السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

140 عاماً على ولادة أمين الريحاني الرائي "المتحدر من بلاد الانبياء" رفض النبوءة

رلى راشد
140 عاماً على ولادة أمين الريحاني الرائي "المتحدر من بلاد الانبياء" رفض النبوءة
140 عاماً على ولادة أمين الريحاني الرائي "المتحدر من بلاد الانبياء" رفض النبوءة
A+ A-

يسجّل هذه السنة مرور 140 عاماً على ولادة أمين الريحاني. قرن وما يقرب نصف قرن إضافي على تلك التجربة التي تموضعت جغرافياً بين الولادة اللبنانية والاقامة الأميركية، وزمنياً بين القرن التاسع عشر والقرن العشرين، ولغويّا بين العربية والإنكليزية.


استقدمت هذه التجربة ثيمات راوحت بين الصحراء والثورة الفرنسية والوجوه الشرقية وفلسطين وسواها، تحت سقف عقلانيّة شكّلت لازمة لا فكاك منها وخلّفت عناوين من قبيل "كتاب خالد" و"ملوك العرب - رحلة في البلاد العربية" وسواهما.
في 2016، يبدو ملحاً بقدر ما هو غير محتمل، أن نلوذ بمحاضرة لـ "فيلسوف الفريكة" كان مسرحها إحدى جامعات الولايات المتحدة الأميركية، خلال النصف الأول من القرن العشرين.
النص الذي نحن في صدد استعادته بعنوان "مستقبل الشرق الأدنى" وهو كناية عن محاضرة ألقاها الريحاني لأول مرة في الثالث من تشرين الثاني 1929، وأدرجت في كتاب "حركة القوميّة العربية" الصادر بالإنكليزية عام 2008، لدى دار "بلاتفورم انترناشونال" في واشنطن، الذي عمد إلى توثيق سلسلة من مداخلات الريحاني بين عامي 1929 و1938، في جامعات برنستون وإلينوي وإنديانا وكانتاكي وغيرها من الصروح الأكاديمية.
من الممتع التوقّف عند قدرة هذا النص الذي صار عمره سبعة وثمانين عاما، على استرعاء اهتمامنا اليوم وفي هذه الحقبة تحديداً، رغم العائق الزمني الذي كان يفترض في المبدأ، أن يبعده منا. غير أن الراهنيّة الباينة في بعض ما تضمّنه، من حيث التحليل والعرض، يجعله يدنو من حاضرنا، على نحو من شأنه أن يباغتنا.
هناك في حقبتنا المأزومة اليوم، حاجة إلى السؤال عن مستقبل منطقتنا في ظلّ ارتفاع منسوب العنف والحديث المتكرر عن وضع خرائط جديدة، تماما على نسق استفهام مطلع القرن المنصرم عما ستؤول اليه الأمور في سياق حراك دولي أدى إلى تقسيم جغرافي انبثق مباشرة من ركام الأمبراطورية العثمانية. والحال ان ما اصطلح على اعتباره "اللعبة الكبرى" التي مارستها القوى الأوروبية منذ القرن التاسع عشر وحددت خريطة سياسية رسمت ملامح الشرق العربي المعاصر، تتراءى أحيانا كتمرين على ما ينتظر بلداننا في الأعوام القليلة المقبلة.
في ظل المأزق الحالي تبدو الحجج وافرة لكي نعود خطوات ونتمهّل عند ما كتب في مطلع القرن العشرين ونصغي إلى مقاربة الريحاني التي لا تشوبها القرقعة الصاخبة أو التوترات العاتية.
يعي الريحاني ان الحديث عن مستقبل الكون أكثر سهولة من الحديث عن مستقبل الأمم، على ما يكتب، ليزيد "في الشرق الأدنى اليوم، ثمة ميلان هما الأقوى والأكثر سيادة، الأول ثقافي أما الثاني فقوميّ"، قبل أن يرصد حال الثقافة العربية ويعدّها طيّعة وشاملة وذات قدرة إستيعابية.
يشير الريحاني في محاضرة "مستقبل الشرق الأدنى" إلى ان الحديث عن مستقبل أي بلاد يعني الإضطلاع بدور من صنف النبوءة، ليزيد انه يتردّد في فعل ذلك "رغم واقع اني، وربما بسبب اني، أتحدّر من بلاد الأنبياء".
غير أن دور الكاتب القادر يظلّ في جزء منه، وعلى نحو تلقائي، استشرافياً، وإن غصباً عن الكاتب عينه. وهذه حال الريحاني الذي يلفت في نهاية محاضرته الأميركية إلى أن "مستقبل الشرق الأدنى يرتبط بالنجاح الكامل للحركة القوميّة العربيّة التي يمكن اختزالها بثلاث كلمات: التهدئة والوحدة والتربية".
يبدو الريحاني مصيباً في إدراك الكثير في دينامية هذا القسط من العالم ويتراءى كأنه استقصى النظر في سقوطه في امتحان التهدئة والوحدة والتربية، الثلاثي البُعد.


[email protected]
Twitter: @Roula_Rached77

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم