الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

عن العنصرية والإقصاء السياسي في الكنيست

المصدر: النهار
سوسن أبوظهر
عن العنصرية والإقصاء السياسي في الكنيست
عن العنصرية والإقصاء السياسي في الكنيست
A+ A-

ليل أمس الاثنين فتحت الكنيست الاسرائيلية الطريق أمام التخلص من أعضائها العرب، وإن بغالبية هزيلة، وذلك في ما قد يكون مقدمة للتخلص من التمثيل الفلسطيني المحدود داخل مؤسسة التشريع الاسرائيلي.


بالقراءة الأولى، مُرر مشروع القانون بـ59 صوتاً في مقابل اعتراض 53، وهو يتيح تعليق عمل عضو الكنيست بعد جمع غالبية 90 نائباً من 120 لتلك الغاية. وهدفه من يقومون بـ"نشاطات أو أقوال معادية للدولة" و"يرفضون حق الكيان في الوجود كدولة يهودية وديموقراطية والذين يحرضون على العنصرية أو يدعمون عدواً في حال حرب مع الكيان أو منظمة إرهابية"، وكل من يمارس "سلوكاً غير مناسب لمكانته كعضو كنيست".
ويسترعي الانتباه أن تعبير "دولة يهودية" يضفي شرعية قانونية على كل أشكال التطهير العرقي، من المستوى السياسي، وصولاً إلى الاقتصاد والتعليم والهوية الوطنية والسياسية والقضم الاستيطاني وهدم المنازل وإتلاف المحاصيل الزراعية. وإلى تهديده وجود الآخر، "الأغيار" بلغة اليهود المتشددين وهم أصحاب الأرض من المسيحييين والمسلمين، فإن تعابير النص الفضفاضة من قبيل "التحريض على العنصرية" و"دعم عدو" و"سلوك غير مناسب" تفتح الباب أمام كم أفواه النواب من عرب 48 في كل مناسبة تتطلب منهم تحركاً مثل الدفاع عن أسرى موقوفين من دون مسوغات قانونية، ومحاولات تخفيف حدة الحصار لغزة، وهو متعدد الأوجه بما فيه قطع الكهرباء والمياه، إلى التصدي للمحاولات المتكررة لاقتحام المسجد الأقصى وسواها من مشاهد المعاناة اليومية للفلسطينيين.


وهذا التشديد المتزايد على "دونية العرب"، مسلمين ومسيحيين، تجلى واضحاً قبل أيام في قول الحاخام الأعلى لليهود الشرقيين يستحاق يوسف إن "غير اليهود، لو عاشوا في اسرائيل، يجب أن يكونوا خدماً لليهود"، وتحريضه على قتل الأولاد الفلسطينيين باعتباره "فريضة دينية".
والمشروع الإقصائي في الكنيست، وهو من بنات أفكار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، جاء رداً على زيارة النواب جمال زحالقة وحنين زعبي وباسل غطاس لعائلات فلسطينية تطالب باسترداد جثامين أبنائها ممن كانوا نفذوا عمليات في الهبة الشعبية الأخيرة في القدس وقضوا بالرصاص الاسرائيلي. ومُنعت زعبي سابقاً من المشاركة في نقاشات الكنيست وجلساته لأربعة أشهر، وغطاس وزحالقة لشهرين. ومعلوم أن بعض الجثامين مُحتجز منذ أشهر، ولا تزال الأوامر الحكومية تقضي بعدم تسلميها حتى لا تتحول الجنازات مناسبات جديدة للمزيد من الغضب الشعبي الفلسطيني في الضفة الغربية، خصوصاً أنها تعود لـ15 شاباً على الأقل من القدس والخليل وقلقيلية وسفليت وقرى أخرى. وكان ذوو هؤلاء لجأوا إلى المحكمة العليا للتحايل على قرارات نتنياهو لاستصدار أمر قضائي يسمح باستعادة الجثث ومواراتها بسلام.


لكن الإجراء الجديد في الكنيست مثير للجدل حتى بين الاسرائيليين أنفسهم، وقد انتقدت وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني أبعاده السياسية بينما أشار خبراء قانونيون إلى أنه بمثابة تعديل للقانون الأساسي للبرلمان الاسرائيلي، وتالياً فإن إقراره يتطلب 61 صوتاً على الأقل، وحتى 91 في نظر المستشار القانوني للكنيست إيال ينون. ومع ذلك، فإن القرار السياسي اتُخذ، ونتيناهو ماض في حشد كل ما يلزم وإبرام كل المناورات السياسية لإسكات الصوت الفلسطيني داخل المؤسسات الاسرائيلية بذريعة مكافحة ما يسميه إرهاباً.
ونقل موقع "القدس.كوم" عن رئيس "الحركة العربية للتغيير" أحمد الطيبي أن تعريف "النشاطات والأقوال المعادية" غير محدد، مما يتيح للنواب الاسرائيليين التلاعب بالألفاظ للتخلص من الممثلين العرب بسهولة. وقال :"إن قانوناً يمر بغالبية 59 صوتاً يشكل فشلاً ذريعاً لنتنياهو. هذا يوم أسود للعلاقة بين الغالبية والأقلية. شاهد العالم برلماناً فيه غالبية شرسة ورئيس حكومة يهرول نحو هاوية كلها كراهية وإقصاء". وأشار إلى أن النواب العرب سيلجأون إلى المحكمة العليا لو مر المشروع في القراءتين الثانية والثالثة لوقف التطهير السياسي بعد التطهير العرقي، وقد يذهبون إلى الاستقالة لتعطيل الكنيست والإخلال بتوازنات كتلها. واتهم النائب زهير بهلول رئيس الوزراء الاسرائيلي باستخدام القانون "لسلب الأعضاء العرب في الكنيست حقهم في ممارسة الديموقراطية وتمثيل ناخبيهم".


ولم يستبعد زميلهما عيساوي فريج شهر التشريع نفسه سلاحاً في وجه اليسار الاسرائيلي وقلة قليلة لا تزال تعمل لتحقيق السلام وحل الدولتين وتحسين الظروف السياسية والمعيشية للفلسطينيين.
وفي الجلسة نفسها، ناقش البرلمان الاسرائيلي تعديلاً قانونياً لتشديد العقوبات على الناشطين الفلسطينيين القُصر يتيح سجن من يبلغون الرابعة عشرة من العمر، وذلك في مخالفة فاضحة للتشريعات الدولية وتعريفات الأمم المتحدة.
وكانت الكنيست ذهبت أخيراً إلى اعتماد الكثير من التشريعات المتشددة رداً على الهبة الشعبية الفلسطينية التي بدأت في تشرين الأول، من قبيل إجازة حمل السلاح للحراس حتى بعد انقضاء أوقات عملهم في إطار "مكافحة الإرهاب"، والبحث في نقل الباقين من يهود أثيوبيا إلى اسرائيل ومحاولة تعديل قانون الإعدام ليشمل ناشطين وأسرى فلسطينيين. كما فشلت لجنة مراقبة الدولة في وقف الانتهاكات التي تتعرض لها قرى البدو في النقب من الهدم وعدم الاعتراف والغزو الاستيطاني.


ومن المفارقات أن هذه الكنيست نفسها التي تمرر تشريعات إقصائية صادقت على اختيار 22 آذار يوماً خاصاً لمناهضة العنصرية. يا للعجب!
[email protected]
twitter : @SawssanAbouZahr


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم