الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

للمسلمات، تعلُم الإنكليزية أو الترحيل!

المصدر: "النهار"
سوسن أبوظهر
للمسلمات، تعلُم الإنكليزية أو الترحيل!
للمسلمات، تعلُم الإنكليزية أو الترحيل!
A+ A-

لم يعد ممكناً لامرأة مسلمة التحقت بزوجها الذي يحمل الجنسية البريطانية، ألا تتحدث بالإنكليزية. لم يعد جائزاً التقوقع داخل المنزل والمحيط الضيق وعدم الاختلاط والاندماج في المجتمع الأوسع. المعادلة الجديدة التي أرساها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون هي الانتماء اللغوي والنجاح في اختبارات تقويمية أو ... الترحيل، ولو أدى ذلك إلى فصل المرأة عن أولادها حاملي الجنسية البريطانية وتدمير النسيج الأسري.


وهو كتب أمس الاثنين في صحيفة "التايمس" موضحاً أبعاد القرار. قال :"هذه بريطانيا. في هذه البلاد، النساء والفتيات يتمتعن بحرية اختيار كيف يعشن وماذا يرتدين ومن يحببن... لن نبني حقاً أمة واحدة إلا بالدفاع بصلابة عن قيمنا الليبيرالية وما ننشده من الآتين للعيش هنا لنبني بلادنا معاً ونكون أكثر إبداعاً وكرماً في العمل لكسر الحواجز" بين السكان المتعددي الجذور.
إنها إذاً خطوة للوحدة المواطنية ولِيتكلم البريطانيون، كل البريطانيين، لغة واحدة، بالمعنى الحرفي للعبارة. لكن فكرة إضافية وردت في مقال كاميرون أثارت الانتقادات. إذ رأى أن أماً مولودة في باكستان لا تتكلم الإنكليزية في منزلها في برادفورد، "يمكن أن تؤدي بنجلها الشاب إلى الانحراف نحو الراديكالية". وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كرر أنه "إذا كنتَ غير قادر على التخاطب بالإنكليزية والاندماج، قد تجد نفسك عاجزاً عن تحديد هويتك وأكثر انجذاباً للرسائل المتشددة الصادرة عن "داعش"".
يا لهذه المعادلة. مهلاً، أليس المتشددون البريطانيون في أشرطة تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") أمثال "الجهادي جون" من الذين يتحدثون الإنكليزية بطلاقة؟ وكذلك حال المراهقات اللواتي يتركن حياة هانئة في بريطانيا ويذهبن إلى المجهول في الرقة؟
ولماذا التركيز على النساء، والكثيرات منهن غير متحكمات بمصائرهن، كما أقر كاميرون، مشيراً إلى قدومهن من مجتمعات ذكورية تمنعهن طقوسها من تعلم الإنكليزية؟
وفق الأرقام التي قدمها، هناك 38 ألف امرأة مسلمة لا يفقهن شيئاً من الإنكليزية و190 ألفاً ذات معرفة محدودة بها، وهو لم يقدم إحصاء مماثلاً عن الرجال.
واعتباراً من تشرين الأول، سيكون هناك تدابير جديدة بالنسبة إلى النساء الملتحقات بأزواجهن بموجب التأشيرة الزوجية الخاصة، ومدتها خمس سنوات، إذ سيكون عليهن اجتياز امتحانات لغوية متقدمة بعد سنتين ونصف السنة من الإقامة في بريطانيا، وسيواجهن الترحيل في حال الرسوب. أما أولاد هؤلاء، وهم بريطانيو المولد والجنسية، فيبقون في البلاد وينسلخون عن أمهاتهم.
وقارن معلقون على "تويتر" الإجراء بآراء دونالد ترامب العنصرية تجاه المسلمين، وانتشرت رسوم كاريكاتورية تصور رئيس الوزراء البريطاني في هيئة رجل الأعمال الأميركي الطامح إلى الرئاسة الأميركية. وتساءلوا كيف يمكن الافتراض أن أماً لم تنجح في اختبارات لغوية ستوجه أولادها نحو الإرهاب وأن يكون فصل أطفال عن والداتهم حامياً لهم من الأفكار المتشددة.
واستخدمت "الاندبندنت" المثل نفسه الذي أورده كاميرون عن الأم الباكستانية التي لا تجيد الإنكليزية لترسم سيناريو بديلاً هو الأقرب إلى الواقع. ذلك أن إعادة الوالدة إلى بلاد كانت تركتها لتؤمن مستقبلاً أفضل لنجلها سيجعله حاقداً على الدولة. ولن تكون أمه إلى جواره لردعه، سواء بالأوردو أو بإنكليزية ركيكة.
وردت البارونة سيدة وارسي التي كانت الوزيرة المسلمة الأولى في حكومة كاميرون، أن والدتها المهاجرة من باكستان والتي لم تكن تجيد الإنكليزية، ربت أولاداً عملوا في حقول المحاماة والصيدلة والتدريس والمحاسبة والسياسة.
واعتبر زعيم حزب الليبراليين الديموقراطيين تيم فارون أن قرارات كاميرون "خرقاء"، ذلك أن "ربط النساء المسلمات ذوات الإمكانات اللغوية المحدودة بالإرهاب الداخلي يؤدي إلى عزل أولئك النسوة اللواتي يزعم كاميرون مساعدتهن". وأكد أن حزبه يدعم توفير صفوف الإنكليزية للجميع، "بصرف النظر عن العرق والدين والجنس".
ورأى وزير الداخلية في حكومة الظل العمالية أندي بورنهام أن أسلوب رئيس الوزراء سطحي وغير عادل في وصم مجموعة بكاملها بالإرهاب، محذراً من أنه قد يؤدي إلى مزيد من التشدد بدلاً من مواجهته.
ورحب مجلس مسلمي بريطانيا بقرار كاميرون، مع الإشارة إلى أن عدم إجادة "اللغة الإنكليزية عائق، لكنه ليس الوحيد ولا الأكثر أهمية. هناك عوامل أخرى مثل غياب المساواة في سوق العمل والتمييز الذي تواجهه المسلمات".
ومن المقارقات أن يعلن كاميرون توفير 20 مليون جنيه استرليني لصفوف تعليم الإنكليزية للمهاجرات الجدد، بعدما كان اقتطع قبل أكثر من سنة 45 مليون جنيه من المخصصات لبرامج مماثلة، على ما لاحظت "الغارديان". وأحصت "الدايلي تلغراف" تراجع عدد المنخرطين في الدروس اللغوية من 163 ألفاً عام 2010 إلى 131 عام 2014.
مهما يكن من أمر، وبصرف النظر عن الطريقة التي عرض بها كاميرون لفكرته بربط الإرهاب بالأمية اللغوية، فإن ثمة فرصة متاحة أمام المعنيات من نساء بريطانيا لتعلم الإنكليزية. وهنا بيت القصيد.


[email protected] 
twitter : @SawssanAbouZahr


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم