رحيل - جورج الزعني سيظلّ ينشّطنا في غيابه

لم أعرف منشّطاً فنياً وثقافياً يملك من المواهب والأفكار والطاقات، والقدرة على تجسيدها، وجعلها تبصر النور البهي، بقدر ما كان يملكه الفنان الديناميكي جورج الزعني (75 عاماً) الذي رحل بعد صراع مرير وجبّار ومُكابِر مع المرض الكريه.

لم يكن جورج الزعني "موظفاً" ولا شخصاً عادياً، بل كان مجموعة متعددة، خلاّقة، مبادِرة، متنوعة، كثيفة، في شخص واحد. إنه، والحقّ يقال، شخص - مجموعة يمثل مختبراً حياً للبنان الثقافي، الذي يرفض الانصياع للتجهيل والطمس ودفن الكنوز، أو جعلها تذهب هباءً أو شتاتاً.
هذا الشخص الوفي، الكريم، الأمين، الحافظ، المبادِر، الليّن، المطواع، الكثير القيم والفهم والإدراك، صبّ اهتمامه كلّه، على أن يكون صاحب مبادرات جمة في عالم الفن والثقافة والأدب، ساهمت إلى حدّ كبير جداً في الحؤول دون ضياع الكثير من الجواهر المعنوية.
وكان مناضلاً، وأبياً، وملتزماً الإنسان والحرية والثقافة المنفتحة والعروبة الحضارية، فجاءت نشاطاته واحتفالاته وتكريماته مواسم خير وبركة وعرفان بالجميل. وإذ يغيب اليوم، نخسر حصناً منيعاً من حصوننا الثقافية، الجديرة بكل تكريم وتبجيل.
يحتفل بالصلاة لراحة نفسه الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم الثلثاء، في كنيسة مار الياس، القنطاري، بيروت. تقبل التعازي قبل الدفن في صالون الكنيسة ابتداء من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر، ويومي الأربعاء والخميس في المكان نفسه، ابتداء من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر إلى السابعة مساء.
من مواليد بيروت 1943. يحمل الدكتوراه في جامعة السوربون في باريس 1972. كان رائدا في المعارض الوطنية، وفي تقديم شخصيات بارزة تركت بصمات في تاريخ لبنان، وتكريم شعراء وفنانين لبنانيين وعرب. قدم عبر مسيرته الإبداعية تجربة غنية، حيث نظم عشرات المعارض أهمها: موسى الصدر "الامام الرؤيوي"، "أسماء عربية ونجمتان"، وكرّم إدوارد سعيد ومحمود درويش.
ومن خلال ما عرف بـ"محترف الزعني" أقام معرضا "تحية من بيروت إلى من أحبها"، إضافة إلى معرض اختصر فيه مسيرة المقاومة اللبنانية تحت عنوان "رؤية وواقع"، كما كرم زعيم "الحزب السوري القومي الاجتماعي" أنطون سعادة. له إنجازات في النحت والرسم والكتابة والأفلام، ومساهمات أثرت العمل الثقافي والوطني. كان رائدا في تنظيم المهرجانات والمعارض، وناشرا للثقافة، وصاحب الرؤية الفكرية والوطنية المتقدمة.