الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

امرأة تصنع لوحات من القش وأشغالاً يدوية أخرى

المصدر: "النهار " مرجعيون
رونيت ضاهر
امرأة تصنع لوحات من القش وأشغالاً يدوية أخرى
امرأة تصنع لوحات من القش وأشغالاً يدوية أخرى
A+ A-

ليس منزلاً عادياً لمسنّة تسكن وحدها بعزلة بين صور الماضي وذكرياته كما منازل المسنّين... فجوزفين نصر سلامة ابنة الـ84 عاماً حوّلت وحدَتها وعزلَتها الى فنّ تعْبر من خلاله الى عالم خاص تبتكره بخيالها وتترجمه بأناملها لوحات تمزج فيها سنابل الطبيعة بحكايا واقعية وأخرى خيالية.


في منزلها الكائن في القليعة محترف فنّي ينبض بالحياة على رغم فقدان نبض ربّ البيت، يضجّ الواناً على رغم غياب الألوان التي لم تُبصر النور... جدران كسر صمتها ووِحدتها لمسة فنّية أضافتها جوزفين فجعلت منها عالمها الذي تأقلمت معه سنوات طويلة ولا تزال حتى الساعة. رسومات ومجسّمات لورود وطيور، ولوحات تصمّمها وتنفّذها بواسطة قش الخافور او الشوفان الذي ينبت في الطبيعة كسنابل القمح، فتنقعه في المياه ليصبح طريّاً ثم تجعله مستطيلاً وتكويه ليغدو بشكل شريط صلب بعرض نحو سنتيمترين، وتضيف اليه الواناً مائية بما يخدم اللوحة ومنها ما تصنعه بنفسها، وهو عبارة عن قشر البصل المنقوع في المياه والمُضاف اليه الصدأ فتوضع فيه القشّات نحو ثلاثة اشهر يتحوّل لونها لاحقا الى البنّي.
ترسم اوّلاً الفكرة في مخيّلتها ثمّ تترجمها على ورق تلصق عليه شرائط القش وتضعها على لوحة من الخشب... فمن صورة تجسّد عائلة والديها في العيشية، الى أخرى رومنسية اسمتها "بنت العيشية"، وهي ما بقي من ذاكرتها في طفولتها وهي تجلس قرب شجرة ترتدي ثوباً أحمر وتعزف الموسيقى حين التقط لها شقيقها الكاهن صورة أرادت تجسيدها في لوحة اضافت عليها ما يحاكي الطبيعة، من الكلب الذي يأنس الموسيقى والفرس وابنها، كذلك شجرة الأرز التي تراها في كثير من لوحاتها. وفي لوحة أخرى طاووس بذيله الملوّن الجميل ولوحات عن اللبناني بزيّه الفولكلوري التراثي وأخرى لمار جرجس كرّرتها اكثر من سبعين مرّة لكونه شفيع البلدة... لوحات كثيرة من القش تُعتبر تحفات فنّية تهوى جوزفين تنفيذها من باب الهواية وإتقان هذا النوع من الاشغال الفنّية دون دراسة او تعلّم. بدأت مسيرتها بالتطريز والكروشيه وهي لا تزال يافعة، وفي سنّ الاربعين تقريباً اكتشفت موهبتها في رسم لوحات بالقش ولا تزال حتى اليوم تبدع افكاراً ورسومات مميّزة. شاركت في معارض عدّة في السابق ولاقت تقديراً كبيراً، لكنّها في السنوات الأخيرة، وعلى رغم التعب والجهد الذي يتطلّبه هذا العمل تقوم به ارضاء لذاتها وتمضية لوقت تفضّل فيه التلاحم مع الطبيعة التي تجسّدها في لوحاتها. وفضلاً عن القش والتطريز والكروشيه والرسم على القماش وغيرها من الفنون والاشغال التي تتقنها، تصمّم لوحات ثلاثية البعد مستخدمة ريش الدجاج في صنع مجسّمات لطيور منوّعة ضمن مشاهد صيد لاقت استحساناً كبيرا ترجمته في اكثر من عشرين لوحة.
لا يتطلّب عملها معدّات خاصة او عديدة، انّما حسّاً مرهفاً وذوقاً رفيعاً، تجد راحتها في ما تصنعه ايديها وإن أثقلت عليها السنون تعباً مع ما يتطلّبه هذا العمل من جهد ووقت، فلوحة عادية قد تستغرق اسبوعاً فيما لوحات كبيرة تمضي برفقتها ورحلتها لتصبح واقعاً اشهراً عدّة... تآلفت عيناها وأناملها مع لوحاتها ولم يعد يعنيها عرضها للبيع، فهي تؤنسها في منزلها حيث الفنّ في كل زاوية وجدار.


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم