متى يخالف الاجهاض القانون وأي رقابة على الأطباء؟

إجهاض 200 جنين على يد طبيب، خبر هزّ الرأي العام اللبناني واستحوذ على اهتمام متابعي قضية الاتجار بالبشر التي صعقت الجميع بعدما خرجت الى العلن قصص أغرب من الخيال لتعذيب نساء وإجبارهن على ممارسة البغاء حتى من غير واق ذكري، فإجراء عمليات الإجهاض أمر بسيط طالما هناك طبيب جاهز للمهمة متى حضر "المريض".

الأكيد أن صدمة اللبنانيين ليس لكونهم سمعوا بوجود طبيب يجري عمليات قتل أجنّة وهم في أرحام أمهاتهم، فالجميع يعلم أن عمليات اجهاض في لبنان تحصل يومياً ولو كان القانون متشدداً لكبحَ ذلك، لكن هذه المرة الرقم كان كبيراً لفتيات حملن رغماً عنهن.
رياض عَلَم واحد ممن اتهموا بتخطي القانون، نكسوا قسم المهنة بحفنة دولارات، والنتيجة إقفال عيادته وختمها بالشمع الأحمر في انتظار صدور قرار بحقه ربما يصل الى منعه من مزاولة مهنته في لبنان أي شطبه من نقابة الأطباء. لكن هل علم هو الوحيد الذي يخالف القانون! وماذا عن العمليات المماثلة التي قد تحصل في الخفاء؟! هل كل عمليات الاجهاض ممنوعة في القانون اللبناني ومتى يحق للمرأة أن تُقدم على مثل هذه الخطوة؟

بين العلاجي والجرمي
ثمة نوعان من الإجهاض بحسب نقيب الأطباء أنطوان البستاني الذي شرح لـ"النهار" ان "الإجهاض العلاجي وهو المسموح، أما باقي عمليات الإجهاض فيعاقب عليها القانون بالسجن"، لافتاً إلى أن "مفهوم الإجهاض في لبنان لديه بُعد اجتماعي وديني يجب أن يبقى، وأن يستمر اعتبار هذا العمل جرماً يعاقب عليه القانون، وذلك على عكس اوروبا، فسمحت مثلاً فرنسا به وبات الامر أشبه بالتسلية".
" السبب الوحيد للاجهاض هو أن تكون حياة المرأة الحامل معرضة للخطر، وأحياناً تحصل اجتهادات في ضرورات رفع الخطر فالقانون اللبناني صارم في هذا المجال" بحسب الطبيب النسائي فيصل القاق، مضيفاً أن "هذا القانون يعود لأيام الجمهورية الفرنسية الاولى، فحتى اذا كان الجنين يعاني مشاكل تكوينية وعضوية أو تشوّهات يُمنع الاجهاض وان كان يحصل الأمر في الواقع بالتغاضي والتراضي".

لمواكبة التطور
لذلك يجب وفق القاق "إعادة النظر في الدواعي الجديدة والصور الصوتية التي لم تكن ظاهرة في السابق والاعتبارات النفسية والاسرية والاقتصادية. في عدد كبير من البلدان يتم أخذ هذه الاعتبارات، لكن في لبنان تحصل هذه العمليات تحت اعتبارات معينة غير موجودة في القانون، وذلك لجهة الواقع الاجتماعي أو الخطر على حياة المرأة".

وعن اعتبار البعض أن القانون اللبناني صارم ولا يواكب التطور، ردّ النقيب "صارم بالنسبة إلى العولمة أو الفلتان الذي يحصل بالمجتمعات، الأمر بحاجة الى دراسة، لكن يجب ألا ننسى أن #الاجهاض هو نزع روح وقتل إنسان وفي حال حصل لا يحق لنقابة الأطباء ان تتدخل الا بشكوى سواء من القضاء او من المعنيين بالامر، عندها تشكل لجنة تحقيقات وبحسب ما تتوصل اليه يحال الطبيب على مجلس تأديبي او لا".

عقوبات صارمة
ولأن الإجهاض جرم تحصل هذه العمليات بالخفاء لذلك لا يمكن تحديد عددها، وهناك عدة مواد تتحدث عنه في قانون العقوبات اللبناني الذي يميز في ما اذا كانت المرأة هي التي أجهضت نفسها فيعتبر الامر جنحة تصل عقوبتها الى 3 سنوات، ويعتبرها جناية اذا طرحت على يد طبيب من دون رضاها او برضاها وادى الأمر الى موتها، بحسب المتابعة القانونية لملفات الاتجار بالبشر في منظمة "كفى" المحامية نوهانا اسحاق التي لفتت إلى أن "كل امرأة طرحت نفسها بما استعملته من الوسائل أو استعمله غيرها برضاها تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات بحسب المادة 541 من قانون العقوبات اللبناني الذي نص في المادة التي تليها على أن من أقدم بأي وسيلة كانت على تطريح امرأة أو محاولة تطريحها برضاها عوقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات. وإذا افضى الإجهاض أو الوسائل التي استعملت في سبيله إلى موت المرأة عوقب الفاعل بالأشغال الشاقة من أربع إلى سبع سنوات".

المادة التي تطبق على الطبيب 
واضافت "تكون العقوبة من خمس إلى عشر سنوات إذا تسبب الموت عن وسائل أشد خطراً من الوسائل التي رضيت بها المرأة. في حين نصت المادة 543 أنه من تسبب عن قصد بتطريح امرأة دون رضاها عوقب بالأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل. ولا تنقص العقوبة عن عشر سنوات إذا افضى بالإجهاض أو الوسائل المستعملة إلى موت المرأة".
بالنسبة إلى الطبيب رياض علم تطبق عليه بحسب اسحاق "المادة 546 التي تنص على أنه اذا ارتكب الجنحة طبيب أو جراح او غيرهما من المختصين الطبيين يمنع من مزاولة المهنة ويمكن للحكم إقفال المحل".
نعم، القانون اللبناني صارم بمواده لكن هل ينسحب الأمر على تطبيقه؟ وهل سيكون رادعاً لشبكات دعارة باقية تعتبر الإنسان سلعة رخيصة؟