الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ضبط الساعة السورية على توقيت حلب

المصدر: "النهار"
امين قمورية
ضبط الساعة السورية على توقيت حلب
ضبط الساعة السورية على توقيت حلب
A+ A-

لعل التقدم الميداني في ارياف #حلب وكسر الحصار عن بلدتي #نبل و#الزهراء المحاصرتين منذ 2012 واتجاه الجيش السوري مع حلفائه الروس والايرانيين و"حزب الله" نحو تضييق الخناق على الاحياء الشرقية لمدينة حلب، هو أبرز إنجاز عسكري للنظام منذ ثلاث سنوات من شأنه ان يقلب المعادلات ليس فقط في شمال البلاد، بل في سوريا كلها نظرا الى الاهمية الاستراتيجية لمدينة حلب ومحافظتها، ان في الصراع المحلي او في اللعبة الدولية الدائرة حول سوريا وعلى ارضها.
وتشهد مدينة حلب معارك مستمرة منذ صيف 2012 بين #الجيش_السوري الذي يسيطر على الأحياء الغربية، والفصائل المقاتلة التي تسيطر على الأحياء الشرقية منها، المهددة اليوم بأن تصبح مع عدد كبير من البلدات المحاذية تحت "حصار مطبق"، بفعل التدخل العسكري الروسي الذي أمّن للنظام وحلفائه غطاء جويا ودعما معنويا ولوجستيا لا بل حتى ميدانيا، بدل التوازنات العسكرية على الارض. وهكذا، بات النظام في موقع يخوله تقسيم الفصائل المعارضة وعزلها والتقدم على حسابها في مناطق جغرافية رئيسية. ولا شك في انه لولا اعتماد القوات الروسية وحلفائها جوا وبرا سياسة الأرض المحروقة، من دون التورّط في حرب شوارع داخل البلدات التي تمت السيطرة عليها، وتجنّبت القوات المهاجمة خوض حرب الشوارع، التي تتفوّق فيها المعارضة، لما كان هذا التحول العسكري الاستثنائي .
اذًا الانظار كلها الآن مركزة على حلب، لترقب مسار المعركة التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة من عمر الازمة السورية، وسيكون لها الكلمة الفصل في اي حديث مقبل عن تسويات او شروط التفاوض المقبلة بين كل الأطراف، فالمحافظة تحتلّ أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتدّ على طول السلسلة الحدودية بين سورية وتركيا.
وتعتبر حلب المفصل الأهم بعد دمشق في تحديد اتجاه الحرب في سوريا، ومن يحسم معركة حلب يربح ثقلاً ميدانياً وسياسياً مؤثّراً لدرجة كبيرة في مستقبل البلاد، حيث تشكل ساحة واسعة للتدخل الأمني المخابراتي والعسكري الميداني لكافّة الدول المعنية في رسم المناورات والخطط والسياسات المختلفة لتحقيق أهداف الحرب على سوريا، ولها موقع مهمّ ومؤثّر في الخارطة السورية الإقليمية.


كذلك فإن حلب هي ثاني أكبر مدن سوريا مساحة وسكانا وتنوعا، وتبعد عن الحدود مع تركيا قرابة الـ 50 كيلومترًا، وتشكّل نقطة ربط بين محافظات الرقة شرقاً وإدلب غرباً وحماه جنوباً، وهي قاعدة مهمة في الاقتصاد لناحية توزيع ونقل النفط السوري، وفيها تتركز معظم الصّناعات السورية الحساسة. وتوجد فيها أهم القواعد العسكرية السورية. وفي حال السيطرة على كامل المدينة يمكن فصل اريافها الاربعة بعضها عن بعض، وتاليا يعيق التواصل بين مسلحي المعارضة في هذه الارياف الواسعة. كذلك يمنع التواصل بين محافظة إدلب المفتوحة شمالاً على تركيا، حيث للمعارضة وجود عسكري كاسح من جهة، وبين محافظة الرقّة المفتوحة على مناطق سيطرة تنظيم "داعش" في الأنبار العراقية. اضافة الى كونها بوابة العبور الرئيسية للمسلّحين وللأسلحة من تركيا واليها.


باختصار، تشكل حلب أهمية استراتيجية في خريطة العمليات العسكرية السورية، باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق شمال سوريا وشمال غربها وشمال شرقها وشرقها ووسطها، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية التركية. وهي تعتبر تقريباً من أكبر معاقل المسلحين المعارضين على انواعهم، وخصوصاً ريفاها الشمالي والغربي اللذين يتمركز فيهما "داعش" و"النصرة".
حلب لا تعني فقط السوريين والروس، بل تعني ايضا الاطراف الدوليين والاقليميين المنخرطين في الصراع السوري، ولا سيما تركيا التي يمكن ان يكون سقوط حلب خسارة كبيرة لها في الملف او حتى اخراجا لها بالكامل من الملف، لاسيما مع فتح باب المفاوضات والتسويات الكبرى. حتى ان بعض المسؤولين الاتراك يجاهرون حتى الآن بأن هذه المدينة مثلها مثل الموصل وجرابلس وجبل التركمان جزء من تركيا، حرمها منها اتفاق سايكس بيكو قبل قرن من الزمان، ولا بدّ من استعادتهم الى الاحضان التركية. مع التذكير بأن حلب كانت اول مدينة يدخلها السلطان العثماني سليم الاول بعد معركة مرج دابق ضد المماليك، واول ولاية عربية عثمانية تابعة للباب العالي. اضف الى احتمال لجوء مئات الالوف الجدد من السوريين الى اراضيها وما يمثل ذلك من اعباء اضافية ومرهقة امنيا وماديا وسياسيا. كذلك فان المملكة العربية السعودية معنية ايضا بمعركة حلب نظرا لتبعاتها السياسية والعسكرية، فهل تسمح بمثل خسارة كهذه، من شأنها ان تعيد للنظام الذي تطالب برحيله معظم التجمعات السكنية في سوريا والمدن الكبرى ماعدا ادلب وحلب؟ فكيف سيكون الرد التركي والسعودي وأين؟ وماهو الموقف الاميركي الذي على رغم تردّده المريب يمسك بالكثير من أوراق القوة؟ وهل تطلق الولايات المتحدة يد روسيا بالكامل في سوريا؟.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم