الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

شاهدوا لوحات "الزبالة" والعار...الدولة تفشل والبلدية تدير الأزمة

المصدر: "النهار"
زينة ناصر
شاهدوا لوحات "الزبالة" والعار...الدولة تفشل والبلدية تدير الأزمة
شاهدوا لوحات "الزبالة" والعار...الدولة تفشل والبلدية تدير الأزمة
A+ A-

من لم يرَ مشهد أحد شوارع الجديدة والنفايات تجتاحه؟ يشعر المرء بالاختناق عند رؤية هكذا مشهد "مؤلم" و"خطر". يخاف المواطن على صحّته. يخاف من الهواء الذي يتنفّسه. يخاف من كل شيء، حتى من العيش في هكذا بلد لا تأبه الدولة فيه لمواطنيها. لوحة بيضاء نراها في ذلك الشارع، إلاّ انها لا تعكس بياض "الثلوج" التي لطالما تباهى بها اللبنانيون. ما هي إذاً؟ ومن يتحمّل مسؤولية هكذا "عار"؟... تواصلت "النهار" مع رئيس بلدية الجديدة أنطوان جبارة للاطلاع على تفاصيل هذه "اللوحة البشعة".


نرميهم في السماء؟
تلك "الأشياء البيضاء" أكياس نفايات تحمل لنا الأمراض التي تشكّل خطراً على صحّتنا في المستقبل،"وين بدنا نحطّن؟ بالسما؟" يجيب جبارة عند سؤاله عن هذا المشهد "الصادم"، مضيفاً ان "القيامة ستقوم إن جرى رمي النفايات في الأودية او في البحر"، لذا اتخذت بلديات المتن هذا القرار.
يشرح لنا ما انتظرته البلدية من مراحل في حل أزمة النفايات:
"قالوا لنا بكرا منلزّم... ما لزّموا.
أفادونا ان خطة شهيب هي الحل... لم تحصل، ولا نعلم إن كانت هي الحلّ.


ثمّ اتت وعود الترحيل، وفضيحة الترحيل".



 


سرّ "بياض" النفايات... ومصدرها
إلا اننا لاحظنا جميعاً ان لون أكياس النفايات موحّد: "أبيض". ما السّر؟ ارتأت البلدية ان تضع النفايات في كيسَيْن، كيس بلاستيكي مُحكَم جيداً، والكيس الآخر هو كيس من الخيش. وقال ان حلول بلديته هي الأقل ضرراً على صحة المواطنين. ولكن كيف؟ نسأله ما دار في بال أغلبية من رأى هذه الصورة "المفجعة".


يشرح لنا رئيس البلدية ان الشارع الذي وضعت فيه النفايات هو الذي يضم أقل نسبة سكان في الجديدة، "انه شارع جديد نسبياً هناك".


ويضيف "كنا بين خياري السيئ والأسوء، وبحسب ما تشير الوقائع، أجبرونا ان نقوم بالأسوء"، متسائلاً: "هل نترك للدولة الدفة ولا نتصرّف؟ بتنا لا نثق بالدولة التي تتقاعس باستمرار عن القيام بمسؤولياتها".


السيئ، وهو وضع النفايات في مكان واحد. أما الأسوء، فهو ان توضع النفايات مكشوفة بين الأطفال والكبار، وتؤثر سلباً على صحّتهم.
مئة طن من النفايات مصدرها منطقة الجديدة تسبح في "حلبة التزلّج" تلك. أما الخمسين طناً المتبقّية، فهي من مناطق محيطة فيها، ومنها غير تابعة للجديدة. كيف تصل النفايات لتغمر بعضها في تلك البقعة؟


يفيدنا جبارة ان "شركات جمع النفايات تقوم برميها في الشارع، فتأتي البلدية وتحكمها في الكيسين الآنف ذكرهما، كي لا تتسبّب النفايات بروائح كريهة تضرّ أهالي المنطقة". ويشكو من 40 مدخلاً إلى منطقة الجديدة، تجعل من الصعب ضبط من يرمي ولا يرمي في المنطقة.


تحمّل بلدية الجديدة مسؤولية ذلك المشهد "السوريالي" إلى "من أغلق مطمر الناعمة من دون خطّة مسبقة، ومن دون ان يعطي البلديات مهلة سنة على الأقل للقيام بحلول، كلّ في نطاقها. "مطامر ما في، ودبّروا حالكم"، جاءنا الردّ من السياسيين".


مصير النفايات
النفايات "المشرّدة" في بلدنا، لا تعلم أين تذهب وكيف تعامل باحترام. لمَ لا تكون تلك "المسكينة" في مكانها الصحيح؟ لمَ لا تُعالج؟ لمَ كلّ هذا التلكّؤ، وكأنّ السياسيين يتنفّسون هواء غير ذلك الذي نتنفّسه. وكأنّ الهواء نظيف حيث يقطنون، وملوّث عند بقية المواطنين.
مصير النفايات تائه، الوعود والحلول بالجملة، قد تطبّق، أو لا تطبّق، كالعادة. "هني حاضرين؟ خلّيهم يجوا يشيلوا الزبالة"، يقول رئيس بلدية الجديدة. إذاً لا تعلمون مصير النفايات هذه؟ "بلى كيف لا نعلم؟" حتى متى؟ "قريباً نزيلها. لن ننتظر الدولة". لكنكم قلتم انكم تنتظرونها: "فلتأتِ وتزيلها. لن تبحث عنها كثيراً، وضعناها في مكان واحد لنسهّل عليها عملية البحث"، يقول.


ويتناول مشروع معالجة نفايات المتن الذي أطلقه النائب ميشال المر اليوم، شارحاً ان "فرامة ستتلقاها بلدية الجديدة بعد حوالى الـ10 أيام من شركة أوسترالية، وتبدأ بفرم النفايات وتعريب ما يعرّب منها. ثم ستنقل النفايات إلى المعمل الذي أقامته في منطقة نهر الموت، لتعالج النفايات".






 


مشروع لمعالجة نفايات المتن
وأطلق المر المشروع خلال مؤتمر صحافي اليوم في مقر اتحاد بلديات المتن في قصر المؤتمرات - ضبيه، من أجل انجاز مشروع الترخيص للاتحاد بإقامة وانشاء معمل لمعالجة النفايات كما هو مبيّن على الخرائط المرفقة بالمرسوم الصادر بتاريخ 12 ايلول 1990 والقاضي بإشغال واستثمار مساحة مئة الف متر مربع من الاملاك العمومية البحرية الواقعة تجاه العقارات رقم 35 - 36 - 37 - 266 - 436 - 4516 من منطقة برج حمود العقارية.
وشرح المراحل التي مرت فيها الاجتماعات للوصول الى هذا "الحل البيئي السليم الذي ينهي ازمة النفايات في قضاء المتن الشمالي ساحلاً ووسطًا وجردًا"، عارضًا الفوائد البيئية والمالية والزمنية للمشروع".
وركّز على "الوفر المادي الذي سينتج جراء انشاء هذا المعمل"، فقال: "بدل الـ 220 دولارا للطن الذي كان من المفترض ان يُرحّل الى روسيا او 160 دولارًا للطن لشركة سوكلين، يصبح مع هذا المشروع سعر الطن 25 دولارا للسنة الاولى و 15 دولارا للسنة الثانية. اما السنوات الخمسة عشرة الباقية من العقد دون اي كلفة، وهنا تكمن اهمية هذا المشروع الذي يوفر اموالا طائلة على البلديات والصندوق البلدي المستقل وعائدات الخليوي اي اموال المواطنين المتنيين". وأضاف: "ابتداء من السنة الخامسة من بدء العقد تدفع الشركة الملتزمة للبلديات 12 دولارا عن كل طن نفايات يصل الى ارض المعمل، وهذا ايضا مذكور في نص العقد". كما شرح المر كل المراحل القانونية التي مر بها المشروع ليصبح اليوم "متكاملاً في انتظار موافقة سلطة الوصاية".



 


"سوكلين" التي أرجعت البلديات إلى الوراء
من ناحية أخرى، يعيدنا رئيس بلدية الجديدة بضع سنوات إلى الوراء، إلى عام 1995 تحديداً، حين "كانت البلدية تتعاطى مع موضوع النفايات باحترام، لم تره مع سوكلين"، بحسب جبارة.
أوّل كيس لتوضيب نفايات الجديدة كان من معمل "جان صالح" في البلدة، كيس أزرق اللون، مقاسه 50 سنتيمتراً. حينها، كان جبارة موظفاً في البلدية، وكان رئيس بلدية الجديدة يومها جان زيدان. "يجب ان يعتاد الناس لأن ذلك أفضل لهم"، قال رئيس البلدية حينها. واستمرّت البلدية بتوزيع أكياس النفايات، التي كانت توضع في كيس ضخم مصنوع من الشادر، وذلك لمدّة سنة مجاناً، كي يعتاد الناس على استخدامها.
وبعد ان اكتشفت البلدية عام 1995 ان مستوعبات النفايات تأتي بالجرذان والذباب، ارتأت ان تضع النفايات مباشرة في الـpick-up، ومنها إلى مكب برج حمّود. ويرى جبارة ان "سوكلين" أعادت المناطق اللبنانية سنوات إلى الوراء بمستوعبات النفايات "المكشوفة". "سنحلّ مشكلتنا بأيدينا"، يصرّ، مضيفاً "لا الدولة ولا سوكلين سيساعداننا. فلنساعد أنفسنا كبلديّات".



 


الجديدة تطلب "مكافأتها على هذه اللوحة
المكافأة. هذا ما يعتقد رئيس بلدية الجديدة انه يليق ببلديته لقيامها بهذا الأمر، إذ ان النفايات تضرّ الناس في كل المناطق اللبنانية، وليس فقط في منطقته، بحسب قوله. "على الأقل وضعنا النفايات في أكياس بيضاء وليس أكياس نفايات عادية".
البلدة، التي ستولّد الطاقة من نفاياتها بعد 3 سنوات من الآن، بحسب "المشروع الطموح" الذي قدمه المر اليوم، قد تكون قد أزعجت كل من رأى تلك الصور. أزعجتنا جميعاً نعم، وأخافتنا على مصيرنا، إلاً ان بلديتها تحاول العمل ضمن إمكانياتها، وخبراتها. فلنتذكّر ان الدولة تخلّت عن أولادها (البلديات، المواطنين،...) منذ زمن بعيد، وكلنا نعمل بما لدينا. في انتظار توليد الطاقة من النفايات...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم