الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

نحت - بسّام كيريلُّس ينحت اللاجدوى

محمّد سليمان
نحت - بسّام كيريلُّس ينحت اللاجدوى
نحت - بسّام كيريلُّس ينحت اللاجدوى
A+ A-

يطلّ بسّام كيريلُّس من فتحة في احدى بناياته المهدّمة، تشبه الى حد كبير المغارة، كإنسان قديم، ملخِّصا المسافة بينه وبين الآن، مؤكداً لاجدوى تاريخ الانسان وحتميّة عطبه الخُلقيّ.


هذا الموقف يشكّله كيريلُّس نحتاً. يصمم المبنى من مادة الفلّين، ملمّحاً من خلال تقنيّته هذه، الى هشاشة الفكر الإنساني وسهولة تدميره. ثم يعمد إلى تكسيره قبل أن يصبّه في قوالب برونزية أو من الألمنيوم، ويقدّمه إلى المشاهد عملاً فنياً جديراً بالاقتناء.
عمليّة التحطيم هي لبّ فكرته، يذكّر من خلالها بآثار الحرب التي لم تفلح السنوات في دفنها. وهو إذ ذاك، يتعمّد بعد أن يكرّس فكرته، المساس بمبانٍ لها رمزيتها الدينية والسياسية كمبنى البرلمان، ارتبطت على الدّوام بذاكرة العنف والموت.
يلقي الضوء أيضاً على تراجيديا قديمة لكن معيشة ومعاصرة: العنف الدائر في منطقتنا، كما يوغل عميقاً لينادي بتحطيم كل القيم والأفكار التي لم تنتج إنساناً أقل بدائية، وينتهج طريقة المواجهة في عملية البحث عن خلاص، عبر تصويب العين إلى مكان التشوّه.
اختار بسّام كيريلُّس "المبنى" موضوعاً لفكرته. ولا شكّ أنّه بحث عميقاً في أكثر أمور الانسان حميمية قبل أن يقرّر العبث بها. لم يخطئ حين ربط تاريخ البشرية بتاريخ عمارتها ومساكنها. وهو إذ يعبث بمبانٍ معاصرة وقيّمة لتأخذ شكل الكهوف، يلمّح بمباشرة واضحة الى حال الإنسان.
المبنى وان اختلفت وظيفته، بين مسكنٍ ودار عبادة وصرح ثقافي أو سياسي، تبقى غاية الفنّان إزاء تحطيمه نفسها، بالرغم من تزامن أعماله الأخيرة مع تفاقم أزمات محليّة وإقليميّة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم