الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

التربية في 2015: عام من الأزمات وتراجع مستوى التعليم ضغوط اللاجئين واهتزاز الجامعة وتفكّك الحركة النقابية

ابراهيم حيدر
ابراهيم حيدر
التربية في 2015: عام من الأزمات وتراجع مستوى التعليم ضغوط اللاجئين واهتزاز الجامعة وتفكّك الحركة النقابية
التربية في 2015: عام من الأزمات وتراجع مستوى التعليم ضغوط اللاجئين واهتزاز الجامعة وتفكّك الحركة النقابية
A+ A-

لم تتحقق في السنة 2015 أي إنجازات في التربية والتعليم. لا بل أنها كانت سنة الإنهيارات التربوية وإهدار المكاسب التي تحققت في سنوات سابقة. أعباء جديدة فرضت نفسها على التعليم الرسمي، فيما شارفت الحركة النقابية التعليمية على الإنهيار، والجامعة اللبنانية ليست في وضع أفضل.


ليست سهلة المقارنة بين 2015 و 2014 تربوياً، ذلك أن التربية حملت معها الأزمات ذاتها، وقد تفاقمت على غير صعيد، بحيث انها لم تشهد أي خطوة الى الأمام في ملفات كثيرة، لا سيما ملف سلسلة الرواتب الذي نام في الادراج، ولم تستطع مكونات المعلمين النقابية أن تضغط أو أن تتحرك على الأرض لانتزاع مكاسب جديدة. وبما أننا شهدنا اجراء الامتحانات الرسمية في 2015، حيث يسجل للتربية عبور هذا الاستحقاق المهم، بعد تجربة العام 2014 القاسية التي انتهت بمنح إفادات للمرشحين، إنما هذا لا يعد إنجازاً في ذاته. فإجراء الامتحانات والتصحيح ومتابعة أوضاع المدارس والمعلمين وتأمين الحاجات واستقطاب الكفاءات، ملفات دائمة في التربية، بالإضافة الى تطوير المناهج وإعداد المعلمين. فالإنجازات تتحقق من باب الإصلاح، وعليه تُبنى مساهمات جديدة في رفد التربية والتعليم بكل ما من شأنه أن يعزّز موقع لبنان التربوي في الحقلين الجامعي وما قبله.
ولعل أكثر ما عانته التربية في 2015، ربط ملفاتها بالأزمة السياسية، علماً أن المشكلات التي تعانيها قطاعات التربية، ليست قابلة للحل بقرار، ولا بتسويات عابرة أو مرحلية، هي مسألة تعني وزارة التربية والوزير مباشرة. وقد طغت ملفات كبرى على اهتمامات التربية، أبرزها يتمثل باستيعاب التلامذة السوريين اللاجئين، فغاب تحديد الأولويات لدى الوزارة، عندما صار التركيز على الدعم والتمويل لتعليم اللاجئين واستيعاب أكبر عدد منهم، فيما عشرات ألوف التلامذة اللبنانيين في التعليم الرسمي يعانون، بحيث إن عدداً كبيراً من المدارس الرسمية يستوعب سوريين أكثر من اللبنانيين، وصارت جودة التعليم تثير شكوكاً ونوعيته متدنية بسبب الدمج غير المدروس، بالإضافة الى التعاقد السريع مع معلمين غير مهيأين لتعليم مواد معينة، وينقصهم التدريب، ما رتب أعباءً كبيرة على التعليم الرسمي.
شهدنا في 2015 إنهياراً في الحركة النقابية التعليمية وتفكك في هيئة التنسيق النقابية. لم تستطع مكونات الهيئة الاتفاق على قرار موحد بالتحرك طلباً للسلسلة، ولم تتمكن من حشد المعلمين في التحركات المتفرقة القليلة التي نفذتها طيلة السنة، وهي لم تتمكن من إقناع قاعدتها بأنها جادة في السير نحو تحقيق المكاسب بإقرار السلسلة. فلا السلسلة وضعت على جدول أعمال جلسات مجلس النواب، ولا الوعود الأخرى أخذت طريقها الى التنفيذ. حتى أن هيئة التنسيق صارت تعلن موقفاً في النهار وتتراجع عنه ليلاً، فتدخل قواعدها في مأزق وارتباك وتشغل بال الأهالي والتلامذة. ولم يتغير خطاب الحركة النقابية التعليمية، فيما شهدت الرابطات تغييراً تمثل باختراق القوى السياسية لمكوناتها والسيطرة على قراراتها باتفاقات محاصصة. وباتت الهيئة مجرد رابطات تابعة لقوى سياسية، تقرر توقيت تحركها، رغم الإستثناءات.
في المقابل، نامت خطط الإصلاح في الادراج، فيما بقيت ممارسات الفساد سائدة في القطاع التربوي، ولم تتقدم قضايا المتعاقدين وتأمين الأساتذة للمدارس سوى خطوات قليلة، في انتظار انجاز كل مباريات مجلس الخدمة المدنية، فيما لم نشهد في التربية قرارات وشفافية في التعامل مع الملفات وأخذ القرارات المناسبة، وبقيت الاعتبارات السياسية تقف حائلة أمام السير بكشف الفساد الى نهايته. ولم يفتح اي ملف فساد في التربية، باستثناء ما حكي عن تحقيقات في ملفات عدة، قبل أن يتراجع الحديث ويطوى الأمر نهائياً. وعلى الرغم من عقد مؤتمر تربوي لتطوير التعليم، بحثت خلاله المشكلات التربوية وقضاياها، لم توضع توصياته قيد التنفيذ، علماً أن إصلاح التعليم وتطويره ليس وظيفة المؤتمرات، لأن الإصلاح يشكل مساراً مستقلاً ومفتوحاً. في حين أن العمل على تطوير المؤسسات التربوية، وتحديداً تلك التي تتبع الوزارة والتي تتولى مهمات البحث والتقويم، خصوصاً المركز التربوي للبحوث والإنماء، يتطلب العمل على اعادة هيكلة وزارة التربية وتحديد مسؤوليات أجهزتها، الى التواصل مع المدارس والمعلمين للإشراف على العملية التربوية ومدى تطبيق المواصفات المطلوبة. ولم نشهد تقويماً شاملاً يحدد الصعوبات ويفتح الطريق على تحديد الأهداف الجديدة في التعليم وطريقة اجراء الامتحانات.
على صعيد الجامعة اللبنانية، لم تكن أمورها أحسن حالاً، فقد شهدنا في 2015، مخالفات قانونية وأكاديمية في ملفات كثيرة، ولم يبادر احد الى الشروع في إصلاح أمور الجامعة ومعالجة مشكلاتها ووقف نزيف طاقاتها ومواجهة الفساد في بعض أقسامها وفي بنيتها العامة. واستمر التدخل السياسي في شؤونها، من دون محاسبة المخالفين والمرتكبين الذين غيروا على مدى سنوات وظيفتها البحثية ودورها العلمي، الى مؤسسة سمحت في مكان ما بالتنفيعات وإمرار المشاريع والتسويات، الى محسوبيات أخذت من رصيد الجامعة ومن موقعها الأكاديمي التاريخي ومن نضالات أساتذتها وطلابها.
وفي المقابل، لم يسجل تطورات على مستوى الجامعات الخاصة، فيما دخلت جامعات جديدة حقل التعليم العالي بعد استكمال ملفات ترخيصها ليرتفع عدد الجامعات الى أكثر من 50، ليست كلها على مستوى متقدم في التعليم، بحيث استقرت جامعات لبنان في السنة 2015 على صورة تشبه البلد. وقد استأنفت جامعات خاصة إجراء انتخاباتها الطالبية، من دون أن تشهد صراعات وحوادث كما كان يحصل في السنوات السابقة بسبب الاصطفافات السياسية والطائفية.


[email protected]
Twitter: @ihaidar62

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم