الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

استثناء "النصرة" لا يطمئن المعارضة... والهدنة هروب روسي من المستنقع؟

المصدر: "النهار"
محمد نمر
استثناء "النصرة" لا يطمئن المعارضة... والهدنة هروب روسي من المستنقع؟
استثناء "النصرة" لا يطمئن المعارضة... والهدنة هروب روسي من المستنقع؟
A+ A-

في الوقت الذي أظهر فيه الرئيس السوري بشار الأسد انفصامه عن الواقع بدعوته إلى انتخابات نيابية في نيسان المقبل، أطلّت أميركا وروسيا، على أنقاض "جنيف - 3"، باتفاق هدنة "ملتبسة وبلا ضمانات"، يعد أولى المحاولات لوقف اطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، فوافق عليها النظام السوري مشترطا عدم تعزيز قدرات مقاتلي المعارضة، فيما لا تزال الأخيرة تدرس خياراتها في ظل غياب أي ضمانات بعدم قصف المدنيين بعدما استثني من القرار تنظيم "الدولة الاسلامية" و"#جبهة_النصرة" والمجموعات الارهابية التي حددها مجلس الأمن، فضلاً عن اعتبار أهم الفصائل المعارضة أنها "غير معنية بها".


وتأتي الهدنة بعد تقدم أحرزه النظام بمساعدة روسيا وسياستها "الأرض المحروقة" في ريف اللاذقية وحلب ودرعا، في وقت تستكمل فيه "داعش" عملياتها من دون أي رادع واستطاعت أخيراً أن تستغل انشغال النظام وروسيا بضرب المعارضة المعتدلة وتسيطر على بلدة خناصر في الريف الشرقي لحلب. ووفق المعلومات التي حصلت عليها "النهار" فإن فصائل المعارضة والهيئة العليا للمفاوضات تدرس تفاصيل الهدنة منذ ليل الأمس، ووضعت ملاحظات على نقاط عدة منها استثناء "النصرة" وعدم التطرق إلى الفصائل الكردية وعدم تحديد جدول زمني للهدنة، فضلاً عن انتقادات  لعدم وضع "#حزب_الله" والقوات الأفغانية والايرانية ضمن المجموعات الارهابية.



ثلاث ثغرات
وأكد قائد الفرقة الشمالية المقدم فارس البيوش  لـ"النهار" مواصلة البحث مع الهيئة في شأن الهدنة وأن لا قرار حتى اليوم، ويقول: "بالنسبة إلى موضوع عدم ذكر الميليشيات الكردية في نص الهدنة، فنحن نتكلم عن "ب ك ك" و"بي واي دي" ولم يحدد موقفهما منها وعلى اي جانب هم من هذه الهدنة؟ أما في شأن استثناء النصرة فهذا الفصيل يتواجد بيننا في المنطقة، مثلا في ريف حماة الشمالي وريف حلب الجنوبي، والمشكلة أن نقاط الرباط والجبهات بيننا متداخلة، واستثناء النصرة سيعطي الذريعة للروس والنظام بقصف الجيش السوري الحر"، ويتابع: "توقفنا في النقاش ايضا عند مسألة عدم وضع جدول زمني مما يجعل الهدنة مفتوحة، إذ تم وضع بداية للهدنة ولم يتم وضع نهاية، فماذا بعد الهدنة وما زمنها؟ فضلاً عن وجود نقاط كثيرة لم نذكرها بعد".
غداً تستكمل الفصائل والهيئة اجتماعاتها، ولا قرار في شأن الهدنة، وقال البيوش: "ندرس الآن ما هي صيغة الحل للوصول الى ما هو ممكن وليس إلى ما هو مطلوب".


"أحرار الشام"


يمكن القول أن غالبية الفصائل المعارضة غير مقتنعة بالهدنة، بل تعتبرها "خديعة"، ويؤكد القيادي في حركة "أحرار الشام" حسام سلامة لـ"النهار" أن "الهدنة ولدت ميتة، ولا يمكن تطبيقها"، لافتاً إلى أنها "لا تصب إلا في مصلحة النظام السوري وروسيا، خصوصاً بعدما تقدمت الأخيرة في المناطق وحاصرت بعضها وبالتالي هي لا تريد الاستمرار بالحرب لأن هذا ينهكها ويجرها إلى مستنقع خطير وربما تتخوف من أن يستعيد الثوار زمام المبادرة وتخسر ميدانياً في شكل كبير"، وأوضح: "روسيا تريد فقط أن تخفف عنها الثقل، لذلك اشترطت ألا تكون هدنة كاملة بل ستستهدف جبهة النصرة وبذلك قد تستهدف المدنيين وربما يقع الخطأ وتضرب فصائل اخرى مثلما فعلت بداية تدخلها عندما ادعت أنها تريد مقاتلة #داعش لكنها بدأت بمقاتلة الجيش الحر". وخلاصة الأمر بالنسبة إلى سلامة: "هذه خديعة خبيثة لا تنطلي علينا، والفصائل الثورية غير معنية بها".



رقابة شديدة
بالنسبة إلى القائد السابق للمجلس العسكري في السويداء العقيد مروان الحمد المتواصل مع العديد من الفصائل في الجنوب السوري فإن "اسم هدنة لم يطرح بعد، وهو اتفاق بين اميركا وروسيا لوقف الاعمال العدائية"، مستثنياً القوات الجوية للنظام وروسيا و التحالف بقيادة اميريكا وبهذا لم يتغير أي شيء إلا في حال فرضت رقابة شديدة وعادلة من الامم المتحدة على المواقع التي تقصف، واذا لم يتم ذلك فاعتقد ان النظام وحلفاءه سيستمرون بقصف المدنيين وترويع الأهالي بحجة محاربة الارهاب وسيضطر الاهالي مجددا للدفاع عن انفسهم".
وأضاف: "هم وضعوا النصرة و"داعش" على قائمة الارهاب، لكن اليوم فإن القصف مستمر على العديد من المواقع التابعة للجيش الحر و المناطق المدنية"، وقدم مثالاً على ذلك: اعلان بلدة النعيمة جنوب درعا منكوبة، نتيجة القصف الهمجي، وأكد أن "هذه البلدة لا يوجد فيها مقاتلون للنصرة وهذا دليل على ان النظام وحلفاءه يتذرعون بالنصرة كحجة لقصف المدنيين وقتلهم". ولفت إلى أن "الجبهات غير متداخلة بين جبهة النصرة والجيش الحر، فلكليهما مواقع خاصة، لكن الضربات حتى اللحظة موجهة باتجاه الثوار المعتدلين اينما وجدوا"، لكنه قال: "كل ما يلبي طموحات شعبنا العظيم بالحرية والكرامة وكل ما يخفف المعاناة التي يمر بها سنقوم به، أكان بالمسار السياسي او الكفاح المستمر، حتى نحصل على وطن حر سيد مستقل كما كان دائما وهي ثورة ستنتصر مهما طال الزمن".



الجبهة الجنوبية
وتعتبر الجبهة الجنوبية من أهم المكونات التي تجمع فصائل الجنوب السوري، منها لواء "شهداء الاسلام" العضو في القيادة العامة للجبهة، وأيضاً لديه ملاحظات على "الهدنة"، وقال الممثل السياسي اللواء حسام الدين ابو سعد لـ"النهار": "استثناء النصرة وداعش وما اتفق على تسميته منظمات ارهابية أخرى، هو خلط للغث بالسمين، خصوصا في ظل عدم وجود آليات واضحة لمراقبة وقف اطلاق النار".
"شهداء الاسلام" لا يختلف على تصنيف "داعش" كمنظمة ارهابية وأكد أبو أسعد أن "استثناء داعش والمنظمات المبايعة لها امر طبيعي، لا يختلف عليه احد وهناك اجماع داخلي وعالمي على ان "داعش" منظمة ارهابية ولا يمكن ان تكون جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي للمجتمع السوري وهي في النهاية ستخرج من المعادلة السياسية بعد انتهاء دورها الاستخباراتي الذي يخدم سياسة النظام المعتمدة على العمل العسكري في شكل جلي وواضح"، لكن بالنسبة إليه فإن "اضافة النصرة لهذا الاستثناء سيفتح الباب واسعا امام الالتفاف على بنود الاتفاق وتبرير خروق النظام وحلفائه لللهدنة، خصوصاً مع انتشار النصرة على أراض تسيطر عليها المعارضة وتداخل مناطقها مع مناطق تواجد النصرة، باستثناء بعض المناطق التي يفرض فيها احد الطرفين سيطرة كاملة".
وينتقد أبو أسعد أيضاً "غياب قوات أممية أو جهات رسمية حيادية ترعى تنفيذ هذه الاتفاقات وتحدد مناطق فعاليته من عدمها، ما سيشكل غطاءً للنظام يبرر ضربه لأي تهديد محتمل في المستقبل من قوات المعارضة المعتدلة بحجة ضرب تنظيمات ارهابية وتكذيب شهادات الناشطين والمعلومات الاستخباراتية على حد سواء وهو ما دأب على فعله خلال خمس سنوات مضت، ويحاول النظام فرض قيود أدق على المعارضة، تشمل عدم تغيير اماكن تواجدها وعدم "السعي" للسيطرة على أماكن جديدة، ما يجعل اي تنقل عسكري للمعارضة مبررا ايضا لضربها وهذا ما سيفرض تعقيدات جدية تكتنف هذه الهدنة، لاسيما انها لم تأت على ذكر المليشيات الارهابية المتحالفة مع النظام من جهة ولا يمكنها ان تراعي الاستقطاب المتعدد في الشمال السوري بين الثوار والأكراد والنظام وتركيا التي اصبحت تشعر بتهديد الأكراد لأمنها القومي".
وبناءً على هذه التعقيدات، فان خلاصة الأمر بالنسبة إلى "شهداء الاسلام" ان "الدفع العالمي تجاه تطبيق الاتفاق سيجلعه قابلاً للتنفيذ ولكنه قصير المدى بسبب صعوبة الحفاظ عليه من دون وجود جهات رسمية ترعى تطبيقه وتحديد ادق لبنود الاتفاق بما يتناسب مع الواقع السوري المعقد".



[email protected]
Twitter: @Mohamad_nimer

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم