الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

ملفات كبيرة حساسة في مهبّ التوتر السعودي- الايراني

المصدر: "النهار"
ملفات كبيرة حساسة في مهبّ التوتر السعودي- الايراني
ملفات كبيرة حساسة في مهبّ التوتر السعودي- الايراني
A+ A-

كثيرة هي التبعات المحتملة للأزمة المستفحلة بين السعودية وايران. بعد احراق سفارات وسحب سفراء واطلاق نار على دورية للشرطة في المنطقة الشرقية، وتفجير مسجدين للسنة في العراق، ثمة ملفات كبيرة مرتبطة بالخصمين الاقليميين اللدودين ويمكن أن تتشظى ايضاً، من حروب الواسطة الدائرة بين الجانبين في أكثر من بلد الى محادثات السلام لسوريا ومن الحرب على تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا والعراق الى المحادثات من أجل تحقيق استقرار اسعار النفط وصولا أخيرا وليس آخراً الى الاستحقاق الرئاسي في لبنان.


العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران متوترة منذ الثورة الاسلامية ،وإن تكن شهدت دفئا في بعض الاحيان بين الخصمين اللدودين، الا أن الازمة الاخيرة التي اندلعت على خلفية اعدام المملكة الشيخ الشيعي نمر باقر النمر النمر، تتفاعل بسرعة وتنذر بعواقب للمنطقة.
قبل الثورة الاسلامية بكثير وتحديدا منذ 1929 ،تاريخ اقامة علاقات بين الجانبين، كانت الاتصالات بين النظامين الملكيين رسمية ، إلا أن أزمة سياسية أولى ظهرت نهاية عام 1943 ، عندما اعتقلت الشرطة السعودية أحد الحجاج الإيرانيين داخل الحرم المكي بتهمة "القاء القاذورات على الكعبة وسبّ الرسول والصحابة" ثم أعدمته. وعندما اعترفت طهران عام 1950 بإسرائيل حصل توتر بينها وبين الرياض . الا أن العلاقات بقيت تتأرجح بين الود والانفتاح والتعاون، حتى الثورة الاسلامية عام 1979 .
وفي نيسان عام 1988 ، قطع الملك فهد العلاقات الديبلوماسية مع طهران، بعد توتر على خلفية مقتل 402 حاجين، بينهم 275 إيرانيا في اشتباكات في مدينة مكة.
ففي حينه، احتل محتجون السفارة السعودية في طهران وأضرموا النار في السفارة الكويتية. وتوفي الديبلوماسي السعودي مساعد الغامدي متأثرا بجروح أصيب بها عندما سقط من نافذة في السفارة، واتهمت الرياض طهران بالتأخر في نقله إلى مستشفى في السعودية.وأعيدت العلاقات عام 1991.
ومع انتخاب الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي عام 1997، تراجع التوتر بين الجانبين وتحسنت العلاقات أكثر بعد زيارتي ولي العهد السعودي في حينه الامير عبدالله بن عبدالعزيز لطهران في كانون الاول 1997 وخاتمي للمملكة في ايار 1999.
ولكن القلق السعودي من ايران تجدد مع انتخاب محمود أحمدي نجاد الذي اعتمد خطاباً معادياً حيال الرياض والغرب وأعاد تنشيط الطموحات النووية للجمهورية الاسلامية.


وعندما اندلعت الحرب في سوريا، دعمت طهران بقوة النظام السوري، بينما وقفت الرياض في صف المعارضة.وحصل الاصطفاف نفسه في اليمن. وأرسلت السعودية قوات لمساعدة السلطات في البحرين، واتهم البلدان طهران لاحقاً بالتسبب بمفاقمة العنف ضد الشرطة البحرينية.
وزادت مخاوف الرياض من تحركات طهران في المنطقة مع توصلها الى اتفاق نووي مع الغرب يرفع عنها العقوبات الدولي.
كارثة الحج العام الماضي أثارت توتراً كبيرا بين الدولتين، بعدما اتهمت طهران "العجز" السعودي بالمسؤولية عن مقتل نحو 464 ايرانيا، بحسب تعداد السلطات الايرانية.
وشكل أخيرا اعدام النمر الصاعق الذي فجر توترا متراكما على خط الرياض وطهران اللتين جلستا معاً في أواخر العام الماضي على طاولة المحادثات الرامية الى ايجاد حل سياسي للنزاع السوري.


محادثات جنيف


وعلى مسافة ايام من موعد الجلسة التالية للمحادثات السورية المتوقعة نهاية كانون الثاني الجاري، يفترض أن يجري المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دوميستورا لقاءات في الرياض لتمهيد الطريق لمحادثات جنيف.
الا أن مسؤولين غربيين أبدوا قلقا من امكان تأُثير الخلاف السعودي-الايراني على الأجواء وتقويض النقاشات قبل أن تنطلق.
مجلة "الفورين بوليسي" نسبت الى مسؤول كبير في الادارة الاميركية أن النبرة الحامية بين الرياض وطهران تمثل عائقا آخر أمام الديبلوماسية في شأن سوريا.وقال:"التوتر الذي تسببت به الاعدامات لا تساعد في محاولة تجاوز بعض من التوترات الطائفية المتعلقة بسوريا"، الا أنه أضاف:"أعتقد أن الجميع لا يزال يحاول المضي قدما".
بدوره، أوضح ديبلوماسي مقره في نيويورك للمجلة نفسها أن "الاجواء لا يمكن أن تكون جيدة...أعتقد أن الكثير يعتمد على ما اذا كانت واشنطن وموسكو تريد انقاذ العملية وقت نسعى الى ابقائها على قيد الحياة".
ويُخشى تحديدا أن تتخذ المعارضة السورية المقربة من الرياض مواقف أكثر حدة حيال ايران وروسيا اللتين تدعمان النظام، وألا تبدي اي استعداد للتسوية في شأن تركيبة وفد المعارضة الى جنيف، وخصوصاً أن موسكو تضغط لمنع بعض الجماعات من المشاركة في المحادثات، واصفة اعضاءها بأنهم "ارهابيون".


الحرب على "داعش"


روسيا أبدت استعدادها للقيام ب"وساطة" من اجل حل الازمة بين السعودية وايران"، فيما سارعت دول عدة الى التحذير من تصاعد التوتر، ودعت باريس وبرلين الى لجم التوتر .
كانت واشنطن طالبت الاحد زعماء دول الشرق الاوسط بالقيام ب"خطوات لتهدئة التوترات".
و تخشى الادارة الاميركية خصوصاً أن يؤثر التوتر سلباً لا على الجهود لحل الازمة السورية فحسب، وإنما ايضاً على الحملة الدولية للقضاء على "داعش" .


وفي موقف لافت، حمّل مسؤول أميركي واحد على الاقل الرياض مسؤولية مفاقمة التوتر باعدام النمر. ونسبت "الواشنطن بوست" الى هذا المسؤول قوله:"انها لعبة خطيرة يلعبها السعوديون...ثمة تبعات أوسع من ردود الفعل على هذه الاعدامات".
وأثار موقف المسؤول الاميركي رداً غاضبا من مسؤول سعودي قال للصحيفة نفسها إن "طهران أظهرت ازدراءها للغرب مرارا وتكرارا، مواصلة رعاية الارهاب واطلاق صواريخ باليستية ولا أحد يفعل شيئا ازاء هذا الامر".


حروب الواسطة


والى التبعات السياسية للتوتر السعودي-الايراني، ثمة سؤال أساسي يطرح نفسه عن المدى الذي ستذهب اليه حروب الواسطة بين الجانبين في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان. فالغضب الذي أثاره اعدام النمر لدى الشيعة في ايران والعراق وبلدان اخرى يأخذ منحى تصعيدي.
ويذهب المحلل العسكري في شبكة "سي أن أن" الاميركية الجنرال المتقاعد مارك هرتلينغ الى التحذير من امكان حصول مواجهة مباشرة أكثر بين السعودية وايران، قائلا:"الوضع يتفاقم بسرعة".


اقتصاد


الى السياسة والعسكر، يبدو الاقتصاد أحد الضحايا الرئيسية للتوتر.
باحثون في الشؤون الايرانية يلفتون الى أن قطع محتمل للعلاقات بين كل دول مجلس التعاون الخليجي وإيران يعني أزمة اقتصادية تمس الجانبين، لأن حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإيران مثلا يصل إلى 20 مليار دولار على الأقل. وتطور كهذا قد يدخل المنطقة في أزمة اقتصادية طاحنة.
ويذكر أن الامارات خفضت تمثيلها الديبلوماسي في طهران.
ولا شك في أن أسواق النفط ستتأثر ايضاً. فقد قفزت أسعار النفط أكثر من 2 في المئة في أولى ساعات التعامل سنة 2016 .
وحده الاتفاق النووي الايراني الموقع بين طهران والغرب لا يزال بعيدا أقله حتى الان من التبعات المحتملة للتوتر. وقالت برلين إن ليس هناك دليل على أن إيران تعتزم الخروج من الاتفاق ، وقد تفي بكل تعهداتها هذا الشهر.


[email protected]
Twitter:@monalisaf


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم