السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

سينما - "روتردام 45" انطلق أمس: مهرجان بلا نجوم يدعمه الجمهور بحضوره الكثيف

سينما - "روتردام 45" انطلق أمس: مهرجان بلا نجوم يدعمه الجمهور بحضوره الكثيف
سينما - "روتردام 45" انطلق أمس: مهرجان بلا نجوم يدعمه الجمهور بحضوره الكثيف
A+ A-

افتتحت أمس في مدينة روتردام الهولندية دورة جديدة من مهرجانها السنوي التي تُعقد سنوياً منذ 44 عاماً. 12 يوماً مخصصة للسينما الحقيقية غير المتزلفة للجمهور (عموماً) تطلّ في روتردام من 27 الجاري الى السابع من شباط المقبل. بردٌ قارس، طقسٌ شتوي، جو قاتم، لا نشاط يمكن ممارسته في مثل هذه الظروف سوى ارتياد الصالات المظلمة التي تكتظ في هذه الأيام بحكايا البشر وتفاصيل عيشهم المنقولة الى الشاشة.


الهولنديون لا يخيبون ظنّ المنظمين، انهم يتوافدون بأعداد كبيرة الى تلك القاعات الموزعة في أرجاء المدينة المجلدة. الإقبال ناهز الـ287 ألف مشاهد عام 2014، وهذا رقم قريب من ايرادات الـ"برليناله" الذي يُعتبر من أكثر التظاهرات السينمائية اقبالاً في العالم.
بيد ان مهرجان روتردام انطلق من العدم يوم أسسه الراحل هوبر بالز. يُحكى ان الحضور ليلة الافتتاح في الثامن والعشرين من العام 1972 اقتصر على 17 شخصاً. أما المهرجان برمته فلم يستقطب أكثر من 4500 مشاهد، على الرغم من انه كان يقدم في تلك الدورة - الاولى اذا صحّ التعبير - 31 فيلماً. الآن، عدد المحترفين الذين يأتون الى المهرجان يبلغ الـ2400. هذا كله، حققه "روتردام" بلا نجوم وبهرجة ومظاهر فارغة. أما هوبير بالز، فبات اسم صندوق دعم لسينمات آسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية وشرق أوروبا.
هناك مدير جديد يتسلم زمام الأمور هذه السنة في روتردام: بيرو بيير خلفاً لروتغر وولفسون. جائزة "هيفوس تايغر" التي بدأت توزّع من العام 1995 ستُمنح هذه السنة الى واحد من الأفلام الثمانية (كان عددها 15 في الدورات الماضية) المعروضة في المسابقة، وقيمتها تحت الادارة الجديدة ارتفعت الى 40 ألف أورو. في هذا السياق، طرأ تعديلٌ على الجوائز: سابقاً، كان هناك ثلاث جوائز قيمة كلٌّ منها 15 ألفاً تُسند الى ثلاثة أفلام. مع انعقاد الدورة الجديدة، باتت هناك جائزة واحدة قيمتها 40 ألفاً، يتقاسمها مخرج الفيلم ومنتجه. بالاضافة الى هذا، هناك جائزة قيمتها عشرة آلاف ستُسند الى فيلم واحد "لإنجازه الفني الاستثنائي".
مهرجان روتردام أحد أكبر محافل السينما المستقلة، أو بما يُعرف سينما المؤلف، في أوروبا. دائماً رفع راية هذه السينما، دائماً افتخر بتوجهه الواضح الصريح، دائماً كان سبّاقاً في صون فكرة معينة عن السينما. في روتردام، لا نجوم من هوليوود، لا أفلام تحظى بإنتشار واسع في دور العرض، فقط تلك السينما المحمولة على الظهر. هذه التظاهرة التي يُفتتح بها العام هي ثاني أشهر موعد للسينما المستقلة في العالم، بعد ساندانس الذي افتتح دورته الحالية الخميس الفائت في الولايات المتحدة، والموعدان متداخلان زمنياً وعقائدياً. بيد ان المهرجان الأميركي أكثر شهرة على الصعيد الدولي، كونه احتضن على مدار سنوات كلّ انتاجات السينما الأميركية الخارجة عن الدروب المطروقة.
افتُتح المهرجان بفيلم "ما بعد النوم". الانتاج دولي والأصل الأدبي هولندي، وهو يُعتبر من أكثر الروايات مبيعاً ومن كلاسيكيات الأدب الهولندي. صوّره المخرج بودوين كول باللغة الانكليزية. يحملنا الفيلم الى رحلة صمود صحبة عالم آثار طموح يبحث عن نيزك في النروج، بهدف تحسين صيته كأكاديمي، وتأكيد نظرية علمية معينة. يسير ألفرد على خطى والده، مكملاً مهمته من حيث تركها حينما مات. يُذكر ان كول سبق أن أنجز فيلماً عنوانه "كاوبوي" وحاز عنه جوائز دولية عدة.
لجنة تحكيم هذه الدورة تضم: الناقد الهولندي بيتر فان بورن، الممثلة التونسية هند صبري، المخرج التايواني زنوشا سويشاكورنبونغ، مدير مهرجان فيينا هانس هرش، وأخيراً وليس آخراً، المخرج البرتغالي ميغال غوميز، الذي ذاع صيته في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد انجازه الأجزاء الثلاثة من "ليال عربية"، على طريقته الخاصة جداً.
من الأفلام المتسابقة على جائزة "هيفوس تايغر"، نجد: الهولندي "مستقبل التاريخ" لفيونا تان، نصّ وضعه المخرج مع الناقد في مجلة "سكرين" جوناثان رومني، وهو من بطولة مارك أوهالوران، دوني لافان، ويوهانا تر ستيج. الفيلم يترجّح بين الروائي والوثائقي. بحسّ قريب من التقارير الصحافية، يتطرقّ الفيلم الى "رحلة رجل عبر إضطرابات أوروبا وعبر روحه الخاصة". "أرض المستنير" وثائقي هو الآخر يشارك في المسابقة، انه باكورة المخرج البلجيكي بيتر يان ديه بو، عن أطفال من قبيلة الـ"كوشي" يبحثون عن متفجرّات في المناجم التي تركها السوفيات خلفهم، ثم يبيعونها لأولاد من جماعات أخرى. "ضباب فندق"، دراما ايروسية، هو الآخر باكورة التايلاندي برابدا يوون، المسؤول عن نصوص أفلام مثل "زوج لليلة واحدة" (2003)، "حياة الكوكب الأخيرة"(2003).
في حين يتمحور الفيلم الكولومبي، "حيوان داكن"، لفيليبي غويرويرو، على ثلاث نساء يجبرن على مغادرة منزلهن بعد نشوب صراع عنيف في منطقتهن، يحملنا المخرج الايراني باباك جلالي في تجربته الاخراجية الثانية ("أحلام الراديو") الى عالم الغناء من خلال نصّ كوميدي عن كاتب ايراني يحلم بضم فرقة "ميتاليكا" إلى فرقة "أحلام كابول"، وهي أشهر فرقة روك أفغانية. لجلالي سبق أن شاهدنا "حنين الحدود" الذي عُرض في لوكارنو عام 2009. من الباراغواي، يأتينا فيلم أول أخرجه بابلو لامار في عنوان "الأرض الأخيرة"، عن زوجين يقيمان على إحدى التلال استعداداً لرحيل الزوجة. سبق للامار أن عرض فيلمين قصيرين في مهرجان كانّ. دائماً من أميركا اللاتينية، ولكن هذه المرة من البرازيل، تأتينا المخرجة ماريليا روشا بفيلم - بورتريه عنوانه "عندما أطعن في السنّ"، حيث تقتفي اثر شاب برتغالي يحاول أن يؤسس حياة جديدة في البرازيل بعد مغادرته لشبونة. الفيلم الثامن في إطار المسابقة: "امرأة، دور" لاليزابيث سوبرين، عن ممثلة مثابرة في عملها تنسحب فجأة من مسلسل غبي صنع شهرتها، كي تعود الى حياتها السابقة في نيويورك وتبعث روحاً جديدة في حياتها. الفيلم افتُتحت عروضه في ساندانس، وهو من بطولة ماغي سيف، المشهورة بدورها في الدراما التلفزيونية "رجال مجانين" و"أبناء الفوضى".
أفلام كثيرة يغرقنا بها مهرجان روتردام، وهي تُعرض في أقسام مختلفة، يصل عددها تقريباً الى 477 فيلماً مصدرها 50 دولة. هذه أرقام الادارة التي تتوقع زيارة 260 مخرجاً سينمائياً مع أفلامهم الى الأراضي المنخفضة على مدار أيام المهرجان. بعيداً من المسابقة التي تُعتبر متن المهرجان ومركز ثقله، فإن معظم العروض الأخرى سبق أن لفّت العالم، على الرغم من ان هناك 106 عروض عالمية اولى. هناك نشاطات موازية ايضاً: درسٌ سينمائي لسيرغي لوزنيتسا أو استعادة لفيلم من بطولة ديفيد بووي، "الرجل الذي سقط الى الأرض" لنيكولاس روغ (1976). "هنا بدأت إعادة الإعمار" هو قسم داخل البرنامج يجمع ستة أفلام قصيرة من بلدان مختلفة (البرازيل، الصين، المغرب، سلوفاكيا، وهولندا) اطارها إعادة ترميم ما تهدم في بقعة جغرافية معينة بعدما مرت فيها حربٌ. المهرجان طلب الى هؤلاء الستة تحقيق هذا المشروع الذي يُسجَّل في اطار الاحتفاء بالمدينة. "في مجتمع يتغير باستمرار"، يقول مدير المهرجان بيرو بيير، "من الضروري أن نتطلع الى أنفسنا، وأن ندرك كيف نعامل الآخرين وكيف بإمكاننا أن نبني مجتمعا معاً".
أخيراً، سيُختتم المهرجان في السادس من شباط (قبل يوم من إنهاء العروض) بعرض الفيلم الأميركي "طفولة زعيم"، عن كيفية صناعة شخصية تتسم بصفات الديكتاتورية من خلال حكاية عائلة أوروبية تهاجر الى أميركا بعد إتفاق فرساي في مطلع القرن الماضي. اقتباس حرّ لرواية لجان بول سارتر نُشرت عام 1939. هذا أول فيلم للممثل الأميركي برادي كوربيه، وسيتم عزف موسيقى الفيلم التي ألّفها سكوت والكر وسجلها بيتر والش. الأوركسترا سيقودها مارك وارمان.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم