الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ليستر سيتي: إلى أين؟ إلى متى؟

موسى الخوري
ليستر سيتي: إلى أين؟ إلى متى؟
ليستر سيتي: إلى أين؟ إلى متى؟
A+ A-

هناك ناد لكرة القدم في إنكلترا لم يفز يوما بلقب الدوري، و أقصى ما حققه هو مركز الوصافة في القرن الماضي و تحديداً عام 1929 أي منذ قرابة التسعين عاماً. هذا النادي الذي نتناوله اليوم عنه قضى فترة طويلة على مدى تاريخه في الدرجة الإنكليزية الأولى و يعتمد سياسة "المصعد" متنقلاً بين الدرجتين الممتازة و الأولى.


و إذا ما أخبرناكم أن أكثر ما حققه هذا النادي هو الفوز بكأس رابطة النوادي الانكليزية المحترفة المعروفة حالياً بإسم ال Capital One Cup ثلاث مرات و درع الدوري الانكليزي مرة واحدة على مدى 132 سنة.
و إذا ما ألقينا نظرة على سوق الإنتقالات و لاحظنا أن أكبر صفقة إنتقال لاستقدام لاعب جديد لم تتعد الـ 13 مليون أورو (كلفة انتقال غاريث بايل من نادي توتنهام الإنكليزي إلى ريال مدريد الإسباني بلغت تقريباً ثمانية أضعاف هذا المبلغ عام 2013).
و إذا ما جمعنا كل هذه المعطيات في فريق واحد، لظن معظم القرّاء أننا نتحدّث عن ناد إما في الدرجة الإنكليزية الأولى وإما بأحسن الأحوال موجود بين نوادي الدرجة الممتازة، لكنّه في أسفل الترتيب و يصارع بكل قواه من أجل تفادي الهبوط الى الدرجة الانكليزية الأولى.
لكن اسمحوا لنا أن نقر بأن تقديراتنا خاطئة بالكامل. فالنادي الذي نتحدث عنه هو متصدّر ترتيب "البرميير ليغ".
نعم، النادي الذي نتحدّث عنه هو نادي ليستر سيتي الذي كذّّب كل التوقعات و نجح في اعتلاء الصدارة بجدارة متقدماً بفارق خمس نقاط عن أقرب منافسيه قبل انتهاء البطولة بـ 13 مرحلة.


ليستر سيتي وضع الناس في حيرة من أمرهم. كيف يمكن لفريق كان يصارع لتفادي شبح الهبوط في الموسم الماضي أن يصبح متصدراً الآن؟
النوادي الإنكليزية الكبرى تتساءل: "نحن نصرف مئات ملايين الجنيهات من أجل الظفر بالبطولة الغالية على قلوب جماهيرنا. من أين أتى هذا الفريق المغمور صاحب الإمكانات الأقل بكثير من المتواضعة ليخطف الصدارة منّا؟". و الأسوأ من ذلك كلّه ان ليستر سيتي، صاحب ميزانية سنوية تصرفها النوادي الكبرى خلال شهر واحد، قد يخطف لقباً لم يكن قي حسابات أحد. و لا حتى في حسابات أكثر مشجعيه تفاؤلاً.
كل ما على ليستر سيتي فعله، هو أن يكمل النسج على هذا المنوال ليخطف أوّل لقب لـ"البرميير ليغ" في مسيرته الطويلة.
صحيح أن نوادي المقدمة تنتظر الفرصة السانحة للانقضاض على الصدارة و إزاحة ليسترسيتي، لكن نادي مقاطعة ليسترشاير بدأ يدرك أنه دخل مع خصومه في مراحل السباق الأخيرة، وأن من ضحّى و تعب واجتهد طوال هذا الموسم لن يألو جهداً في الحفاظ على مركزه.
وعلى رغم أن وجود ليستر سيتي في هذا المركز يعتبر مفاجأة من العيار الثقيل، إلا أنه من المجحف القول أنه إعتلى الصدارة صدفة.
فالفريق يملك عناصر قوة بارزة يمكن حصرها بثلاث جبهات:


الجبهة الأولى يقودها طبعاً المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري. درّب أكبر الفرق العالمية كنابولي وفيورنتينا وفالنسيا وأتليتيكو مدريد وتشلسي وبارما وجوفنتوس وروما والأنتر وموناكو. لكن تصوروا أنه وعلى رغم استلامه مهام تدريب أعرق الفرق العالمية، لم يتمكن هذا العجوز صاحب الـ 64 سنة من الفوز و لو بلقب دوري واحد، واكتفى ببعض الكؤوس التي تعتبر بمثابة جوائز ترضية عند الفرق الكبرى.
و لكن الوضع اختلف كلياً الآن. فرانييري على وشك تحقيق حلم يراود مخيّلة كل مدرّب في نهاية مسيرته.
الجبهة الثانية مكوّنة من الثنائي الناري الإنكليزي جايمي فاردي والجزائري رياض محرز الذي حيّر النقّاد و أبكى الخصوم، لكن الأهم من كل هذا أنّه أفرح مشجعي ليستر سيتي الذين يمنّون النفس بلقب طال انتظاره.


جايمي فاردي فكّر في يوم من الأيام أن يترك لعبة كرة القدم كونه لا يتمتع بمستوى يؤهله للعب مع الفرق الكبرى. و ها هو الآن يتصدر ترتيب هدافي "البرميير ليغ" بعد أن دكّ شباك الخصوم بالأهداف. و ما الهدف الذي سجله أمام ليفربول، و الذي ذكّرنا شيئاً ما بالهدف الأسطوري الذي سجّله الهولندي ماركو فان باستن في نهائي بطولة أوروبا عام 1988 أمام الإتحاد السوفياتي السابق، إلا نموذجا عن إمكاناته التهديفية الخارقة.
اللاعب العربي رياض محرز فاجأ الجميع بأدائه المبهر وبقدمه اليسرى الساحرة. حتى أن البعض ذهبوا إلى حد تشبيه مراوغات محرز بمراوغات الأرجنتيني ليونيل ميسي. وإن غاب محرز عن التهديف فمن النادر أن يغيب عن صناعة الأهداف لزملائه.
أما الجبهة الثالثة فيقودها مجموعة لاعبين أقل شهرة من فاردي ومحرز، لكنهم لا يقلّون عطاء أبداً. بل بالعكس يقدمون إضافة كبيرة الى الفريق. فالفرنسي نغولو كانتي القادم من نادي كان الفرنسي هو بمثابة الجندي المجهول في الفريق. وتشير الاحصاءات الى أن كانتي هو من أكثر اللاعبين قطعاً للكرات و جرياً في وسط الملعب بالطول والعرض. و يشبهه كثيرون بمواطنه الدولي السابق كلود ماكيليلي.


و ينطبق على الحارس الدانماركي كاسبر شمايكل قول "هذا الشبل من ذاك الأسد". فحتى لو أن بيتر شمايكل والد كاسبر يتفوّق بشكل كبير على نجله من ناحية الإنجازات و الألقاب، إلا أنّ ما قدّمه كاسبر لفريق ليستر سيتي حتى الساعة ساهم في شكل كبير في وصول الفريق إلى ما هو عليه الآن.
المدافع داني درينكواتر أثبت أيضاً أنه من طينة المدافعين الكبار الذين يوحون بالثقة لجماهيرهم و زملائهم. و ما يميّز هذا اللاعب هو الثبات في المستوى لعدّة مباريات.


و في حال تشديد الرقابة على الثنائي فاردي- محرز، يعرف رانييري بفضل خبرته متى يقحم الأرجنتيني ليوناردو أولوا أو حتى الياباني شينجي أوكازاكي الذي يجيد التحرر من الرقابة و تسجيل الأهداف الحاسمة.


إلى أين سيذهب ليستر؟ و إلى متى سيبقى متصدراً لـ"البرميير ليغ"؟ شهر أيار لناظره قريب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم