحة حكم الرئيس الراحل صدام حسين، بعد سنوات من العنف وسوء الادارة والفساد، بحيث تحولت احلامهم عشية ربيع 2003 بحياة كريمة ودولة آمنة ومستقرّة الى مجرد كوابيس ثقيلة.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم