الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لا فائدة من المساواة بين الضحية والجلاد

فهد المصري-منسق "مجموعة الإنقاذ الوطني"
لا فائدة من المساواة بين الضحية والجلاد
لا فائدة من المساواة بين الضحية والجلاد
A+ A-

كان على هيئة التفاوض رفض المشاركة في جنيف والتمسك بمواقفها والمطالبة بحماية المدنيين وإخراجهم من دائرة الصراع لأن نتائج المشاركة في جنيف ستكون اسوأ بكثير من عدم المشاركة لأن ما يجري هو خارج سقف مطالب الشعب السوري.
لو رفضت هيئة التفاوض المشاركة وفرضت روسيا وإيران ونظام الأسد لائحة بأسماء تعتبرهم معارضين وأعلنوا عن التوصل إلى اتفاق، فإنه لن يكون سوى حبر على ورق ولن يجد طريقه للنجاح على الارض.
إصرار روسيا والولايات المتحدة على عقد جنيف 3 وتمرير الأفخاخ قبل المؤتمر الدولي حول سوريا المزمع عقده في الحادي عشر من هذا الشهر في ميونيخ، ينبع من أن روسيا وواشنطن ارادتاه (جنيف 3) ان يكون حقل تجارب واختبارات لآليات القبول بما يطرح وتمرير ما اتفقوا عليه في فيينا للالتفاف على مطالب الشعب السوري.



لا تكفي المطالبة بالإجراءات الإنسانية كدخول المساعدات الإنسانية والإغاثة للمناطق المحاصرة لأن ذلك يعني بأن النظام وحلفاءه سيعملون على حصار مناطق أخرى وطلب التفاوض مجدداً لدخول المساعدات مرات جديدة لكسب الوقت والظهور بمظهر المتعاون مع الأمم المتحدة، والمتساهل والمتنازل في حين أنه لم يقدم شيئاً بالمطلق. والدليل قبوله دخول المساعدات ليكسب جولة ويظهر بمظهر الإيجابي فيما تظهر المعارضة بعدم الإيجابية.
المطلوب هو موقف استراتيجي وهو حماية المدنيين وإخراجهم من دائرة الصراع. إذ إن حماية المدنيين تتضمن عدم حصارهم وتسهيل وصول كل أشكال المساعدات والإغاثة لهم وخصوصاً المناطق المتضررة. فالنظام الذي يدعي الشرعية يحاصر مواطنيه ويمنع عنهم كل أشكال الحياة ويعرضهم لكل أنواع المخاطر والتجويع والحصار والقصف.
وعلى رغم أن القانون الدولي واتفاقات جنيف تنص صراحة على حماية المدنيين خلال الحروب، فإننا لم نرَ خلال خمس سنوات أي تحرّك للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وحتى لجامعة الدول العربية لحماية المدنيين في سوريا.
لم تنتصر أمة أو شعب بقرار دولي ولم تسقط المفاوضات يوماً حكم الاستبداد. إذ لا تكفي النيات الحسنة للمشاركة في مؤتمر، فالطريق إلى جهنم يمكن أن يفرش بالنيات الحسنة.
مثلما شهدنا على نكبة الشعب الفلسطيني، نرى اليوم نكبة الشعب السوري الذي سيطالب بحق العودة.


لو لم تشارك هيئة التفاوض في جنيف لكان الموقف السياسي أقوى بكثير في مؤتمر ميونيخ الدولي في 11 من الشهر الحالي. لا توجد في جنيف بالمطلق خريطة طريق للحل، وخريطة طريق دو ميستورا لم تجد طريقاً تسير عليه لأنها لا تلبي المطالب بل تنحاز إلى طهران وموسكو وسيكون مصير جنيف 3 كمصير كل المؤتمرات الفاشلة.
خطورة القضية أنهم يريدون تمييعها للقبول بما يسمونه حكومة وحدة وطنية للقضاء على فكرة هيئة الحكم الانتقالي والقضاء على فكرة رحيل الأسد على الأقل في فترة قادمة، لأن بقاء الاسد وحكمه يضمنان للروس والإيرانيين بقاء نفوذهم. وكما هو داعش وأخواته ضرورة لبقاء حكم الأسد والنفوذ الإيراني فإنها أيضاً باتت ضرورة لروسيا لفرض نفوذها في سوريا والشرق الأوسط.


لم يثر السوريون ويتظاهروا طلباً لرغيف الخبز بل للحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، ولم يثوروا طلبا لاقامة امارات اسلامية او دولة خلافة ولم يرفعوا شعارات ورايات دينية او طائفية بل ادخلت وتسللت لتشويه ثورتهم. لم يثوروا ويتظاهروا لمشاركة الاسد السلطة بعد مليون شهيد وضحية وعشرة ملايين لاجئ ونازح ونصف مليون معاق ودمار سوريا بل لتغيير نهج وبنية السلطة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال إصلاحها وبنية النظام تعني الجيش والأمن.
#جنيف وفيينا بوابة للمساواة بين القاتل والضحية وتضييع عنصر المحاسبة، وكأن المشكلة سياسية في سوريا على السلطة بين النظام والمعارضات الناشئة او المصنعة بعناية.
سيتم السماح بدخول محدود للمساعدات للايحاء بتعاون النظام، وان المجتمع الدولي يمارس ضغوطه في حين ان النظام لم يقدم ولن يقدم شيئاً بل تخفيفا لبعض الممارسات وستشكل حكومة مشتركة لا قيمة لها وحتى من سيتم الاستعانة بهم على اساس معارضين سيكونوا عاجزين عن تغيير رئيس مخفر شرطة.
كلها مسرحية سخيفة للالتفاف على ثورة الشعب السوري ومطالبه وتضحياته وتبرئة القاتل.
من المؤكد ان الفشل هو حليف جنيف وأي مؤتمر آخر لا يعالج صلب المشكلة. إذ إن على أي مؤتمر أو حل أن يرتكز على تشخيص صحيح للمشكلة لمعالجتها وحلها. والمعالجة تبدأ بالأسباب قبل النتائج.
أخيراً، لماذا أصرّت ايران ان يرأس بشار الجعفري وفد ما تبقى من النظام الى جنيف في حين ان روسيا كانت تنتظر وصول وليد المعلم ولم يأتِ؟!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم