الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تحيّة إلى الكاتب

المصدر: "النهار"
رلى راشد
تحيّة إلى الكاتب
تحيّة إلى الكاتب
A+ A-

يُغبطنا خبر فوز الروائي اللبناني حسن داوود بجائزة #نجيب_محفوظ الأدبيّة لعام 2015 في نسختها العشرين ويُحفّزنا.


يجعلنا هذا الإمتياز نرتدّ عن ارتياب غلبَنا في الأعوام المنصرمة واستدرجنا إلى النأي بالنفس عن جزء أساسي من تكريمات أدبيّة باتت لغزا يحتكره المُسوّقون لأنفسهم والمتكوّرون حول تجارب لا تمتّ إلى الأدب، تجارب تستوي في اقتناع أن المؤلَّف هو فن الترويج وأن الرواية هي فن السهولة.


بمجيء حسن داوود إلى جوار نجيب محفوظ، ها إن الكاتب اللبناني (مواليد 1950) يُسهم في إعادة ضبط ساعة السرد على البحث على التفاصيل الحاملة وفرةً في الدلالات. وها إن ارتباط داوود بالإسم الأكثر ألقا بين أترابه من المؤلّفين العرب، يوجّه مواربة، دعوة إلى المحاولات التأليفية الواسعة الأفق من حوله لكي ترتفع بالخطاب الروائي من وحولِ المُعدّ سلفا والمكرور ومن لوثة التعميم البالغ الأذى لكي تستقرّ في جوار التفصيل المتأنّي فيجري سحبِ المعيش الراهن - في حال كان ثمة حاجة إلى ذلك- الى منزل الماضي، على نحو غير مفتعل.


وها إن الجائزة كإقرار مصريّ الهوية وعربي الإمتداد يستبقي داوود الممثل لتجربة مشدودة إلى مساءلة ما يحوطنا من طريق نوافذ روائية عدة، من قبيل "بناية ماتيلد" (التي أعادت "دار الساقي" إصدار طبعتها الخامسة أخيرا) و"سنة الأوتوماتيك" و"غناء البطريق" و"مئة وثمانون غروبا" ناهيك بـ "نقّل فؤادك" التي تريد قراءة عنوانها السهلة أن نتوقف عند فحوى قصيدة أبي تمام المتكورة على فكرة الحنين إلى حضن الشغف الأول. أما النص في ذاته فيتجاوز هذه الفكرة البدئيّة ليبحث في العلاقة القائمة مع ناس الماضي وهؤلاء يجعلونا نعي أن العمر قافلة تمرّ ولا تتوقف أو تعود أدراجها.


ها هنا إذا ثلة من الروايات التي لا تصلح قراءتها أفقيا فحسب، نصوص لا تستعير سوى الصوت النابع من باطنها. والحال أن رواية "لا طريق إلى الجنة" (الصادرة لدى "دار الساقي") التي نالت الجائزة التي تمنحها "الجامعة الأميركية" في العاصمة المصرية القاهرة سنويا في عيد ميلاد الروائي المصري المكلل بـ "نوبل"، أي في الحادي عشر من كانون الأول، ترتقي بمضمونها لتصير بمثابة تصريح. من طريق "السيّد" الشخصية الرئيسية التي تتخذ ملامح رجل دين معمّم، لا يلبث داوود أن يعيد رسم الخط الرفيع بين الحاجة إلى التمسّك بالموروث في هيئته الأولى وبين إلحاح استنباط ما تمليه علينا الأهواء الشخصية اللحظويّة. في زمن حيث ثمة نزوع إلى جعل الإستفهام تهمة، يتراءى السؤال النابع من ذريعة دينيّة وفي مقترب إنسانوي تأويلي وتخييلي، أرضا مفخخة بالألغام.
تحية إلى حسن داوود الكاتب المتمكّن. تحيّة إلى الروائي الضليع في التمهّل عند الفواصل لتتراءى كجبّة تلمّ في طياتها نماذج تخييلية تسهم في جعلنا، وفي غفلة منا، نستشفّ ما نختزنه.


[email protected]
Twitter: @Roula_Rached77


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم