الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"تطمينات" كيري تكرّر حكاية إبريق الزيت وتصعيد الضغوط لتنازلات في الملف السوري

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
"تطمينات" كيري تكرّر حكاية إبريق الزيت وتصعيد الضغوط لتنازلات في الملف السوري
"تطمينات" كيري تكرّر حكاية إبريق الزيت وتصعيد الضغوط لتنازلات في الملف السوري
A+ A-

اكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال زيارته للمملكة العربية السعودية ولقائه نظراءه من دول مجلس التعاون الخليجي غداة رفع العقوبات الاميركية والدولية عن طهران تنفيذا للاتفاق النووي الذي وقع بين ايران والدول الخمس الكبرى زائد المانيا، وجود تحالف وصداقة قوية بين واشنطن والرياض، وان علاقتهما لم تتبدل نتيجة لتوقيع الاتفاق النووي مع ايران. وسبق للولايات المتحدة أن توجت تطميناتها للدول الخليجية في مؤتمر كامب ديفيد في ايار من العام الماضي مع التقدم الذي كانت تحرزه الدول الغربية في المفاوضات مع طهران وبعد زيارات مكوكية للوزير كيري للدول الخليجية، بمجموعة من الالتزامات المعنوية التي نسفها أو كاد اداء اميركي مقلق وغير مريح في المنطقة. ومن المرجح ان تستمر الولايات المتحدة في حاجة الى تأكيد تحالفها مع الدول الخليجية مع الانفتاح المرتقب على طهران في الاشهر المقبلة، وقد باتت التسريبات الاعلامية عن الصفقات المتعلقة بشراء الطائرات وما الى ذلك تطغى على محاولات الطمأنة من أي دولة من الدول الغربية التي تسعى الى موازنة علاقاتها بين الدول الخليجية وايران، من دون ان تؤذي الدول العربية ولا تهمل ما يمكن أن تشكله إيران المتعطشة الى العودة الى المجتمع الدولي بكل ما يتطلبه ذلك. فرئيس الديبلوماسية الاميركية أعاد في الرياض تكرار ما سبق ليس للمملكة السعودية ان كررته طوال العامين الماضيين مما تعتبره دعم ايران للارهاب، بل هو اطاح المخاوف او حتى التحذيرات الاسرائيلية في هذا الاطار، وسط تساؤلات كبيرة عما إذا كانت اسرائيل قد تقاضت ثمنا أو ستتقاضى أثمانا لقاء رفع العقوبات عن طهران. ففي خضم الصراع العربي الفارسي في المنطقة، لا تبدي اسرائيل قلقا كبيرا يستوقف الولايات المتحدة او سواها في ظل واقع يشي بعدم رغبة اسرائيل في اشاحة الانظار في اتجاهها ما دام الاهتمام مركزا على الصراع في دول المنطقة وبينها. وقال كيري ان بلاده لا تزال ترتاب في نشاطات ايران في المنطقة، مشيرا الى أن الاسلحة لـ"حزب الله" أتت من ايران عبر دمشق وان الحزب يملك ما بين 70 الف الى 80 الف صاروخ، متسائلا لماذا يحتاج الحزب الى كل ذلك؟ هل أسمع كيري الرياض ما ترغب في سماعه في موضوع التهديدات التي تشكلها طهران عبر تدخلاتها في المنطقة من أجل طمأنتها، بعدما تصاعد الصراع بين السعودية وايران الى أقصى مدى يمكن أن يبلغه من دون الدخول في حرب مباشرة بين الطرفين أو يترك انطباعا أنه تلقى ضمانات من طهران حول سلاح "حزب الله" وطبيعة استخداماته في المرحلة المقبلة، بمعنى حصوله من ايران على ضمانات في شأن أمن اسرائيل، بما يجعل هذه الصواريخ غير ذات أهمية بعد الآن، او انه يقول ان ذلك سيكون من ضمن اي ملف يفتح مع طهران في المرحلة المقبلة في اطار طمأنة المملكة الى ان واشنطن مدركة لذلك ولا يغيب عن اولوياتها.


يقلق الموقف الاميركي من طهران، على عكس ما يوحيه كلام كيري في السعودية، رغم ان ما يربط البلدين قوي من حيث المصالح والعلاقات. فهذا الجزء الاخير يحتمل الدقة بنسبة كبيرة لمبررات بديهية، بحيث لا يمكن واشنطن التخلي عن علاقاتها التاريخية مع السعودية. لكن في النهاية ثمة افعال واجراءات على الارض. ومراقبون كثر نظروا بريبة الى انه في مقابل تأكيد متانة التحالف مع المملكة السعودية وتطابق وجهات النظر في موضوع اليمن والقلق من نشاطات طهران في المنطقة، حمل كيري مطالب ضاغطة في اتجاه ضرورة تعديل وفد المعارضة السورية الى المفاوضات المرتقبة مع النظام في ظل الشروط التي تضعها روسيا، مشددة على ضم قائمتها من المعارضين القريبين من النظام او المقبولين منه الى وفد المعارضة، على نحو يفخخ إذا صح التعبير مكونات هذا الاخير، والتي التأمت في الرياض واتفقت على تشكيل الوفد. هذه الشروط يستفيد منها النظام والمحور الداعم له، ويستهدف الرياض من ضمن رعايتها لاجتماع المعارضة واتفاقها على ارضها. وبدا بالنسبة الى المراقبين الديبلوماسيين انه فيما كان منتظرا من واشنطن ان تستفيد من الضغط الذي تواجهه موسكو من اجل انطلاق المفاوضات حول الحل السياسي في جنيف كما من الوضع الصعب الذي يواجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في روسيا نتيجة انخافض سعر عملته ازاء الدولار وانخفاض اسعار النفط، بدت الولايات المتحدة كأنها تؤدي دور الوسيط الذي يهمه إنجاح المفاوضات في مقابل الضغوط على من تمون عليه، علما أنها يجب ان تتمسك هي بمطالب المعارضة. فهذا التنازل من الخارجية الاميركية على نحو يريح روسيا الداعمة لنظام بشار الاسد، يترك المجال واسعا أمام التساؤلات عما إذا كانت الولايات المتحدة لا تضغط على حلفائها لمطالبتهم بالمزيد من التنازلات. وهذه التنازلات من واشنطن في موضوع وفد المعارضة السورية يبرره البعض بحرص واشنطن على اطلاق المفاوضات في موعدها وعدم السماح بتطييرها وفق ما يناسب النظام وداعميه، لكن ما يقلق هو الاداء التراجعي لواشنطن الذي يصب في مصلحة خصوم الحلفاء في المنطقة التي تقول انها تشاركهم الاهداف نفسها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم