الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

روسيا لم تنسحب والنظام يبحث عن شهادة "حسن سلوك" في تدمر... ماذا عن الهدنة؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
روسيا لم تنسحب والنظام يبحث عن شهادة "حسن سلوك" في تدمر... ماذا عن الهدنة؟
روسيا لم تنسحب والنظام يبحث عن شهادة "حسن سلوك" في تدمر... ماذا عن الهدنة؟
A+ A-

لم يكن موقف الاتحاد الاوروبي هذه المرة بعد هجمات بروكسل مشابهاً لموقف فرنسا بعد هجمات باريس، خصوصاً حين اهتم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند آنذاك بأولوية الارهاب والابتعاد عن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، فما قالته مسؤولة السياسة الخارجية الاوروبية فيديركا موغريني لممثل النظام بشار الجعفري كان واضحاً. هي اهتمت أولاً بالتشديد على أهمية الانتقال السياسي الذي يرفض النظام الخوض فيه، ودعمت موقف أوروبا المعارض للنظام بقولها: "موقفنا من النظام معروف وحين أشدد على اهمية الانتقال السياسي، اعتقد ان كلامي واضح ما يكفي". وبالتالي بات واضحاً جدية التعاطي مع الملف بزيارة مسرعة من وزير خارجية أميركا جون كيري إلى موسكو والخروج والكشف عن إرادة اميركية – روسية بمشروع دستور جديد لسوريا في آب.


ويبدو أن الحلّ السياسي لا يزال يفرض نفسه على الأزمة، ويحاول النظام استغلال هذه المرحلة بأمرين، الأول سياسي باهتمامه بالانتخابات النيابية في 13 نيسان ليعطي المزيد من الشرعية لنظامه، علما ان هذه المسرحية لن تقلّ سخرية عن التجربة السابقة للانتخابات الرئاسية في بلد مجزأ عسكرياً، الثاني: شهادة حسن سلوك وبراءة ذمة من الارهاب بتصويب عملياته العسكرية على "داعش" وكان ذلك واضحاً في هجومه على تدمر.


أما فصائل المعارضة وخصوصا المعتدلة، فهي تحاول بذل المستحيل للحفاظ على الهدنة واقتصار ضرباتها مع النظام على الردّ على أيّ خرق، وايضاً تبتعد الفصائل الاسلامية عن اي معارك واسعة او حقيقية خوفاً من وضعها على اللائحة السوداء أو الارهابية، إذ بات واضحاً وجود إرادة دولية حاسمة تريد إطالة عمر الهدنة.


استغلت روسيا المرحلة وبعدما اختبرت كل اسلحتها الفتاكة بالسوريين ودفعت النظام إلى التقدم أعلنت عن انسحابها، إلا ان الواقع يثبت أنها لا تزال موجودة وتقتصر كلمة "انسحاب" على عودة مجموعات كبيرة من المقاتلين وبعض طائرات "سخوي"، ويبدو مقتل أحد الضباط الروس في تدمر أكبر دليل على الوجود الروسي على الأرض، وبعيدًا عن الأجواء السياسية الدولية الجدية، ما هو حال الميدان بعد الاعلان عن هذا الانسحاب؟


الأنظار على تدمر


بالنسبة إلى اللواء المتقاعد فايز الدويري فإن "التغيير الرئيسي بعد الانسحاب الروسي يحصل في ريف حمص الشرقي أو الجنوبي الشرقي، لأن الاقتتال في منطقة جبلي الاكراد والتركمان لا يزال مستمرا لكن بضوابط معينة وأشبه بعمليات كرّ وفرّ، أما في ريف درعا فالقتال ليس مع قوات النظام بقدر ما هو مع لواء شهداء اليرموك الذي يحاول السيطرة على بعض المناطق ومن ثم احتواء الأمر".


نجح النظام اعلامياً بجذب الانظار إلى تدمر، فهو اليوم وبعد انشغاله بضرب المعارضة المعتدلة قرّر تبييض صفحته، ويقول الدويري: "القتال في القريتين وعلى مشارف تدمر والوصول إلى المناطق الاثرية جاء نتيجة حملة جوية مكثفة منذ اسبوعين من روسيا وقوات النظام، خصوصا ما يسمى بـ"صقور الصحراء" وقوات النخبة في حزب الله وقوات تابعة لإيران، جميعها شنّت هذا الهجوم الارضي بغطاء جوي روسي، وبالامس قتل ضابط قوات خاصة روسي، وبالتالي التغيير الرئيس هو في ريف حمص"، مشيراً إلى أن "منطقة سد تشرين والرقة شهدتا تكثيفاً للحملات الجوية لكنها لم تتزامن مع تحرك قوات ارضية، ومن المتوقع إذا تمت السيطرة كليًّا على تدمر أن يكون الخيار الاقرب هو ان تتجه القوات بعد اعادة تنظيمها إلى الرقة".


في شكل عام ومع شبه الهدوء على جبهات القتال بين المعارضة والنظام فإن التركيز اليوم على "داعش"، وذلك بالنسبة إلى الدويري "حتى لا تسجّل خروق بمعنى الكلمة، فتعليق العمليات العدائية حدّت كثيرًا من المعارك بين النظام والمعارضة، والآن اتجهت قوات النظام كي تقدم رسالة للعالم انها تحارب وروسيا وحلفاؤها الارهاب".


حتى اليوم لم تكشف روسيا عن أرقام دقيقة في شأن تواجدها أو انسحابها من سوريا، ويؤكد الدويري ان "حجم الانسحاب غير معروف، وبالتالي فان روسيا ستبقي على قوات فاعلة تستطيع ان تغيّر في الموازين على الارض"، مشدداً على ان "روسيا لم تنسحب بل عملت على تخفيض عديد قواتها".


الهدنة لا يمكن خرقها


أما المحلل العسكري والسياسي العميد الركن أحمد رحال فلا يرى اختلافاً كثيراً بعد الانسحاب "إلا في توقف بعض عمليات القصف الجوي التي كانت تطال مناطق بشكل كامل، وباتت اليوم هناك عمليات نوعية يتم تنفيذها أكان في حلب أو ادلب، أما العمليات على الارض فهي مستمرة من دون تغييرات أكان في ريف دمشق أو الغوطة، كما أن العمليات في ريف حلب شبه مستمرة بين الجيش الحر وداعش". ويضيف: "لا يمكننا ان نقول هدأت الجبهات ولا يمكننا ايضا القول أن هناك حربا مفتوحة بل هناك نحو 700 خرق للهدنة وبالتأكيد الانسحاب الروسي أضعف الموقف الأسدي ولو كان الأخير يستكبر".


رحال تطرق إلى أهمية الهدنة، مشدداً على أنه "سواء انسحبت روسيا أم لم تنسحب فإن الهدنة لا يمكن لأحد خرقها لأنها فرضت دولياً، ومن يخترقها من فصائل الثورة سيوضع على اللائحة السوداء أما النظام فإذا خرق سينكشف عسكرياً، وكما يبدو أن المجتمع الدولي وصل الى قناعة بأنه إذا لم يضع حدًّا لما يجري في سوريا فان الارهاب سيضرب عقر دار الاوروبيين، ولاحظنا ما حصل في باريس وبروكسل، وخطوات الحل التي تسارعت مع ذهاب كيري إلى موسكو والخروج بحلول مباشرة، وبالتالي لم يعد موضوع بحث عن مأساة الشعب السوري، بقدر ما هو ابعاد خطر الارهاب عن المجتمع الغربي، وأعتقد أن هناك مناقشة جدية للموضوع، واستبعد ان "تكون لصالح الثورة في شكل مطلق لكن أعتقد ان بشار الاسد ونظامه لن يحتملا القدرة على دفع الثمن الذي سيترتب عليه بعد لقاء كيري ولافروف".


ويستبعد رحال ايضاً عودة الحملات العسكرية الشرسة في الفترة الحالية، ويقول: "لا اعتقد ان الحل في جنيف او عن طريق المفاوضات بل قناعاتي الشخصية أن الحل يأتي من واشنطن وموسكو وما يتفقان عليه يحصل".


وفي شأن اهتمام النظام بالهجوم على تدمر، يعتبر رحال أن "نظام الاسد يبحث الآن عن شهادة حسن سلوك وبراءة من الارهاب، وبالتالي يهاجم تدمر ليقول انه يحارب داعش، ولينسي الغرب أخطاءه ".


ادلب وريفها


وفي محاولة للاطلاع على حال القرى والمدن السورية خلال الهدنة وبعد ما اعلن عن انسحاب روسي، يقول الناطق باسم الهيئة الإعلامية العسكرية قصي الحسين لـ"النهار": "عاش ريف ادلب شهرين من المأساة خلال تواجد الطيران الروسي فكان الأخير لا يفرّق بين مقرٍّ عسكري او مشفى ميداني او مخيم يأوي نازحين، فاستهدف اربعة مخيمات للنازحين وثلاث مشافي ميدانية راح ضحيتها اكثر من 140 من الكادر الطبي والمرضى"، مضيفاً: "منذ انسحاب القوات الروسية كما تزعم وزارة الدفاع الروسية خفّت وتيرة القصف على ريف ادلب في شكل كبير جدًّا، فعادت التظاهرات السلمية الى الساحات في مختلف مدن ريف ادلب ولم يشهد ريف ادلب قصفاً جوياً مكثفاً من الطيران الروسي".


اما عن حال نقاط الاشتباك، فيؤكد الحسين أنه "لم يتبق في ريف ادلب سوى بلدتي الفوعة وكفريا تسيطر عليها قوات النظام، وهي محاصرة في شكل كامل حيث تحدث هناك اشتباكات بين الفترة والاخرى بالقناصات، ومنذ اسبوعين استهدفت جند الاقصى البلدتين بست قذائف من مدفعية "جهنم"، وبحسب صفحات موالية للنظام قتل الاثنين الماضي ثلاثة من مقاتلي الميلشيات الشيعية في الفوعة على ايدي "جبهة النصرة" بعد اشتباكات بالقناصات".


فيما خفّت وتيرة الاشتباكات في ريف اللاذقية، خصوصاً بعد سيطرة قوات النظام على كامل جبل الاكراد، وذلك بدعم جوي روسي واستشاريين وخبراء عسكريين روس "حتى يكاد انعدامها" بحسب قصي الحسين، ونقل عن نشطاء في مدينة اللاذقية ان "مطار حميميم العسكري ما زال يضم طائرات وجنوداً من الروس، وأقلعت الطائرات اكثر من مرة باتجاه اكثر من جبهة"، مشدداً على أن "التواجد الروسي في اللاذقية لم ينته خصوصاً في قاعدتي حميميم والبحرية في طرطوس".


حمص و"داعش"


في حمص، لا تختلف الامور كثيراً، خصوصا مع وجود "داعش" في المحافظة، ويقول الناشط محمد الحمصي لـ"النهار": "لم يختلف انسحاب الروس عن وجودهم في شكل كبير حتى في ظل الهدنة الدولية، لأن المرتزقة الأجنبية التي تقاتل في صفوف قوات النظام لا تزال تقوم باستهداف المدن والبلدات الشمالية لريف حمص مع هدوء ملحوظ او شبه تام للغارات الروسية على المنطقة نفسها"، مشيراً إلى أن "الجنون الروسي لا يزال يقصف الريف الشرقي في شكل أعمى، ويسيطر داعش على اجزاء واسعة من الأرياف الشرقية، خصوصا تدمر والقريتين وغيرها، لكن الطيران الروسي وصل إلى حد قصف اي هدف يتحرك حتى لو كانت أرتالا مدنية نازحة لمناطق اقل خطورة من سابقتها"، وخلص إلى أن "الجبهات الشرقية مشتعلة والسماء الشرقية لا تخلو أبداً من جولات يومية للطيران الروسي تصل إلى حد وسطي 50 غارة يوميا"، ماذا عن المعارك بين النظام والمعارضة؟ يجيب: "هناك خروق في الجهات الشمالية لكن الأجواء العامة هادئة نسبياً بينهما".


حلب والأكراد


الناشط الاعلامي في حلب ياسين أبو رائد يقول لـ"النهار": "لم نعرف بعد مدى جدية الانسحاب الروسي، وذلك بسبب استمرار سريان وقف اطلاق النار في مناطق الجيش الحر منذ 27 شباط حتى الآن، ولكننا نرى أن روسيا ما تزال تساند النظام في العديد من المواقع. وتم رصد غارات جوية لها فهي لم تنسحب"، معتبراً أن "الهدنة لم تكشف جدية هذا الانسحاب حتى الآن، إضافة إلى كونها تحتفظ بقواعدها في الساحل السوري ولديها طائراتها في مطار حميميم ومنظومة دفاعية".


ويعتبر أنه "في حال انتهت الهدنة وكان انسحاب روسيا جديًّا فهذا سيساهم بالضغط على الأسد للتنحّي والقبول بالانتقال السياسي"، أما عسكرياً "ففي بعض الاحيان تحتدم المعارك في الريف الجنوبي لحلب وعلى جبهة نبل والزهراء والشيخ مقصود، خصوصا بمواجهة الميليشيات الكردية حيث لا تزال روسيا تساندها".


[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم