الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ميليشيا الثقافة

أحمد ضياء
A+ A-

هل خدمت في الجيش العراقي؟ هل كنت شاهداً على الحرب العراقية الإيرانية؟ هل سمعت يوماً ما بمنطقة الشلامجة؟ هل تعلم ماذا حصل في نهر جاسم، في البصرة؟ إذا لم تسمع ببعض مما قلته فإليك الآتي:
طوّعتنا أرواحنا هذه المرة للدخول ضمن مضمار خشن يحفل بكل عنيف وله وقعٌ على أبصار أمهاتنا الثكلى بأبنائهنَّ، لأن ما وعيناه حتماً في هذه المنطقة أننا كنا نسير على أبدان أجدادنا وآبائنا وأشقائنا والكثير الكثير من أبناء جلدتنا.
لم نكن حذرين فحسب بل كنّا نقرأ الموت على الموت ونداعب بأرجلنا بقايا الشظايا الموجدة إلى الآن. ذهبنا في صيرورتنا هذه نحو كمٍّ من الراجمات والأسلحة الثقيلة والخفيفة فلم نتوقع أن نجد بعضاً من متبقيات الحرب ومدلولاتها الكثيفة. لا تزال خوذة ذلك الجندي تسلب فؤاد ناظريها حيث طلقات القناص وطئت رأسه. ولكونه ظل وآخرين تلالاً من اللحم لم يعد أحد في حاجة إلى مراجعة الخوذ، فهذا الدليل الجرمي ظل مسيطراً ومهيمناً على الكثير من عتباتها، وظلت هندسة هذه الأفعال تستعيد شجن الجثث وهي تصرخ في وجوهنا أثناء دخولنا هذه المنطقة المنكوبة.
بعد أكثر من محاولة لزعزعة تلك الذاكرة وكسر توقعاتها المعتادة، أنتج شعراء ميليشيا الثقافة حرقة في أعين الماضي. إذ تبيّن أن دكّ عنفوان تلك الأرض، عبر الحضور الواضح والنكران المتمأسس على الذاكرة أو الإغفال، له ظلّ يحوّل مجرياتنا لأجل بيان أزمة الحرب ودوافعها الهمجية، فلم يقوَ أيٌّ من الطرفين على رفض التعاليم التي ضخّت إليه.
في الفرقة 11 بالذات حدثت المعركة الأساس حيث دُكَّ العراقيون من الجانب الإيراني في بادئ الأمر. وعلى إثرها سميت المعركة بـ"الحصاد الأكبر". بعدها وزّع رئيس النظام الديكتاتوري السابق بعض الهبات والهدايا على من نجا منهم، بعدما تطورت المعركة لتصبح بالسلاح الأبيض بعد نفاد الذخيرة. في تلك الحقبة لم يكن هاجس الانهزام مسيطراً فاستطاعوا استعادة المنطقة بعدما كلفتهم هذه المعركة نحو 50 ألف شخص. لا وجود لبقعة فارغة من الأرض لأنها تحولت إلى جثث متراكمة من الطرفين. غير أن نهر الدماء الجاف والسائل لم يتوقف لحرارة هذه المعركة.
شارك في هذا العمل كل من عبد الحسين الحيدري، أحمد ضياء، علي تاج الدين، أحمد جبور، ووسام علي.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم