الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

"داود" متّهم بتغذية الهوامات المعادية للإسلام وتدوير الكليشيهات الاستشراقية الأكثر رثاثة

رلى راشد
"داود" متّهم بتغذية الهوامات المعادية للإسلام وتدوير الكليشيهات الاستشراقية الأكثر رثاثة
"داود" متّهم بتغذية الهوامات المعادية للإسلام وتدوير الكليشيهات الاستشراقية الأكثر رثاثة
A+ A-

إكتشفتُ امتياز كمال داود روائياً، من طريق "معارضة الغريب" (منقولة إلى العربية لدى "دار الجديد")، نص بالفرنسيّة لافت في أكثر من جانب، أتاه بالتهليل النقدي فرنسياً وأوشك على مدّه بجائزة "غونكور" الأدبيّة.
حين حاورتُ الكاتب الجزائري في بيروت، إبان مشاركته في النسخة الأخيرة من "معرض الكتاب الفرنكوفوني" ومتسلّما جائزة "غونكور- خيار الشرق 2014" لم يخفِ نقمته على إنتمائه العربي وحاول مراراً خلال نقاشنا، أن ينفض عنه "شبهة" مماثلة مُفضلاً على السمة العربيّة، سمة "الجزائريّة".
وبينما تراءى داود شديد الإرتياب من هذه الجذور، بان في المقابل شديد الصدق في الإصرار على متابعة مشروعه التأليفي بعيداً من ضجيج الفتوى التي أنزلت به، فأعلن، خلال الحوار، وبالفم الملآن: "لا أقدّم نفسي كضحيّة. لست ضحيّة. هم الضحايا"، في إشارة إلى المنتمين إلى "جبهة الصحوة" في الجزائر الذين أهدروا دمه.
ثمة مفارقة أكيدة بين قيام مؤلفه الآنف الذكر بإخراج "العربّي" الشخصيّة المحرومة من هوية في رواية ألبير كامو المرجعية "الغريب" من غفليتها، مقدّمة لها خدمة هائلة ومعيدة لها الحقّ في البوح، وبين تحوّل داود نفسه، إلى هدف للإتهام، في الأيام القليلة المنصرمة، بسبب قيامه، وفق ما كُتب "بإعادة تدوير الكليشيهات الإستشراقية الأكثر رثاثة"، وكل ذلك على خلفيّة مقال نشره في صحيفة "لو موند" الفرنسية. تناول داود في المقال "ما حصل في كولونيا في ليلة رأس السنة"، أي عمليات التحرّش الجنسي الجماعيّة في المدينة الألمانية، واستدعت مقاربته ردّاً في الصحيفة الفرنسية عينها وقّعته مجموعة من الأسماء من قبيل المؤرخّتين هدى بن حموده وجوسلين دخيلة وأستاذ الأنثروبولوجيا والنظرية الاجتماعية غسان الحاج والباحثة في الإسلام السياسي نادية المرزوقي وسواهم.
اتهمت المجموعة داود بتغذية الهوامات المعادية للإسلام التي تعتنقها مجموعة متعاظمة من الجمهور الأوروبي، بحجة رفض السذاجة. دلّلت أيضاً على هفوة اقترفها الروائي والصحافي، وتعلّقت بالتمسّك بفكرة إختزالية في شأن العالم العربي والإسلامي تجنح نحو اختصاره ككيان متسق يتحدد من خلال صلته الوحيدة بالدين، ويعاينه "بلاد الله"، في حين انه مساحة تضمّ أكثر من مليار نسمة وتمتد آلاف عدة من الكيلومترات.
أشار داود في نصه إلى ان المرأة في "بلاد الله" هذه "مرفوضة ومقتولة ومحجّبة ومسجونة أو مملوكة" وذهب في تحليله إلى رصد "علاقة على ارتياب مع التخييل والرغبة في العيش ومع الإبتكار والحرية". أعابت المجموعة على داود أن يقوم وفي سياق إعلانه الرغبة في تفكيك الصور الساخرة التي يسوّقها "اليمين واليمين المتطرّف" بإعادة تدوير الأفكار النمطيّة المنوطة بالإسلام مستعيداً مناخات إرنست رنان وغوستاف لو بون.
لا ريب في أن الزمن العربي زمن أزمات لا يحتمل الخفّة في استخدام المصطلحات. ولا شكّ في أن داود يُستدرج في مقاله في "لوموند" كما في مقاله الثاني الذي نشره في "نيويورك تايمز" وتمحور حول "البؤس الجنسيّ في العالم العربيّ"، إلى شيء من التبسيط وكثير من العجالة.
حين نقرأه في "ذي نيويورك تايمز" يكتب أن محطّاتُ التلفزيون تقدم لمشاهديها في العالم الإسلاميّ "خيارين هما دعاةٌ متزمّتون ومطربات وراقصات لبنانيّات خضعن لمئات العمليّات التجميليّة، أجسادهنّ ليست بالمتناول وممارسة الجنس معهنّ من المستحيلات"، نميل إلى الإعتقاد بأنه أغفل الفروق الصغيرة وبأنه قد فاته أن يتمهّل عند ما يكمُن بين هذين الخيارين، وأن يُمعن النظر.
وكان أعلن كمال داود أمس انه سينسحب من النقاش العام ومن الصحافة بعد اتهامات الجامعيين له بانه يغذي في اقواله العداء للاسلام. وقال حديث لوكالة فرانس برس: "الامر يشبه ان تطلب مجموعة من الجزائريين من مفكر ايطالي ان يكف عن الكتابة عن هذا البلد".
ومع ان الكاتب رأى انه من غير المنصف اتهامه باثارة العداء للاسلام من قبل "من يعيشون في عواصم غربية او يجلسون على المقاهي بهناء وأمان".


[email protected]
Twitter: @Roula_Rached77

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم