الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"خريف في باريس" لأمين وابراهيم معلوف: تحية الى باريس ملاذ الهاربين

المصدر: "النهار"
رلى راشد
"خريف في باريس" لأمين وابراهيم معلوف: تحية الى باريس ملاذ الهاربين
"خريف في باريس" لأمين وابراهيم معلوف: تحية الى باريس ملاذ الهاربين
A+ A-

ثمة مغزى عميق في طلب وزيرة التربية الوطنيّة الفرنسيّة نجاة فالو بلقاسم من أبهى كتّابنا وأكثرهم ألقا وانتشارا أمين معلوف، أن يجيء إلى الفسحة اللحنيّة ليذرّ عليها كمشة من المُفردات المُلحّة ويضع كلمات على جرح الفرنسيين الأكثر إيلاما في تاريخ فرنسا الحديثة، أي اعتداءات كانون الثاني 2015 وتشرين الثاني من العام عينه، في العاصمة #باريس.


ثمة دلالة أكيدة في استبقاء أمين معلوف اللبناني- الفرنسي بما يمثّله في الآداب الناطقة بالفرنسية، وفي الدفع به ليتكلّم نيابة عن جميع الفرنسيين، عن أولئك الحاملين في جيناتهم إنتماء صافيا إلى "بلاد مونتيسكيو"، وأولئك "الهجائن" الوافدين إلى بلاد استقبال جعلَتهم أبناءها بالتبنّي. على إيقاع التساؤلات المُتسرّعة والمتسارعة أيضا، حول مغزى الهوية الفرنسية، يتبدّى أن خيار الوزيرة فالو بلقاسم ذات الأصول المغربيّة، تصريح في ذاته.



ها إن أمين معلوف أحد أعضاء "الأكاديمية الفرنسيّة" الخالدين يوكل بالشِعر، في حين يوكل المؤلّف الموسيقي وعازف البوق، ابن شقيقه ابراهيم معلوف، بالموسيقى، قبل أن يُعهد بالعمل وفي كلّيته، الى صوت الفنانة لوان الفتيّ، وها إن النتيجة تجيء على شكل حركة تقترب في المناخ، من الأغنيات، في حين تدنو وفي أكثر من وجهة، من مرتبة الأناشيد.



إستنبطت المبادرة كتحية فنيّة إلى ضحايا الإعتداءات الإرهابية إلى هؤلاء "الراحلين" وفق المصطلح الفرنسي، وأتت في إحدى نُسخها، بهيئة خمس دقائق من لحن على شجن تآلف مع كلمات أخرجَت ولهنيهات باريس من عنق زجاجة العنف والدمار والدم وأعادت المدينة المرتجاة إلى زمن أكثر رأفة وتمهلاً وأقلّ بطشاً، إلى زمن البطاقات البريدية. لا يمكن هزم صور باريس التي أُدمي وجهها سوى من خلال صور باريس المُبهجة، ويبدو أن أمين معلوف يراهن على ذلك حين يرفّع المُفردات المتداولة إلى مرتبة القصيدة فتصير، في أكثر من مقترب، قاموس الحنين إلى مدينة يهجع إليها الهاربون من حريق العالم "ناس أتوا من أصقاع الأرض يحدوهم أمل وحيد وهو العيش مرفوعي الرأس".



ها هنا تستعيد باريس- الملاذ زواياها وأرصفتها ومقاهيها وظلالها الشاعرية وأضواءها ومقاعدها وساحاتها العامة.
يسمّي أمين معلوف قصيدته "خريف في باريس" كأنه يعاينه على هذا النحو موسماً عابراً في قافلة المواسم المُزهرة الكثيرة ويكتب "إلى الصديقة التي سقطَت. ها هي أغنية تعلو الشفاه. سنغنّي معا، وأيادينا متشابكة. من أجل أولئك الذين سقطوا، من أجل أولئك الذين بكوا. سنظلّ معا وأيادينا متشابكة. من أجل باريس وأرصفتها وضبابها والشاطىء تحت حجارتها والضباب الذي يجعل أوراقها الميتة تتراقص".



في الأعقاب المباشرة للإعتداءات على الأرض الفرنسية في فصلها الأول - أي في كانون الثاني 2015 - لجأ الفرنسيّون إلى الأدب وتحديدا إلى "رسالة في التسامح" لفولتير وفي الفصل الثاني - أي في تشرين الثاني 2015 - لاذوا بالأميركي إرنست همنغواي وبنصه المشغول بالعاصمة الفرنسية، "باريس هي احتفال".


يكتب همنغواي في حكايته الذاتية الصادرة بعد رحيله "باريس هي احتفال" (منقولة إلى الفرنسية، في طبعة 1964، لدى دار "غاليمار") والتي استحالت دستور الفرنسيين الجديد في أعقاب اعتداءات الثالث عشر من تشرين الثاني "تعلَّمتُ، في تلك الحقبة، أن كل ما نتخلّى عنه، أكان جيدا أو سيئاً، يخلّف إحساساً بالفراغ في المحصلة. لكن في حال كان أمرا سيئاً فمن شأن الفراغ أن يُملأ ومن تلقاء نفسه. أما في الحالة المعاكسة، فينبغي لنا أن نجد أمراً أفضل، بغية استعادة الزخم".
ربما ليس ثمة أفضل من الأغنية-النشيد لسدّ فراغات الشكّ اللحظوية عند فرنسيين يؤمنون أن #الإرهاب فاصلة عابرة في تاريخ الأمم المنيرة.



[email protected]
Twitter: @Roula_Rached77


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم