الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا تقول أزمة "السفير"؟

المصدر: "النهار"
مي عبود ابي عقل
ماذا تقول أزمة "السفير"؟
ماذا تقول أزمة "السفير"؟
A+ A-

لم يصدق احد أن طلال سلمان قد يتوقف فعلا عن اصدار جريدة #السفير.. لكن يبدو انه سيفعلها.


البعض اعتقد ان الامر مناورة، فكيف له ان يتخلى عن موقعه وصفته كصحافي كبير، وعن مركز سلطة يعطيه نفوذا اجتماعيا وسياسيا ومعنويا؟!.. لكنه اتخذ القرار الذي فاجأ الجميع، ولا ريب في انه درسه بتأن قبل اعلانه والاقدام عليه.


في افتتاحيته في "السفير" يوم الخميس الفائت تحت عنوان "مقتلة #الصحافة في وطن الأرز والاشعاع"، عدد ناشرها اسبابا عدة سياسية وفكرية واعلانية واقتصادية وورقية عربية ومحلية ، اعتبر انها "أوصلت الاعلام اللبناني المرئي والمكتوب الى حال الوهن لا بل العجز التي يعيشها"، في ما يبدو اسبابا موجبة لاقفال صحيفته. الاسباب نفسها تنسحب على كل وسائل الاعلام الاخرى، مرئية ومكتوبة ومسموعة، فهل الحل باقفالها كلها؟ وما مصير عشرات آلاف عائلات العاملين في قطاعات الاعلام والطباعة والتوزيع والاعلان وغيرها المرتبطة بها؟ وما مصير مئات الخريجين والخريجات في كليات الصحافة في لبنان؟ هل ضاع مستقبلهم وانعدمت فرص عملهم؟ هذا إلى جانب ضياع مساحة التعبير والحرية التي يتمتع بها الاعلام اللبناني في محيطه العربي، على الرغم من كل الظروف والضغوط التي يتعرض لها، فهل سنفقدها ايضا؟ وهل يمكن أي انسان أن يتخيل انه لن تكون بين يديه يوما ما جريدة ورقية يتلمسها ويقرأها ويقلب صفحاتها؟ وهل تكفي اي شاشة ثابتة او محمولة للاستمتاع بقراءة اي موضوع كان؟ وهل الصحيفة غير ضرورية وليست ذات شأن عندما تتعثر وتحتاج الى القليل من التضحية والمال؟ وفي كبوتها، على المحررين والموظفين ان يتحملوا الوزر وحدهم؟
ماذا يفعل طلال سلمان بخطوته هذه؟ وماذا يريد ان يقول للصحافيين؟ ضبوا اقلامكم، اغلقوا مكاتبكم واذهبوا الى بيوتكم، وتحملوا نتائج هذه الأزمة وحدكم؟


ما يجري في "السفير" هو نموذج او مقدمة لما سيطاول صحفا ومجلات ووسائل اعلام أخرى من اقفال وتشريد عائلات. ولا يكفي "دفع التعويضات والحقوق المقدسة" للعاملين فيها، وهي حقهم القانوني والانساني ولا منة لأحد عليهم فيها، ومهما كبرت فهي الى زوال حتمي وسريع في ظل هذا الغلاء ومتطلبات الحياة، ولا بركة فيها لتدوم. وستكر السبحة بعدها وتتبعها صحف أخرى. من هنا ضرورة التحرك الفوري الرسمي الحكومي والنيابي والنقابي وعقد مؤتمر وطني لمناقشة وضع الاعلام بالعمق، ومأزق الصحافة المكتوبة خصوصا بكل اوجهه، ووضع خطة انقاذ تتصدى للأزمة التي يمر بها، وتبحث في سبل تأمين ديمومة العمل الصحافي واستمراريته، بما يكفل كرامة الصحافي ولقمة عيشه من جهة، وصمود المؤسسات الصحافية ورقيا وإلكترونيا من جهة ثانية، ويؤمن دوام رسالة لبنان الفكرية والثقافية والاعلامية ودوره في هذا الشرق الحزين. هذا ادنى واجبات الدولة، اذا وجدت، فهل من يعي ويشعر ويتحرك؟


[email protected]
Twitter:@mayabiakl

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم