السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ستة دروس سينمائية لنوري بيلغي جيلان

المصدر: "النهار"
ستة دروس سينمائية لنوري بيلغي جيلان
ستة دروس سينمائية لنوري بيلغي جيلان
A+ A-

"لغتي الانكليزية ضعيفة، ولكني سأحاول النطق بها كي لا أحتاج الى ترجمة، لأنني لا أحبّ الانتظار، ومن الصعب الحديث في الفراغ فيما الناس لا يفهمون ما أقول". بهذه الكلمات القليلة، الآتية بمثابة إعلان حسن نية، استهل نوري بيلغي جيلان الدرس السينمائي المنتظر الذي قدّمه في الدوحة خلال لقاء "قُمرة" الثاني (4 - 9 الجاري). مراراً، ذكّر المخرج التركي (1959) الفائز بـ"سعفة" كانّ عن "سبات شتوي" (2014)، بأنه لا يملك ما يقوله، وبأنه لا يعرف أي شيء، حتى لو كان هنا باعتباره أحد الـ"ماسترز" المحتفى بهم. بدا حائراً، ملتفّاً حول الأجوبة غير الأكيدة، متردداً، خجولاً الى حدّ ما، غير حاسم مواقف نهائية من هذا أو ذاك، متمهلاً في إطلاق الأحكام، لكن طريفاً في كلّ مرة لم تسعفه فيها اللغة. فهو، كمّا أكّدت لنا أعماله (سبعة في 18 عاماً)، رجل صورة أولاً. في النهاية، فتح جيلان قلبه لمدة ساعة وأربعين دقيقة بشفافية تخالف أعراف أفلامه "الكتومة" والباطنية. باح لمحاوره ريتشارد بنيا بأسرار المطبخ الداخلي، هناك حيث أُنتج بعض من أهم أفلام سنوات الألفين، كـ"أوزاك" ("بعيد") و"ثلاثة قرود"، وصولاً الى رائعته "ذات زمن في الأناضول" الحائز "الجائزة الكبرى" في كانّ عام 2011. في الآتي، نصّ كلام جيلان عن تجربته وأهم مكوّنات أفلامه التي تحتل موقع الصدارة في السينما المعاصرة.



 


1 - يكفي أن يكون لك ضابط فوكوس لتنجز فيلماً.


"بدأتُ العمل في السينما في سنّ متأخرة. في هاتيك الأيام، لم تكن الانطلاقة سهلة. كانت صناعة الفيلم مكلفة. لم تكن هناك كاميرات الفيديو الرقمية. كلّ شيء كان باهظ الثمن: آلات التصوير والشريط الخام، الخ. استغرقتْ تقليعتي عشر سنين. كنت في السادسة والثلاثين. أعتقد انه من المستحسن البدء باكراً لأنك تكون شاباً ولا تخاف من أي شي. لذلك، من الأسهل إرتكاب الأخطاء. والأخطاء أفضل المدارس. في تلك المرحلة، كنت لا أزال في طور التفكير في الاتجاه الذي سآخده في الحياة، فبدأتُ أسافر وأتأمل الوجود. قصدتُ الهند والنيبال. عملتُ نادلاً. ثم التحقتُ بالجيش في إطار خدمتي العسكرية. وهذا كان مفيداً لي، لأنه للمرة الأولى في حياتي لم يكن أنا الذي يقرر، بل كنت مجبراً. طالعتُ الكثير من المؤلفات خلال خدمتي. أحد الكتب جعلني أفكر في أن أكون سينمائياً. قبل ذلك التاريخ، كنت أشتغل في التصوير، متآلفاً مع تقنيات السينما. بعد انتهائي من الخدمة العسكرية، بدأتُ أرتاد السينماتيك وأشاهد ثلاثة أفلام يومياً. أحببتُ يلماز غونيه كثيراً. مشاهدة الأفلام هي أفضل وسيلة لتعلم إنجازها. طبعاً أقصد مشاهدة حذرة، لأنك ترى كلّ شيء عندما تشاهد فيلماً. ترى أي عدسة تم استخدامها أو أين تموضعت الكاميرا. كلّ شيء تجده في المشاهدة.


عندما بدأتُ، كنت أشبه بكائن فضائي يحطّ على السينما التركية. هكذا كان شعوري، لعله شعورٌ خاطئ، لا أعرف. لم يكن أحد في تركيا متآلفاً مع هذا النوع من السينما. لم أحصل على أي تمويل، كان عليّ جمع تكاليف فيلمي القصير الأول وأفلامي الثلاثة الطويلة الأولى بنفسي. أنجزتُ "أوزاك" الذي صوّرته بـ35 ملم بـ90 ألف دولار فقط لا غير. الطاقم التقني كان مقتضباً؛ شخصان فقط. أدرتُ الكاميرا بنفسي واستعنتُ بشخص يهتم بضبط الفوكوس. كان هذا الشيء الوحيد المجبر عليه. في الواقع، يكفي أن يكون عندك ضابط فوكوس لتنجز فيلماً. لجأتُ الى الأقارب لمساعدتي وصوّرتُ في مسقطي. امتحنتُ نفسي، لأنني لم أكن أعرف مَن أنا. كنت أفتقر إلى الثقة عندما يتعلق الأمر بمعرفة ماذا يمكن أن أفعل.


مارستُ التصوير الفوتوغرافي لكنه لم يكن كافياً. لم أشعر به عميقاً بالقدر الذي أريده لوصف تعقيدات الحياة. لم ار فيه احتمالات حقيقية. عند التقاط الصور، لم أكن أميل الى الواقعية، على عكس السينما حيث الواقعية تعنيني. عندما أتأمل الحياة، أرى مفاجأة طوال الوقت. الواقع يصير أحياناً ما فوق واقع، اذا كنتَ حذراً. كما قالت سوزان سونتاغ، الكاتب هو مراقب محترف.


في "أوزاك"، كان عندي متسع من الوقت كي أتأمل وأستعد للتصوير. صوّرتُ في الشارع الذي كنت أعيش في أحد منازله. كان كلّ شيء مخططاً له. اليوم، أرتاح للعفوية أكثر. اذا كنتَ استعددتَ جيداً للتصوير، فلهذا ايجابياته، لكنه يمنعك أحياناً من استعمال المفاجآت الجيدة التي تحلّ في اللحظة الأخيرة. لذلك، لم أعد أحضّر؛ أذهب الى موقع التصوير ونبدأ معاً في التفكير مع الممثلين. عندما أنجزتُ هذا الفيلم في العام 2000، كانت تركيا تنتج نحو سبعة أفلام سنوياً. ثم بدأت الدولة تدعم السينما، فارتفع العدد الى نحو 150 فيلماً. البعض يرى ان هذا نوع من رقابة مقنّعة، ولكن أنا لا أراه كذلك. فأعضاء اللجنة هم في معظمهم من داخل الوسط السينمائي التركي. في كل حال، المخرج الذكي يمكن أن يتحايل دائماً على الرقابة. هذه ليست مشكلة بالنسبة لسينمائي جاد".



 


2 - عندما تخاف من شيء، تبذل مجهوداً أكبر.


"نقطة الانطلاق لأي نصّ يمكن أن تكون أي شيء. تحوطك أفكار عدة. أحياناً تبدأ في العمل على فكرة، ثم تتخلى عنها، فتعمل على فكرة أخرى. ثم، يساورك الشكّ في شأن نصّ انتهيتَ منه للتو. العام الماضي، كتبتُ سيناريواً ثم قررتُ ألاّ أصوّره. خسرتُ سنة كاملة. أي نصّ، ما إن تنتهي منه، عليه أن يثير فيك الحماسة، فأنت ستكرّس على الأقل عامين لتحويله فيلماً. اذا كانت الحماسة غائبة، فهذا يعني ان نقطة الانطلاق فيها خلل. كتابة السيناريو أصعب مرحلة عندي. أحببتُ فكرة التعاون مع زوجتي وآخرين للكتابة. في وجود طرف آخر يعمل واياك، يمكنك التركيز على الموضوع بشكل أفضل. تشعر بأنك تتحمل المسؤولية نيابة عن الآخر. عادة، نجري "عصفاً دماغياً". مع زوجتي، كان العمل موفقاً، لأنها كونها زوجتي يحقّ لها أن تقول أي شيء. يمكنها أن تفرض عليّ أفكارها بالنحو الذي تبتغيه، وهذا يؤدي الى نشوب عراكات كثيرة بيننا، وتستمر أحياناً حتى طلوع الضوء. في كل حال، بعد "سبات شتوي" قررتْ زوجتي ألا تعمل معي مجدداً. قلت لها "أوكي، لا مشكلة!"، وباشرتُ الكتابة بمفردي، ولكن لم يعجبني ما كتبته، فحاولتُ استمالتها مجدداً.


نقطة انطلاق "سبات شتوي" قصة لتشيكوف إسمها "الزوجة"، لازمت تفكيري لنحو 15 عاماً، مع قصص أخرى لتشيكوف. لكن لم يكن عندي ما يكفي من ثقة كي اقتبس فيلماً منها. فجأة، بدأنا مع زوجتي بالتأليف وأتممناه في نحو ستة أشهر. كان تحدياً كبيراً أن أنجز فيلماً يستند الى حوارات كان معظمها فلسفيا وثقيلا. السينما لا تحب عادة هذا الثقل. كنت خائفاً، ولكن أحتاج الى ما يخيفني في كل فيلم أتولى تنفيذه. فعندما تخاف من شيء، تبذل مجهوداً أكبر. غياب الخطر يصيبك بالكسل.


لستُ مهتمّاً بـ"الجانرات السينمائية". عندما أكتب لا أفكّر في هذا. أفكّر فقط في إتمام فيلم عن البشر. بالنسبة لـ"ذات زمن في الأناضول"، استندتُ الى شهادات حقيقية من طبيب تعاون معنا في كتابة السكريبت. خلال عشاء جمعني به، أخبرني انه تمّ التفتيش عن جثة حتى الصباح، وروى لي الكثير من التفاصيل. أخبرني مثلاً ان شَعر الميت ظهر أولاً عندما تمّ العثور على الجثة. بيد ان التفصيل الأهم الذي جعلني أرغب في إنجاز هذا الفيلم قوله إنه هو ومَن كان حاضراً هناك، شعروا بأنهم كانوا كأصدقاء مع المجرم الذي اعتقلوه. هذا الشقّ من الحياة مشوّق لي، وهو الذي حمّسني. دوستويفسكي قال إن مجرماً في سيبيريا قتل عشرة أشخاص ترك فيه إنطباعاً غير مسبوق. هذا المجرم أدهشه. هؤلاء الأشخاص في حوزتهم سرّ لا نعرفه بعد. طبعاً، غيّرنا الكثير في مرحلة الكتابة، وأدخلنا عناصر من تشيكوف، الخ.


أنا من هواة الأدب الروسي. خصوصاً تشيكوف ودوستويفسكي. قرأتُ "الجريمة والعقاب" في عمر التاسعة عشرة. منذ ذلك اليوم، كلّ شيء طالعته بدا لي أقل عمقاً. الأدب الروسي خاص جداً وهو ألهم العالم أجمع. هناك بعض التشابه في مطرح معين بين الثقافتين الروسية والتركية. الناس متشابهون تحرّكهم الأهداف نفسها. كلّ شيء يتوقف على النحو الذي تنظر به الى العالم. أنت الذي تختار، إما أن ترى الفوارق بين البشر وإما ترى اختلافاتهم. أحبّ الأدب الروسي لأنني أكتشف عبره التشابه بين روح الشخصيات وروحي أنا.


كشخص، أنت تتبدل. اسلوبك يتغير. والا تُصاب بالملل. في إمكاني معاودة أفلام شبيهة بتلك التي أنجزتها، ولكن هذا يكبح حماستي. أحبّ الصمت مثلما أحبّ الحوارات. في فيلمي الأول، الحوارات أقل مما هي في فيلمي الأخير. أحبّ الحوارات في الأدب، وهي تحتل صفحات كثيرة عند دوستويفسكي مثلاً. تمتعني قراءتها. في "سبات شتوي"، أردتُ اختبار الحوار".



 


3 - بلا تمارين تسبق التصوير، ستحصل على شيء نضر.


"تجربة الوقوف أمام الكاميرا كانت مؤلمة لي. كمخرج، أنا متوجس، ولكن عندما تمثل لا تستطيع التحكم بكلّ شيء. في وجود الديجيتال، استطعتُ، ولكن لن أكررها. طاقتي لم تكن كافية. أحياناً لا أفهم كيف يفعلها وودي آلن. طبعاً لها ايجابيتها، اذ لا ينبغي لك أن ترسم ملامح الشخصية بدقة أثناء الكتابة. اذا أردتَ الطاعة للنصّ، فمن المستحسن الاستعانة بممثلين محترفين. اذا كان فيلمك كأفلام كيارستمي فيها ارتجال، فالأفضل حينها الاستعانة بممثلين غير محترفين. كلّ شيء يتوقف على طبيعة الفيلم. أخيراً، بتُ أفضل المحترفين (ضحك). العمل مع الهواة مشاقة، ولا أقصد انهم لا يجيدون التمثيل، بل لا يحبون السينما. عندما كنت أصوّر "ثلاثة قرود"، اتصلتُ بممثل غير محترف لإسناد دور إليه، فقال لي إنه مشغول لأنه ذاهب الى مقره الصيفي اليوم. فاتصلتُ بممثل محترف للهدف نفسه، وكان في الهند، فجاء في اليوم التالي. الهواة، لا يمكن الاعتماد عليهم، وأحياناً يغادرون التصوير في منتصفه. في "ذات زمن في الأناضول"، أحد الحفّارين غادر التصوير فجأة، ولا أحد فهم لماذا. فجأة تغير. بالتأكيد، يمكنك استخراج أشياء حيوية جداً من الممثلين غير المحترفين، لكن عليك تصويرهم بالسرّ والتحايل عليهم. أحياناً، تحصل على نتيجة لا تصدَّق. كيارستمي معلّم في هذا.
لا أجري تمارين مع الممثلين، للأسف. ربما عليّ فعل ذلك. لا أحبّ قراءة السيناريو في حضورهم، كلّ شيء يتبدى لي مصطنعاً، وأبدأ أكره الفيلم. لذا، أباشر التصوير رأساً. بلا تمارين، تستحصل على شيء نضر، طازج. مع المحترفين، اللقطة الأخيرة هي دائماً الفضلى، أما الهواة فالأولى هي الفضلى. الحوارات في "سبات شتوي" فرضت عليّ أن أعمل مع أفضل الممثلين في تركيا. بالنسبة لدور الزوجة، لطالما كانت هذه الممثلة في بالي، كنت أحتاج الى سيدة مثلها يتصدر وجهها مظهر البراءة".


4 - لا تستطيع معرفة ما الذي سيحدث خلال المونتاج.


"المونتاج في منتهى الأهمية، وأنا متوّجس منه. منتجتُ كلّ أفلامي بنفسي، ولكن بمعاونة آخرين. المونتاج زاخر بالمفاجآت. مهما كنت مخضرماً، فلا تستطيع معرفة ما الذي سيحدث خلال المونتاج. المونتاج إعادة كتابة، يتيح لك تصحيح الأخطاء التي ارتكبتها خلال كتابة السيناريو. أحياناً، يحدث انه لا يمكنك استعمال ما كتبته خلال التركيب. منذ أن أدركتُ هذا الشيء، صرتُ أصوّر مشاهد بديلة. ساعدتني التكنولوجيا الرقمية كونها أقل كلفة. عندما كنت أصوّر بالشريط الخام، كان الأمر مؤلماً: كنت غير قادر على الإعادة أكثر من ثلاث أو أربع مرات.
أشتغل على تصميم الصوت أثناء قيامي بالمونتاج. الصوت يغيّر احساسك للطول في المشهد. أعمل على مونتاجي الصورة والصوت بالتوازي. الصوت مهم جداً في أفلامي، ولكن لحسن الحظ، لا أهتم به نهائياً خلال إلتقاط المَشاهد. الشخص المسؤول عنه أقل الناس انشغالاً. لا أطلب اليه الاّ تسجيل الحوارات بوضوح، الباقي لا يهمّ. لا أفكّر في الحوارات الا عندما أمسك بالمونتاج. خلال التصوير، تركيزي يصبّ على التمثيل - والصورة طبعاً. أما الموسيقى، فلم أستخدم موسيقى تم تأليفها خصيصاً لي، الا في فيلمي الأول، وكانت تجربة سيئة. لم تعجبني المقطوعة. الآن، اذا استعملتُ موسيقى، أختارها من بين ما هو متوافر، موسيقى كلاسيكية مثلاً. المشكلة في الموسيقى الأصلية، انك تدفع الكثير من المال وقد لا تجد ما يشفي غليلك.
أصوّر كثيراً، لأن مرحلة التصوير ليست مكاناً جيداً لليقين. لا تملك الوقت لذلك، وعليك الاهتمام بأشياء كثيرة. لذا من الأفضل ألا تكون على يقين خلال التصوير. المونتاج يوفّر لك مساحة أكبر للتأمل والتفكير. لذا، أصوّر مشاهد بديلة، ذلك انك تجهل في الحقيقة ما اذا كانت المَشاهد التي صوّرتها ستركب خلال المونتاج. البسيكولوجيا البشرية لا يمكن توقعها. أنت تتخيل شيئا معينا، ولكن يتبين انه لا يبدو واقعياً. تشعر أمامه بأن الانسان ليس هكذا، وهذا ليس الواقع. البشر يحاولون حماية أنفسهم، لذا، هناك تصرّفات لا يمكن تبريرها مثل أن تضحك عندما تكون في حالة توتر. هناك أشياء مشوّقة في الطبيعة البشرية".



(الصور لهوفيك حبشيان).


5 - ليس علينا أن نروي قصة الكاميرا بل قصة بشر.


"لو لم أمثّل في فيلمي الأول، لما استعنتُ بمدير تصوير. لكن، كان عليّ اللجوء الى خدمات شخص يحرّك الكاميرا، كوني كنت قبالتها. طبعاً، لم أكن أثق بأحد. وجدتُ شخصاً لم يكن صوّر أيّ فيلم من قبل، وكان يعمل في الشركة التي أستأجرتُ منها الكاميرا. كان شخصاً طيباً يعرف تشغيل الكاميرا. أثناء التصوير أحببته، وطلبت اليه أن يكون مدير التصوير. في البداية، لم نكن قد اتفقنا على ذلك. في الواقع، أعجبني هذا النمط، لأنه يمكنك التحكم بالصورة بشكل أفضل. إدارة الكاميرا تلهيك عن الاهتمام بالتمثيل، فتفوتك أشياء. طبعاً، أصبح اليوم أشهر مدير تصوير في تركيا (غوخان ترياكي). خلال التصوير، أكون تقنياً، لا أخوض نقاشات بسيكولوجية. أعمل على الاضاءة مع مدير التصوير. غالباً ما تكون لي تعليمات محددة. ثم، بعد كلّ هذه السنوات، بات يعرف عمّا أبحث عنه.


اعتدتُ ألا أحرّك كاميراي في أفلامي الأولى، لأن المسألة كانت مكلفة. بدلاً منها، كنت أجعل الممثلين يتحركون. الآن، وقد أصبح عندي كلّ المعدات، أحرّك الكاميرا لكنها ليست ضرورية. ليس علينا أن نروي قصة الكاميرا بل قصة بشر. لذا، أحرّكها عند الحاجة.
أحبّ الديجيتال وأنا سعيدٌ لوجوده ولا أفكّر في العودة الى الوراء. هناك نوستالجيا مرتبطة بالشريط الخام، غير مجدية ولا أفهمها. بعض المتعصبين للشريط يحبّون الحبّة التي تظهر على الصورة. لماذا؟ هل هناك حبّات في الحياة؟ هكذا كانت دائماً المراحل الانتقالية في السينما. هناك مَن يعارض ما هو حديث لأنه اعتاد النمط القديم. عندما ظهرت السينما الناطقة، حتى شابلن وقف ضدها. اليوم. لا يمكن تخيل السينما من دون صوت".


6 - على الجمهور أن يخلق الأجوبة بنفسه.


"عندما أنجز فيلماً، طبعاً تكون عندي أجوبة ولكني أفضل اخفاءها. لا يمكنك أن تصنع فيلماً بلا أجوبة. بل يجب أن تكون دقيقاً في أجوبتك، مع خلق نوع من اللبس. أتحدث عن اللبس المحكم. في هذا المجال، السينما تخلق عمقاً. في الأدب، خيالك حرٌّ يتيح لك أن تتخيل ما تشاء، لكن السينما واقعية جداً إلى درجة أنك تحتاج الى تلك الدقة. طبعاً، أنا لستُ أستاذاً. في الحقيقة، أنا لا أعرف أي شيء. حتى في هذا الدرس السينمائي، كان عندي شعورٌ في البداية انه ليس لديّ ما أقوله. لكني، من خلال طرح الأسئلة، توصلتُ الى أن أقول شيئا ما، ولكن عادة لا أكون متأكداً من أي شيء. من خلال الاخراج، أبحثُ عن أشياء وأتعلّم أشياء أجهلها. أما الجمهور، فيجب ألا ينتظر أجوبة نهائية، عليه أن يخلقها بنفسه".


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم