الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"الفيفا" تحت الصدمة في "سنة الزلزال"... 2015 الكروية أطاحت رؤوساً وأذلت كباراً

المصدر: "النهار"
ناجي شربل
"الفيفا" تحت الصدمة في "سنة الزلزال"... 2015 الكروية أطاحت رؤوساً وأذلت كباراً
"الفيفا" تحت الصدمة في "سنة الزلزال"... 2015 الكروية أطاحت رؤوساً وأذلت كباراً
A+ A-

كتساقط احجار الدومينو يكاد يكون المشهد.


هكذا وبطرفة عين، انهارت امبراطورية جوزف سيب #بلاتر، الذي كان اسمه يوازي "#الفيفا" منذ تفتحت عيوننا والاجيال القريبة التي سبقتنا على عالم #كرة_القدم.
تعب السويسري وبات يطلق عليه "العجوز" عن جدارة، لكنه لم يستسلم.
طبخ سماً زرعه في بنود النظام الداخلي للاتحاد الدولي، واخفاه في آلية عمل اللجان، فانلقب عليه ومنع باسم هذا القانون من ولوج المقر الذي اعتبر بيته. شد الرحال ودائماً في زوريخ، ورفع شعار الى المقر القديم در، حيث تحوّل مطعماً وفيه قاعة صغيرة، عقد فيها بلاتر والى يساره ابنته كورين، التي لم تتركه، والتي لطالما اولاها ثقته وقت ضرب من "داخل البيت". كورين عاضدته في سيول، وحمل ابنتها فرحاً بعد فوزه بولايته الثانية رئيساً متغلباً على منافسه رئيس الاتحاد الأفريقي الكاميرون عيسى حياتو. فاز بلاتر يومذاك من الدورة الاولى، لكن الحساب لم يكن مع حياتو، بل مع ابن مسقط رأسه وابن صديقه الامين العام لـ"الفيفا" وقتذاك ميشال زن روفينن. كنت اول الواصلين اليه من الاعلاميين، وكنت محظوظاً لجلوسي في القاعة، وقد مكنني من ذلك رئيس الاتحاد اللبناني لكرة القدم المهندس هاشم حيدر الذي طلب الى الامين العام وقتذاك الشيخ بهيج ابو حمزة تسجيل اسمي مكانه.
سألت بلاتر عن الولاية الثانية، الا انه قاطعني قائلاً: "سأطرد زن روفينن غداً".





منذ 13 سنة تبدلت اشياء، والتقيت بلاتر في 2015 مرتين، اولاهما في كانون الثاني في كأس آسيا بأوستراليا، وثانيهما في المنامة على هامش مؤتمر الاتحاد الآسيوي لكرة القدم. كبر الرجل ولازمة البحة صوته، من دون تبديل لكنته السويسرية ودقة ملاحظاته، وتواضعه المفرط. كان يقف عند باب المصعد منتظراً الآتي من بهو الفندق. يمشي بلا حرس، وتقتصر ملازمته على سكريتيرته والمقربين. يوزع التحيات ويكاد يسبق الجميع في الـ"بونجور". سألته وكان الوقت تجاوز الاولى بعد منتصف الليل بتوقيت سيدني في بهو فندق "فور سيزنز" بشارع الملك جورج والمطل على دار الاوبرا والجسر الشهير عن وقت التقاعد. وأجبت عن السؤال:"لن تتعب". ضحك وربت على كتفي وقال:"الفيفا حياتي، وسأزور بلدكم". ووعد الزميل العراقي حسام حسن برفع الحظر عن العراق وتمكين "اسود الرافدين" اللعب على ارضهم، مشيدأً بالجماهير العراقية من ابناء الجالية في أوستراليا، والتي واكبت الفريق في مباراة المركزين الثالث والرابع امام الامارات في مدينة نيوكاسل. ثم التفت الى الزميل محمود السقا وقال:"لا بد من حل مشكلة اعتماد فلسطين الملعب البيتي، وانا اعمل بقوة على هذا الملف، وعساكم تخوضون تصفيات كأس العالم على ارضكم". وقبل المغادرة، امسك بطاقة التعريف المهنية للزميل وديع عبد النور، وضحك:"كن على ثقة بأني سأتصل بك".
هكذا لن يجد بلاتر اليوم بداً من الاتصال بالزميل عبد النور، وهو الذي رآه في مقر "الفيفا" على هامش استقباله وفوداً أكاديمية جامعية نهاية الصيف.
تبدّل كل شيء، وصار بلاتر خارج المقر، على طريقة الفارق بين روما من تحت ومن فوق.
المقربون جمعيهم تمردوا في الوقت المناسب. وقد يمضي وقت طويل لكشف اسرار النيل من الرجل الذي اشتهر ببطشه. وحدها كورين لم تترك والدها، وهو الذي يعهد اليها بالاسرار.
ويطول الحديث عن الذين تركوا بلاتر او غدروه كما قال في مؤتمره الصحافي الاخير في 21 كانون الاول الجاري. لكن لا بد من الاشارة الى ان بلاتر كان سباقاً بالغدر بمن ساهم بايصاله الى كرسي "الفيفا" في 1998، يوم تغلّب على منافسه رئيس الاتحاد الأوروبي الاسوجي لينارت يوهانسون في باريس في معركة خلافة البرازيلي جواو هافيلانج. كان القطري محمد بن همام "ماكينة" بلاتر، وساهم في حسم الانتخابات، وفعلها ثانية في 2002، بجمع اصوات من أفريقيا نفسها.
لكن السويسري احتاط من القطري اذ رأى فيه صورة القادر على اطاحته، بالسلاح عينه الذي اوصل بلاتر... انقلب عليه، وخاض معارك ضده في البيت الآسيوي ( 8 أيار 2009 في يوم عيد بن همام الستين، على مقعد "الفيفا" الفرعي عن منطقة غرب آسيا)، واسس لتحالف مع اخصام "ابو جاسم"، وعلى رأسهم الكويتي الشيخ احمد الفهد الصباح رئيس المجلس الاولمبي الآسيوي، والذي بات اليوم الشخصية الرياضية الاولى لجهة الفعالية في العالم.
كانت المحطة الفاصلة في 2011، عندما تمكّن بلاتر من ابعاد منافسه على رئاسة "الفيفا" وفاز بالتزكية بعد انسحاب بن همام. لكن السويسري لم يكتف، بل أوقف القطري مدى الحياة، وحرّك "أياديه" في الاتحاد الآسيوي لقطع الطريق على عودة الاخير، وأفاد من دقة ملف المونديال القطري للضغط على صديقه وحليفه القديم.
تفادى بلاتر الحديث عن القطري، في حين أبقى الاخير صور السويسري في منزله بالريان ولم ينزع اياً منها، وسط تعجب زواره وهم غالبية اعضاء اللجنة التنفيذية لـ"الفيفا" وعلى رأسهم حياتو.
"لعنة 2011" وفندق "بور اوف لاك" تاريخ ومكان لن ينساه السويسري. في الاولى لم يغلق الحساب، اما الفندق الأفخم في زوريخ فشهد اعتقالات لقيادين في "الفيفا" والاتحادات القارية على دفعتين: في 27 أيار وفجر 3 كانون الاول. وقد عتب بلاتر على السلطات السويسرية التي لم تخطره مسبقاً بتجاوبها مع مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي بتوقيف اشخاص من القارة الاميركية على الاراضي السويسرية.




تحدث عن انكسار واهانة، وقال جهاراً انه لو عاد الزمن الى الوراء، لرفض تنفيذ قرار ايقافه الصادر عن لجنة الاخلاق، معتبراً ان شخص رئيس "الفيفا" فوق الجميع، وانه يتمتع بثقة 209 اتحادات وطنية التي تتألف منها الجمعية العمومية. وللاخيرة وحدها الحق بمناقشة مصير رئيس "الفيفا".
لم يمض بلاتر وحيدًأ، بل أخذ معه رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم والمرشح "الفافوري" السابق لخلافته، الفرنسي ميشال بلاتيني. في 21 كانون الاول، يوم صدور حكم الايقاف ثماني سنوات في حق الرجلين، تحدث بلاتر عن نزاهة بلاتيني. قبلها كان الفرنسي اتهم السويسري في حديث الى "لوموند" باغتياله ادارياً عن طريق كشف الاتفاق الشفهي ومنحه مبلغ مليوني دولار. وبعدها بأيام، أخذ بلاتيني على لجنة الاخلاق مساواته ببلاتر، معتبراً ضمنًأ ان الاخير غارق في الفساد.
هنا ايضاً نعود الى 2011، والتي يربط محققو "الفيفا" بين تلك الدفعة وانتخابات رئاسة الاتحاد الدولي عامذاك. وهذا ما تحدث عنه بلاتر ايَضاً في مؤتمره الصحافي، مستغرباً اتهامه بالكذب من لجنة الاخلاق وعدم تصديقه.
ربما لم يفق السويسري على مشهد "نهاية الحبل" الذي رسمه الرباعي الذي يدير شؤون "الفيفا" حالياً.
ومع طي صفحة ميشال بلاتيني، بات السباق الى الرئاسة بين خمسة مرشحين هم: الفرنسي جيروم شامباني والايطالي السويسري جياني انفانتينو والامير الاردني علي بن الحسين والأفريقي الجنوبي طوكيو ساكسويل والبحريني الشيخ سلمان بن ابرهيم آل خليفة. وتبدو المواجهة في 26 شباط المقبل في زوريخ بين الامين العام للاتحاد الأوروبي انفانتينو ورئيس الاتحاد الآسيوي الشيخ سلمان، مع ارتفاع حظوظ الاخير مرشحأً بارزأً لخلافة بلاتر ونقل كرسي رئاسة "الفيفا" الى قارة آسيا للمرة الاولى في تاريخ المنظمة الدولية منذ 111 سنة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم