الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

Stoker سحر الزائر الغريب

المصدر: "دليل النهار"
"جوزفين"
A+ A-

صحيح أن العنوان الملتبس Stokerيذكرنا ببرام ستوكر كاتب قصة دراكولا، إلا أن شريط المخرج الكوري بارك شان- ووك لن يدخلنا عالم مصاصي الدماء كما في فيلمه السابق Thirst الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كانّ السينمائي عام 2009، بل عالم ثريلر درامي نفسيّ منحرف وبارع يقوده رجل غامض يؤثر بشكل كبير في شخصيات اضعف منه. يقدم بارك شان- ووك مخرج Old Boy في فيلمه الأميركي الأول، شريطاً مزلزلاً، قوياً، شائقا وساحراً بالصورة والمضمون.
الفيلم عن سيناريو لوينتوارث ميلر، اعتبر من اهم السيناريوات التي يصعب انتاجها عام 2010، وطرحت اسماء كبيرة لاخراجه، وقد سعى بارك شان- ووك بدوره للفوز بالمهمة رغم انه معتاد كتابة سيناريوات افلامه بنفسه عادة. يرتكز الفيلم على شخصية المراهقة انديا ستوكر(ميا وازيكوسكا) المنطوية على نفسها والتي تزداد ضياعاً بعد موت والدها (درموت مولروني) الذي لطالما اعتبرته ملجأها الامين في حادث سيارة غامض.
انديا وامها ايفلين(نيكول كيدمان) تفاجآن يوم الدفن بوصول شقيق والدها العم الغامض شارلي(ماثيو غود) الذي لم تكن تعلم بوجوده في السابق. فوراً يشعر
المشاهد بأن هذا العم يخفي أسراراً خطيرة، اما الام التي لطالما عانت الحرمان العاطفي فستشعر بالانجذاب نحو ذلك الرجل الذي يظهر لطفاً واهتماماً وعناية خاصة تجاه انديا. انديا التي رغم ريبتها منه وشكوكها، لن تلبث بدورها أن تغرق في بحر سحره، مفضلة الصمت حتى عندما تكتشف أموراً مريبة... أموراً مريبة بين عم وابنة شقيقه تذكرنا نوعاً ما بفيلم الفرد هيتشكوك Shadow of a Doubt الذي لم يخف
بارك شان- ووك تأثره به ورغبته في تكريم سيد التشويق الذي بفضله رغب المخرج الكوري في ان يصبح مخرجاً.
التشويق في هذا الثريلر النفسي يعتمد في تصاعده على اكتشافات انديا التي نراها من خلال عينيها هي، فنضيع بين اعتبارها واقعاً أو خيالاً، حقيقة أو وهماً وسراباً. صحيح ان الفيلم يستفزنا نحن المشاهدين حول ما نراه وما نعتقد اننا فهمناه، لكن رغم ذلك نحن لن نضيع في تعقيدات كبيرة. الفيلم لافت حتماً بالسيناريو القوي والقصة الجذابة رغم ان بعض محطاتها متوقع احياناً، لكن ما يشد هذا السيناريو بشكل محكم هي الصورة الساحرة واللقطات المتقنة والادارة الفنية البارعة والتفاصيل والمشاهد الانتقالية التي نجحت كلها في خلق مناخ يوحي الجنون والتوتر والغرابة والانحراف والاباحية المستترة.
داخل ديكور واحد و"وي -كلو" لبيت كبير وبارد يشبه السجن، حيث كل تفصيل يصبح مهماً، وحيث ادنى حركة بسيطة تخلق توتراً كبيراً وتهدد بزرع الجنون في هذا الاطار الهادئ، تتحرك شخصيات ذات طابع نافر تثير القشعريرة في الابدان، وتفجر اثارة مستترة وراء اصغر نظرة وابسط حركة واجمل معزوفة على بيانو يئن رغبة. ويجسد تلك الشخصيات ممثلون قديرون مثل ماثيو غود المقنع بجاذبيته وغموضه والموجات المغناطيسية التي يثيرها من حوله، والاوستراليتين نيكول كيدمان الساحرة بدور جهنمي لأم يائسة وامرأة تتوق الى الحب الذي حرمته، ونجمة تيم بورتون في Alice in Wonderland ميا وازيكوسكا المذهلة والمخيفة باتقادها البارد. هذه الشخصيات الباردة والانيقة لا تتكلم كثيراً لزيادة الشعور بالغرابة، تماماً مثل الاصوات التي يصدرها البيت والتي تصبح كلها ذات اهمية، من اصغر دعسة الى طقطقة الخشب، مضاعفة الشعور بالجنون والخوف و... الاستمتاع بشريط مختلف.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم