الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

الرياض تقود 35 دولة ضد الارهاب ولا وقت لديها لسماع المتخاذلين

المصدر: "النهار"
هادي فقيه- كاتب وصحافي سعودي مقيم في واشنطن
الرياض تقود 35 دولة ضد الارهاب ولا وقت لديها لسماع المتخاذلين
الرياض تقود 35 دولة ضد الارهاب ولا وقت لديها لسماع المتخاذلين
A+ A-

خرج الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع أخيراً أمام وسائل الإعلام، إلا أن الظهور كما وصفه المراقبون كان من العيار الثقيل بأن يعلن تحالف 35 دولة لمحاربة الإرهاب: عسكرياً، فكرياً وإعلامياً تحت مسمى "التحالف الإسلامي" بقيادة سعودية من الرياض عبر غرفة عمليات مشتركة.


الحدث الذي ملأ الأرض لن تهدأ التحليلات والتنبؤات حوله، بين المتفائل بقوة المنجز ما يبشّر بنجاح مخرجاته والمنزعج مستبقاً فشله.
المتخاذلون وأصحاب أنصاف المواقف راحوا بين الانتظار بأن يكبر التحالف ليكونوا وسط الجماعة بلا رأي او رؤية ولا حتى استقلالية في المواقف، فالسعودية ترى أن على الدول ان تحترم مواقفها حيال الملفات دولية، تعامل الدول الأخرى بالمثل والشواهد التاريخية كثر وأبرزها مصر أكبر الدول في المنطقة، والمثير للسخرية أنه في الكواليس الخلفية للسياسة في ملف هذا التحالف هو التخاذل عن الانضمام بالقول، هل هذا تحالف سني أم شيعي؟ ولأن السؤال ليس ذا أهمية كبرى سأضعه ضمن جزء بسيط هنا وانطلق من زوايا أخرى من غير إهماله.


خلال دراستي للماجستير في ولاية فرجينيا، وضعت أستاذة القيادة العليا موضوع النقاش والتحليل قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن لا يستخدم صلاحياته كرئيس أعلى للقوات المسلحة ويأمر بضربة جوية لنظام الأسد عقب استخدام الأخير الأسلحة الكيمائية لقتل شعبه، إذ حاول أوباما أن يجد مخرجاً لجبنه بأن يحول الملف برمّته في آب (أغسطس) 2013 إلى الكونغرس فكان له ما أراد بالرفض، وفوّت على الإنسانية فرصة التخلص من أكثر مجرمي الأرض دموية.



وبما أن الجامعة في ولاية خدم كثير من سكانها في الجيش، مالَ المناقشون حتى أستاذة المادة إلى ان يحل العرب مشكلاتهم بعيداً من دافعي الضرائب الأميركان، حتى وإن كان ذلك علمياً ليس قراراً قيادياً صحيحاً من غير التفكير في البعد الاستراتيجي لجسم #الإرهاب الذي ينمو ويتمدد. فهناك من أيقظ واستفز مثل الأميركان بدخولهم أفغانستان والعراق، وثمة من احتوى ودعم كإيران، سوريا ونظام علي صالح، ليقول فريق منهم للمجتمع الدولي "إما هذا او نحن"، ولآخر "حاربوا بالنيابة، ولكم المال والسلاح".



#السعودية كانت تعرف الحمقى في المنطقة مبكراً، وحاولت أن تضع لطيشهم حداً بالعقلانية أولاً ووصل الأمر أن أدخلت بعضهم عمق الكعبة المشرفة على رأسهم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ليتعهدوا جميعاً كدول مسلمة بأن لا خلاف ولا اختلاف، في قمة دول العالم الإسلامي الاستثنائية في مكة كانون الأول (ديسمبر) 2005. وكانت السعودية دعت في شباط (فبراير) من العام ذاته إلى إطلاق مركز دولي لمكافحة الإرهاب بالتعاون مع الأمم المتحدة، لهدفين: معالجة الوضع الراهن والبحث عن أي جينات مطورة لهذا المرض. وما هي غير ستة أعوام حتى وُقّعت اتفاقية مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في 2011 بدعم سعودي بلغ 10 ملايين دولار تبعه دعم آخر بـ 100 مليون دولار قبل عامين.


 


ولم تكتفِ السعودية بهذا الدور بل صدّرت تجربتها الأمنية في التصدي للإرهاب، ومدّت الولايات المتحدة بمعلومات حمتها من العملية الشهيرة، التي عرفت بقنابل طابعات الكمبيوتر. كما وضعت الخارجية السعودية 12 معياراً لمركز مكافحة الإرهاب الدولي، على رأسها سرعة تبادل المعلومات والوثائق المفقودة، تبادل المعلومات الاستخبارية، وتبادل البيانات بسرعة عبر قنوات آمنة بين الدول، لكن الجدية الدولية غابت على رغم كل الجهود السعودية والتحذيرات إلا ان العالم لم يستفق إلا عندما بلغ الإرهاب عقر داره، فانتفض وثارت ثائرته، ليصبح كالمجنون لا يعرف من لدغه فأصبح يتخبط من حائط إلى آخر يهدم هذا ويخرب ذاك.



وجاء المؤتمر الصحافي ليلاً لتعلن السعودية عن 35 دولة إسلامية بقواها العسكرية، الفكرية والإعلامية، دول بين مواطنيها مسلمون من طوائف ومذاهب متنوعة بل وغير مسلمين. ربما يجد من كان يسأل من الأصدقاء المتخاذلين جواباً عن سؤاله أعلاه، تحالف إسلامي رتب في صمت ووقت قياسيين بعدما ألبست "داعش" الإسلام ثوبها الأسود فيردد العالم "الدولة الإسلامية" مرسخاً في أذهان العالم كلمتين مع ارهابهم: دولة وإسلام.


وبين ردود الفعل العالمية سياسياً كانت مرحبة، وعلى رأسها البيت الأبيض ووزارة الدفاع الألمانية، إعلامياً علّق كارين ديونغ في "الواشنطن بوست" على هذه الخطوة بأن "المملكة العربية السعودية حريصة على القيام بدور القائد، خصوصاً في ظل توقع تمدد النشاط الإيراني عقب رفع العقوبات"، ملمحاً إلى أن إيران ارتكبت كل ذلك قبل العقوبات فما الذي ستفعله وهي حرة اليدين تماماً ونفطها أصبحت الأسواق تنتظره.


 


وعلى النقيض كتبت آيا بتراوي لوكالة "الاسوشيتد برس" تقريراً تحليلياً نشرته مجلة "التايم"، يحاول التشكيك في ثوب الحياد مستغرباً مشاركة دول مثل بنين، وأخرى تعيش حروباً كالصومال واليمن. ولكن قد يكون غاب عن الزميلة، ككثير غيرها من الصحافيين العرب في الصحافة الغربية أن من هذه الدول من تحتاج إلى أن يكافح الإرهاب فيها مثل ما يحتاج المسلمون اليوم إلى إنهاء "داعش"، وأخرى معلومة تأتي عبرها تكفي أن تحمي بلاداً بأكملها من كارثة، بل يرى المراقب المتعمق في التحالف أن التنوع الجغرافي ميزة مهمة للتحرك المعلوماتي والعسكري لهذا التحالف الضخم.



الرياض التي تشهد قمة تلو الأخرى، وقد ألمحت في مقالي السابق إلى أن كانون الأول (ديسمبر) سيكون حراكاً سياسياً وعسكرياً، أرى أن سياستها اليوم ليست ملأ فراغ بل دور حقيقي وسياسة التحالفات هي الفاعلة والمؤثرة. فثمار التنسيق السعودي - المصري يظهر تدريجاً ومع بوادر نهاية الحرب في اليمن يجب أن تعيد السعودية خريطة علاقاتها ومصالحها بل إن لغة الصرامة والندية مع محاولة العبث أصبحت هي المناسبة للوضع الراهن فلا تنازل عنها، بل تصعيد محسوب وضرب موجع وحلفاء حقيقيون.



مهبط الوحي وقلب العالم الإسلامي وصاحبة القيادة والمبادرة والحاملة لمسؤولياتها باقتدار وفهم، هي السعودية التي رفعت شعار الحكمة والعقلانية أعواماً طويلة، لن تدخل معركة بنفس الرؤية التي أعمت أعين من أشعل المنطقة خراباً واختارت أن تكون على رأس تحالف إسلامي - إسلامي لا مكان للمذهبية فيه، يفهم مستجدات العالم ويواصل ريادتها الأمنية السابقة بعسكرية مقبلة عبر مهندس التحالفات الأمير محمد بن سلمان.


 


تويتر: @Hadi_Alfakeeh

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم