الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

فيديرالية الكرد في سوريا الحلم الذي يتحقّق

المصدر: "النهار"
زانا عمر- صحافي كردي سوري
فيديرالية الكرد في سوريا الحلم الذي يتحقّق
فيديرالية الكرد في سوريا الحلم الذي يتحقّق
A+ A-

تم إعلان الفدرالية وتحوّلت جنيف من مدينة تحتضن مفاوضات السلام بين وفدي المعارضة والنظام الى منبر للتهديد والوعيد الموجّه للكرد في "إقليم روجافا الفيدرالي".


وتكرّرت التجربة العراقية في تشابه خلفيات الأطراف المتصارعة في الحرب السورية (كرد – سنّة – علويون) مع اختلاف الدعم الاميركي في التجربة السورية عن أختها العراقية بين المعلن في العراق والمبهم في سوريا.
الا ان أقصى ما كان يتمناه الكرد قد تحقّق على الأرض، حين جرت رياح التغيير كما اشتهوها. ودفع رفض المعارضة والنظام على حد سواء مشاركة الكرد في جولات المفاوضات رياح التغيير بعكس ما تمنّاه كلاهما.


ماذا لو كان الكرد مشاركين في المفاوضات :


رغم مشاركة "المجلس الوطني الكردي" المنضوي ضمن الائتلاف المعارض في مفاوضات جنيف، الا ان مشاركته هذه لم توسم على انها مشاركة كردية، وأصبح التصوّر السائد لدى الدول الغربية ان القوة السياسية الكردية وقواتها المتمثلة بوحدات حماية الشعب الكردية YPG هم من يمثلون الكرد سياسياً وعسكرياً، باعتبارها القوة الاكثر تنظيما وسيطرة على الارض وشركاء التحالف الدولي الأساسيون في الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابية.
ماذا لو لم يحصل ذلك؟ لو شارك الكرد في جنيف لكانوا ملتزمين بمخرجاتها مثل وقف "الأعمال العدائية" و"وثيقة المبادئ" التي أعلنها ديمستورا، الا ان أي شيء من هذا لم يتحقق.



استفادت "حركة المجتمع الديمقراطي" من رفض المعارضة حضورها في جنيف انها غير ملتزمة بأيّ شيء مما سبق، لذلك كانت الطريق مفتوحة أمامها تماما للبدء بخطوات احادية الجانب، وفرض امر واقع يشبه تماما واقع اقليم كردستان العراق في فترة التسعينيات مع بعض الاختلاف. وفي المرة الثانية استفادت حركة المجتمع الديمقراطي الكردي من القناعة الغربية بأن حرمان حزب الاتحاد الديمقراطي من الاشتراك في المفاوضات هو استبعاد للكرد، فدقّت بذلك اسفيناً آخر في نعش المجلس الوطني الكردي المدعوم من حكومة اقليم كردستان، وخرج المجلس الكردي بمظهر الضعيف وغير القادر على تمثيل الكرد، وكانت الطامة الكبرى بالنسبة للمجلس هي ترحيب رئاسة الاقليم ممثلة بالرئيس مسعود البارزاني بخطوة الفيديرالية في روجافا كونها الحل الأمثل لسوريا المستقبل.



الموقف الأميركي: رفض تكتيكي ودعم استراتيجي
بادرت وزارة الخارجية الأميركية الى التصريح انها "غير معنية" بما طرحه الكرد في سوريا، وأعلنت وزارة الدفاع أن اعلان الكرد لاقليمهم الفيديرالي "شأن داخلي سوري" لا يؤثر على تحالفهم مع المقاتلين الكرد في الحرب على الإرهاب.
قرأ كل من الكرد والمعارضة التصريحات الأميركية بشكل مختلف. اختارت المعارضة سماع تصريحات الخارجية الأميركية، بينما فضل الكرد سماع تصريحات وزارة الدفاع الأميركية. وفي الحالتين فإن الولايات المتحدة الأميركية راعية مفاوضات جنيف لذا لا بد لها ان تظهر بمظهر من يدعم تلك المفاوضات بكل قوة، ولا بدّ لها من تهيئة مقدمات نجاحها، ولذا صرحت الخارجية الأميركية بتصريح كهذا، وهذا ما فهمه الكرد من ذلك التصريح. أما قول وزارة الدفاع بأن هذا شأن داخلي وأنهم ممتنون للمقاتلين الكرد في حربهم ضد داعش فهو تقرير لأمر واقع.
المقاتلون الكرد مستمرون في مشروعهم والتصريحات الأميركية حيال مسألة الفيديرالية في الشمال السوري تبادل أدوار أكثر من كونها تناقضاً.


 


تركيا وسياسة الضفدعة
#تركيا في طنجرة التغييرات الرهيبة على نار الحرب السورية، والمياه لم تعد فاترة بل بدأت بالغليان مع اعلان الكرد الفيديرالية. جنّ جنون الضفدعة التركية، لكنها كانت قد تأخرت ولم تعد تستطيع بلوغ الحافة والقفز خارج تداعيات الحرب السورية.
امام الأتراك غير "الاردوغانيين" طريقان لا ثالث لهما: إمّا الاعتراف بالكرد واستئناف عملية السلام مع الكرد، وإنقاذ تركيا الدولة من مستقبل مظلم، أو متابعة السير في هذا المستنقع، وفي تصريحات أحزاب المعارضة التركية ما يصب في هذا المجرى حين تتهم ارودغان باقحام تركيا في الحرب السورية وتداعياتها السلبية على تركيا نفسها.
للأسف، فإن المعارضة في تركيا أضعف من أي وقت سابق، لأن نفوذ الحزب الحاكم أقوى من أي وقت سابق في تكراره تجربة اتاتورك بنسختها القومو-إسلامية ، وعليه فإن الاحتمال الثاني هو الأقرب، أعني دخول تركيا في حرب أهلية. وقد نشهد في الربيع الجاري تزايداً في وتيرة الحرب التي يشنّها الجيش التركي على المدن الكردية في تركيا، الأمر الذي يترقبه المقاتلون الكرد ويتأهبون له مع بدء ذوبان الثلوج في جبال كردستان.
وعندئذ لن يكون من الغريب ولا المفاجئ أن يشهد العالم كله مع انهيار أحلام السلطنة "الأردوغانية" انهيار الدولة التركية ذاتها وتفتتها إلى عناصرها الأولية.


 


المناطق المتنازع عليها :
اجتمع مئتا ممثل عن كافة مكونات شمال سوريا (روج آفا) في مدينة " رميلان " وتمخّض اليوم الثاني من اجتماعهم عن إعلان (الفيدرالية الديمقراطية لروجافا– شمال سوريا).
من بين الحضور، ممثلون عن منطقة "الشهباء" المنطقة الواقعة بين مدينتي كوباني وعفرين، التي ما زال قسمها الاكبر تحت سيطرة داعش وحدودها من جهة عفرين تحت سيطرة الكتائب الاسلامية وجبهة النصرة "القاعدة ". سعت حركة المجتمع الديمقراطي من وراء تمثيل تلك المنطقة الساخنة إلى إرسال رسالة الى كافة الاطراف مفادها ان أراضي الاقليم الفيديرالي الناشئ تمتد على بقعة جغرافية متصلة من اقصى شمال شرق سوريا في المثلث السوري – العراقي - التركي مرورًا بتل ابيض وكوباني وجرابلس وصولاً الى عفرين متجاوزة بذلك الخط الأحمر التركي المتمثل في نهر الفرات.
"الشهباء" منطقة نزاع ساخن تتصارع كل الاطراف في سوريا-بما فيها النظام نفسه- على هذه المنطقة . الا ان المقاتلين الكرد هم من فاز بالكعكة، حين عبروا نهر الفرات في تاريخ سابق كما هو معلوم.
تقول آخر المعلومات الواردة من جبهات الفرات وعفرين أن الايام القادمة ستشهد تقدّم القوات الكردية، مدعومة بطائرات التحالف الدولي من محورين: الأول انطلاقاً من سدّ تشرين باتجاه منبج، والثاني من عفرين على أن تلتقي القوّتان في منتصف الطريق الواقعة في جنوب جرابلس، ومن ثم التقدم شمالاً لتحرير جرابلس.



أما المناطق التي تسيطر عليها الكتائب الاسلامية مثل #أعزاز فستبقى عقدة تلك المنطقة، لا سيما أن هذه الكتائب تحظى بدعم تركي–خليجي معلن، وهم ممثلون في وفد المعارضة في محادثات جنيف. الا ان القادة الكرد قد قرأوا الوضع الجيوبوليتيكي للمنطقة بشكل دقيق في وقت سابق، حين سيطروا على "تل رفعت" وفتحوا جبهتهم مع داعش جنوبي اعزاز، ولذلك ومع اسوأ الاحتمالات ربط الكرد عفرين بكوباني دون اقتحام اعزاز التي يبدو أنها ستبقى منطقة متنازع عليها لأمد غير معلن.
الاقليم الكردي بانتظار اقرار اللامركزية وتوافق الاطراف في سوريا على صيغة التحول السياسي، وحينها سيدخل الكرد في المفاوضات السورية بشكل اقوى من أي وقت سابق، ولن يفاوض الكرد على اقليمهم الفيديرالي، بل على الاستجابة لطلب العون من قبل شركائه في الوطن لتحرير الرقّة ودير الزور السوريتين.


اقليم روجافا الفيديرالي- شمال سوريا وفرص الاستمرار:
بين الاقليم الفيديرالي المعلن وتركيا ثمانية معابر حدودية مغلقة تماما. والشريان الوحيد للاقليم هو معبر بيشخابور-سيمالكا مع اقليم كردستان العراق. وكلما زادت مكتسبات الكرد في سوريا تزايدت أهمية هذا المعبر وتزايد معها حجم الضغط السياسي والاقتصادي الممارس من قبل سلطات اقليم كردستان العراق على اشقائهم الكرد في إقليم روجافا الفيديرالي على الضفة الأخرى.
هذا المعبر اليوم أحد أهم أوراق المساومات بين القوتين الرئيستين على الصعيد القومي الكردي: "حزب العمال الكردستاني" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني". ومع تزايد المكتسبات الكردية تتزايد معها ضرورة التوافق الكردي – الكردي التي طالما لعبت سياسة المحاور الاقليمية دوراً رئيسياً في إفشالها بيد الكرد أنفسهم.
يخيّل إن ابتعاد اقليم كردستان العراق عن المحور التركي أحد العناصر الرئيسية في هذا التقارب المأمول وكلما تضاعفت مكتسبات حلفاء العمال الكردستاني في سوريا تتضاعف فرص هذا التوافق أكثر. وبالفعل فقد بدأت بعض المؤشرات تلوح في الأفق حول سعي خجول من حكومة إقليم كوردستان العراق إلى الانفلات من فلك حكومة العدالة والتنمية، فقبل أسابيع طلبت حكومة اقليم كردستان العراق قرضا ماليا من ايران، وأرسلت روسيا كذلك الى قوات البيشمركة الكردية أسلحة وذخائر.
لا شك أن الاقليم الكردي الناشئ في شمال سوريا بحاجة الى الاقليم الكردي المخضرم في العراق على أكثر من صعيد، وهذا ما ينبض به الشارع الكردي على جانبي دجلة فهذا الشارع تواق إلى توافق الحزبين الكبيرين على الأقل في هذه المرحلة الحرجة، وريثما يتم عبور عنق الزجاجة بسلام .

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم