الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

مقتدى الصدر في خطاب التحوّل: هل يسعى الى حكم العراق؟

المصدر: "النهار"
بغداد- فاضل النشمي
مقتدى الصدر في خطاب التحوّل: هل يسعى الى حكم العراق؟
مقتدى الصدر في خطاب التحوّل: هل يسعى الى حكم العراق؟
A+ A-

تعددت التفسيرات ووجهات النظر حيال خطاب مقتدى #الصدر قبل يومين، والذي دعا فيه اتباعه الى الاعتصام الاسبوع المقبل امام المنطقة الرئاسية "المنطقة الخضراء"، وذلك بعد اقل من يوم على اشادته بخطوات رئيس الوزراء حيدر #العبادي، وطلبه من اتباعه التظاهر في ساحة التحرير وعدم التوجه الى "المنطقة الخضراء".


اللافت ان الصدر صعّد في خطاب "اعتصام الخضراء" من سقف مطالبه في شكل غير مسبوق. فبعدما كان يشدد على الاصلاح وتأليف حكومة تكنوقراط، يطالب هذه المرة بتغيير رؤساء "الهيئات المستقلة"، وغالبيتهم مقربون من ائتلاف "دولة القانون"، والنظر في درجات المديرين العامين، وتقليل رواتب الرئاسات الثلاث، واعادة النظر في تشكيلة "مفوضية الانتخابات"، اضافة الى احداث تغييرات جذرية في المؤسسات المالية والرقابية المختلفة.


دلالات ومجموعة رسائل
ولعل اكثر ما يحيّر الرئيس العبادي ويقلقه هو ردود الصدر غير المتوقعة، ذلك ان الاخير، يشيد برئيس الوزراء اليوم ويدعمه، ثم يعود في اليوم التالي ليتشدد في مطالبه. وهذا ما حصل بالتحديد مع وثيقة الاصلاح الطويلة التي قدمها العبادي قبل يومين.


غير ان دلالات الخلفية التي ظهر فيها الصدر في خطابه الاخير لم تغب عن المراقبين الذين وجدوا ان ارتداءه للكفن، الى جانب ظهور مجموعة اعلام عراقية خلفه، توجه مجموعة رسائل، منها التذكير بموقف والده محمد صادق الصدر حيال نظام الرئيس الراحل صدام حسين، بمعنى سعيه الى نوع من التشبيه بين النظامين، السابق والحالي.


وكان السيد محمد صادق الصدر اول من ارتدى "الكفن" في خطب الجمعة. وفي هذا السياق، يمكن القول ان اسرة الصدر كرّست نفسها، عبر تاريخها في العراق، كأسرة دينية ذات منحى وطني، تندفع احيانا بجرأة كبيرة نحو المطالبة بالتغيير، مهما كلف الامر. وما زال الجميع يتذكر السيد محمد باقر الصدر (عمّ السيد مقتدى) الذي اعدمه نظام صدام العام 1980، وايضا محمد صادق الصدر (والد السيد مقتدى) الذي اعدم العام 1999، للسبب نفسه.
اما ابراز الاعلام العراقية في خلفية خطاب الصدر الشبيهة بالخلفية التي يظهر فيها رئيس الوزراء في خطاباته، فقد يكشف عن رغبة في الاستحواذ على هذا المنصب. وثمة سؤال ملح يشغل بال الجميع: هل لدى "تيار الصدر"، بإمكاناته الذاتية وتحالفاته المحلية والاقليمية، القدرة على الوصول الى سدة الحكم في العراق؟


خلافا لبقية المكونات السياسية بجميع صنوفها الشيعية والسنية والكردية، يعد "تيار الصدر" الاقوى من حيث العدد والشعبية والتنظيم، الى جانب انصياعه الصارم لتعليمات السيد مقتدى الصدر واوامره. كذلك يعتبر التيار الشيعي الاكثر بعدا عن ايران، واضحى يتمتع بسمعة معقولة لدى سنّة العراق، وربما الاكراد ايضا، علما ان جماعات الصدر المسلحة، بمختلف مسمياتها، لم تنخرط في القتال السوري.


وينقل مقربون من السفارة الاميركية عن السفير الاميركي ستيوارت جونز اشادته بـ"وطنية التيار"، رغم العداء المعلن بين الجانبين. وينفرد الصدريون بميزة انهم "ابناء الداخل" في مقابل "ابناء الخارج" الذي حكموا العراق من العام 2003 واخفقوا في ادارة البلاد. وثمة سبب آخر يتعدى ربما اهمية الاسباب الآنفة، وهو ان الصدريين يقولون انهم يعملون بـ"مباركة مرجعية النجف، ممثلة بالسيد السيستاني".


استراتيجيا الصدر تغيرت
قد تمثل الاسباب الآنفة عوامل محتملة لتّسلم الصدريين سلطة رئاسة الوزراء في المرحلة اللاحقة، في وقت لا تزال آثار مرحلة "مقاومة المحتل" والحرب الاهلية التي انخرط فيها الصدريون العام 2006، ماثلة للعيان، وينظر عدد غير قليل من المواطنين بريبة كبيرة الى التحركات الاخيرة للصدريين.


ورغم ان السيد مقتدى الصدر اعلن اكثر من مرة عدم رغبته في تولي اتباعه اي منصب حكومي- واعلن في خطابه الاول قبل نحو اسبوعين براءته من وزرائه في الحكومة- فان ذلك لا يكفي ليتأكّد الآخرون، خصوصا الخصوم من الشيعة، من "زهد" الصدريين في رئاسة الوزراء.


ويثير الظهور المتكرر والخطابات المقلقة للسلطة التي يتبناها مقتدى الصدر، مزيدا من التساؤلات والشكوك، حتى ان البعض يتكلم عن قلق لدى سكان "المنطقة الخضراء" من ان يقتحمها الصدريون، وهناك من يفكر جديا في مغادرتها.


ويبدو ان "التحالف الاحتجاجي" بين الصدريين والتيار المدني لا يسمح بصيغة مطمئنة للآخرين، خصوصا ان الصدريين ينتمون الى فضاء التيارات الاسلامية المستندة الى مرجعية دينية. صحيح ان بعضهم يعلن تمسكه بمدنية الدولة وعدم تبني ايديولوجيا دينية في ادارة الدولة، الا ان غياب وثيقة تاريخية تلامس هذه المعضلة يبقى مبعث قلق حقيقي لدى آخرين.


وبالعودة الى الصدر وخطابه، رصد مراقبون تغييرا في استراتيجيته قد يمهد لمرحلة لاحقة من مراحل الصراع على السلطة، خصوصا انه لوحظ ان دعوة الصدر الى الاعتصام امام ابواب المنطقة الخضراء لم تقتصر على اتباعه، بل تشمل جميع العراقيين.


كذلك، انتقل من مرحلة الاستمرار في التظاهرات الى مرحلة الاعتصام امام ابواب "المنطقة الخضراء". وهذا التحوّل السريع ربما مرده رصيده الشعبي المتزايد والداعم بقوة لدعواته الاصلاحية، في مقابل بطء الحكومة وعدم قدرتها على القيام بإصلاحات جذرية.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم