الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

بقاء النفايات خطر دائم... ومخاوف على مياهنا

منال شعيا
منال شعيا
بقاء النفايات خطر دائم... ومخاوف على مياهنا
بقاء النفايات خطر دائم... ومخاوف على مياهنا
A+ A-

ليست الصورة التي بثتها قناة الـCNN عن ازمة #النفايات في لبنان هي الصادمة، بل مدى الاهمال الرسمي والتواطؤ في معالجة ازمة صحية - اجتماعية لا مثيل لها.
والخوف انه كما اعتاد اللبناني على التأقلم مع فراغ رئاسي سيدخل عامه الثاني قريبا، ان يعتاد ايضا على العيش وسط اكوام الزبالة للشهر السابع على التوالي.
في الاساس، ثمة تساؤل "صادم"، وهو كيف يصمد هذا البلد وسط كل هذه الازمات المتتالية وتهاوي المؤسسات ونأي المسؤولين بأنفسهم عن اي حلول شفافة. انه ليس بنعي او جلد للذات، بل انه سؤال "عجيب" لبلد تشعر فيه كل لحظة انه بات على شفير الانهيار.


ربما تكاد ازمة النفايات على سوداويتها، قد اتاحت الكشف عن الكثير من الفضائح.


اولها على مستوى السلطة السياسية التي انكشف تورطها، وثانيها على مستوى عدد لا يستهان به من البلديات التي اظهرت عجزها وفشلها، وثالثها على مستوى المواطن الذي يغرق في النفايات، من دون ان يرّتب على نفسه اولا مسؤوليات تبدأ من منزله و"زبالته".
انها مسؤوليات ثلاث مترابطة، وان كانت تختلف نسبتها.


اما بصيص النور، وسط هذه السوداوية، فقد تجلّى في تكوين رأي عام ضاغط انتج ما سمي " بالحراك المدني"، بحيث بات ما قبل 17 تموز الماضي (تاريخ اقفال مطمر الناعمة نهائيا وبدء ازمة النفايات ) ليس كما بعده، وخصوصا على مستوى الشؤون البيئية والصحية التي كانت لاعوام خلت، في اسفل سلّم المهمات، وها هي اليوم تتصدر الاهتمام المحلي. هذا الامر لا بد ان يترك تأثيره "الايجابي" على المدى الطويل، وربما اول محطة مهمة ستكون الاستحقاق البلدي في ايار المقبل.


وبغض النظر عن مدى امكان تطور حالة الحراك المدني ام لا، فانه خلق رأيا عاما قد يؤدي حالة التراكم فيه الى تغيير الواقع، يوما ما. على الاقل، لم تعد البيئة اليوم مسألة ثانوية، كما حاول المسؤولون مرارا اقناعنا، من خلال طريقة التعاطي السيئة مع كل ما يتصل بالبيئة، من مرامل الى كسارات الى قطع اشجار... وصولا الى النفايات! وهذا في ذاته " انجاز" او اقلّه تقدّم.
اليوم، تواصل اكثر من حركة بيئية عملها، وسط انكشاف حالات الصفقات والسرقات والسمسرات. اذ يتم التحضير لمؤتمر واسع، بعنوان " المؤتمر الانقاذي لازمة النفايات"، السبت في 5 اذار المقبل، في قصر الاونيسكو.


المؤتمر من تنظيم " الحركة البيئية اللبنانية"، التي اعدت اكثر من "برنامج – حل" لازمة النفايات، والتي تراها الحركة " مقصودة"، والتي تعتبر ان "الحلول المحلية موجودة وسهلة وبسيطة".


وهذا ما ستحاول تأكيده في المؤتمر المقبل، وسط عناوين واضحة: " ما تحرقوا نفسنا"، " التدوير للتوفير"، "مراكز الفرز والتسبيخ كلفتها ضئيلة".
واذا كانت الازمات الصحية "تتوالد" من مشكلة النفايات، فان السؤال الابرز اليوم عن تأثير النفايات على المياه، بعد كل هذه الفترة من " المساكنة" مع اكوام الزبالة في تربتنا وجبالنا؟


اللافت ان لجنة الاشغال النيابية سبق وعقدت اكثر من جلسة حول هذا الموضوع، وحذرت مرارا من التأثير السلبي لازمة النفايات على المياه. وفي مواقف متتالية، اشار رئيس اللجنة النائب محمد قباني الى ان "للنفايات الموجودة في لبنان تأثيرا كبيرا على المياه الجوفية. وهذا الامر يسبب خطورة كبيرة".
وأكد قباني أن "انتشار المكبات العشوائية في مختلف المناطق سينتج عنها عصارة تخترق المياه الجوفية"، مشددا على ان " بقاء النفايات بهذه الطريقة يمكن تصنيفها بالخطر الدائم".
يومها، وخلال جلسة لجنة الاشغال، طرحت اكثر من مخاوف على لسان عدد من النواب والخبراء الذين حضروا الاجتماع.
ويمكن تلخيص هذه المخاوف، كالاتي: "اولا، ينتج عن نفايات المناطق الساحلية روائح كريهة وجراثيم ، وليس بالضرورة ان ينحصر أثرها في المناطق المتواجدة فيها، بل هناك احتمال كبير ان تصل إلى المزروعات، والى الأشجار المثمرة، وقد تحمل تأثيراتها السلبية على البشر والهواء والمياه.


ثانيا، النفايات منتشرة في مناطق سكنيّة لا زراعيّة، وبالتالي قد تنتقل بسهولة الى مياه الريّ، لا سيما ان الازمة طالت، ولم تقتصر فقط على شهر او شهرين، مما يعني ان الرواسب قد تكون "استوطنت" في المياه الجوفية، وخصوصا اننا اجتزنا موسم الشتاء مع كميات امطار مقبولة نسبيا.
ثالثا، ما هو اسوأ ان النفايات تكاد توجد في كل منطقة وشارع، وليس مشهد مجرى نهر الليطاني الذي تحوّل مكانا "دسما" للأوساخ، سوى دليلا ساطعا على تلوث مياهنا. اضف اليه مشكلة مياه الصرف الصحيّ الذي تصب فيه من كلّ مناطق البقاع".


هكذا، دقت لجنة الاشغال ناقوس الخطر... والخوف. اما المطلوب فهو خطة طوارىء، اليوم قبل الغد، تتحملّ فيها البلديات والمجتمع المدني والوزارات المسؤوليات المترابطة، حتى نخرج من زبالتنا، لانه كلما مرّ وقت كلما تعددت المشاكل والامراض...


والسؤال "الصادم" ايضا، ألم يشعر بعد المسؤولون بوخز ما تبقى من ضمير لديهم، ليعترفوا ان السرقة لم تعاد مباحة اليوم، ولا بد من حل جذري وسريع ... وسليم؟!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم