الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

"الجماعة الإسلامية" في مرحلتها الجديدة: حيوية تنظيمية وانفتاح سياسي

مصطفى العويك
"الجماعة الإسلامية" في مرحلتها الجديدة: حيوية تنظيمية وانفتاح سياسي
"الجماعة الإسلامية" في مرحلتها الجديدة: حيوية تنظيمية وانفتاح سياسي
A+ A-

على عكس ما كان يقال انها دخلت مرحلة الجمود التنظيمي وبات جسدها مترهلا وشاخت حركتها السياسية، ضخت "الجماعة الاسلامية" في لبنان دما جديدا في شرايينها الداخلية، وانتخبت امينا عاما لها يحسبه الشباب عليهم بحيويته وانفتاحه ومهاراته التواصلية وحنكته السياسية، والاهم بالنسبة الى جيل الشباب الذي اعترض اكثر من مرة على اداء الجماعة السياسي، ان الامين العام المنتخب عزام الايوبي كسر بانتخابه حصرية ان يكون "مرشد الجماعة" من الرعيل الاول المؤسس لها.
حصلت الانتخابات بشكل ديموقراطي يتناغم مع ايمان الجماعة وقناعتها بحتمية التغيير المرتكز على عملية انتخابية حرة وشفافة، على رغم محاولة الكثير من المؤسسين عرقلة وصول الايوبي الى الامانة العامة، لاعتبارات كثيرة يرفض فريق داخل الجماعة في حديث الـى "النهار" الخوض فيها نظرا الى "حساسيتها ولاننا لا نريد في بداية المرحلة الجديدة ان نفتح ملفات شائكة ومعقدة بل نريد انطلاقة جديدة يكون للجميع دور فيها". وعلى رغم ان الحرس القديم استطاع ان يظلل ولاية الامين العام الجديد بانتخاب النائب السابق اسعد هرموش رئيسا للمكتب السياسي، الا انه يبدو ان هذا الظل لن يطاول كل المراكز الاساسية داخل التنظيم لان فئة الشباب لن تقبل ان يكون دورها كما في السابق هامشيا، بل "ستكون الجماعة في اعوامها المقبلة على صورتنا وبهمتنا ويبقى للرعيل المؤسس المكانة والدور بحكم العمر والتجربة".
ويكتسب انتخاب الايوبي في هذه الظروف اهمية بالغة باعتبار ان الاخير يعتمد نهجا انفتاحيا تقتضيه المرحلة الحرجة التي يمر بها لبنان والتي تشهد نسفا لجسور التواصل بين الافرقاء السياسيين، ويعطي انطباعا ان الجماعة رغم كل الظروف التي مرت بها ورغم تأثرها المباشر بما جرى لـ "الاخوان المسلمين" في مصر وارتدادات ذلك عليها في ادائها السياسي وحركتها التنظيمية، الا انها لا تزال قادرة على امتلاك زمام المبادرة بين مناصريها وعلى الصعيد الوطني العام، لذلك ستشهد المرحلة المقبلة حراكا سياسيا وتنظيميا غير معهودين بهدف اعادة تظهير صورة الجماعة كمحرك للحياة السياسية في لبنان.
ولا شك في ان الملفات الضاغطة وطنيا ودور الجماعة السياسي اضافة الى اطلاق الورش التنظيمية واعداد الكوادر، ستفرض نفسها على الايوبي الذي اكد لـ"النهار" ان انتخابه "ليس انتصارا لجناح على آخر، لان الجماعة عبارة عن مؤسسات وليس فيها اجنحة بل هي جناح واحد، وهو انتقال سلس ضمن الاطار الذي كرسه الامين العام الاسبق الشيخ فيصل مولوي رحمه الله والذي اصر على ادخال بند الى النظام الداخلي للجماعة، يمنع تولي الشخص مسؤوليته لاكثر من ولايتين، وكان بذلك يؤسس لانتقال المسؤوليات من جيل المؤسسين الى الجيل الثاني".
وهل ستكون الجماعة في عهده اقرب الى تركيا وقطر، كما يشاع، اكد الايوبي "ان الجماعة في عهده ذاهبة باتجاه الجماعة، لا الى اي طرف داخلي او خارجي". وعلى المستوى الوطني يشدد على ان نهج الجماعة سيكون "استمرارا للواقع الماضي، مع الاخذ في الاعتبار ان اي تحالف سيكون رهن تقاطع المصالح، وبالتأكيد لن يكون متناقضا مع نظرتنا الى ما يجري في لبنان والمنطقة، على ان يترافق ذلك مع تطوير في الاداء الداخلي الذي قد يفضي الى شكل جديد اكثر حيوية في العمل السياسي"، ويضيف: " لن تكون الجماعة تقليدية وتعتكف داخل التنظيم، فمع اندفاعة الشباب سنكون اكثر التحاما مع مجتمعنا وبيئتنا خصوصا ان هناك مساحات فارغة على المستوى الاسلامي يحق لاي فريق التقدم فيها".
ويرى الايوبي ان علاقة الجماعة مع القوى الاسلامية الاخرى يجب ان تكون تكاملية، فـ"الاولوية هي للتكامل لا للتنافر". اما عن طبيعة العلاقة مع "حزب الله" في ظل التوتر القائم بين السنة والشيعة على مستوى كل المنطقة، فيقول ان "حزب الله مكون لبناني رئيسي، ونحن لدينا من الجرأة ما يكفي للجلوس مع اي فريق لبناني للوصول الى قواسم مشتركة تحصن الساحة الوطنية، وخصوصا حزب الله الذي تقتضي الامور ان يكون بيننا وبينه قنوات تواصل وحوار لكن طبعا ضمن القناعات التي نؤمن بها، بمعنى رفض منطق الاذعان او الذوبان".
ويكشف الايوبي الذي عنون مرحلته الجديدة بشعار "الحيوية التنظيمية والانفتاح السياسي"، ان الجماعة "ستكون اكثر انفتاحا على الساحة المسيحية ايضا، لانها تؤمن بان العمل السياسي الوطني يجب ان يشمل الجميع من دون استثناء".
دخلت الجماعة بالانتخابات التي اجرتها واقعا جديدا يضعها تحت الاختبار الوطني والتنظيمي الداخلي، فهل سيحاكي برنامج الايوبي تطلعات الشباب الى ان يكون لهم دور فعال ومتقدم؟ ام ان بعض المتضررين من ذلك سيكون لهم رأي آخر يحول دون ذلك؟ وهل سينجح الايوبي في مهمته الجديدة اذا لم يلق دعما رئيسيا من بعض المؤسسين الذين هم بحكم مسيرتهم الطويلة في مؤسسات الجماعة يمتلكون قدرة تعطيلية هائلة؟
هو امتحان لاداء الجماعة التنظيمي ولخياراتها السياسية، فهل تنجح وتعود لكسب ود شريحة كبيرة من المجتمع الاسلامي الذي وجد نفسه ضائعا من دون مرجعية؟ الامور مهيأة لذلك كما يبدو لكنها تتطلب ادراكا دقيقا لكيفية التعامل مع هؤلاء.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم