الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

نعم لصحافة مسؤولة

المصدر: "النهار"
أنطوني ماضي- "كلية الاعلام والتوثيق"- الجامعة اللبنانية
نعم لصحافة مسؤولة
نعم لصحافة مسؤولة
A+ A-

في زمنٍ لم تعد تحترم فيه أخلاقيات مهنة الصحافة، ولم تعد معروفة فيه حدود العمل المهني الصحيح، يتهافت الصحافيون إلى تقديم "المعلومات الجديدة" على أنها سبق صحافي غير آبهين أو مكترثين بصحة الخبر ومدى صدقيته وتأثيره، في حال عدم صحته، سواءً على صعيد الأفراد أم على صعيد العلاقات الدولية والمصلحة الوطنية.


 


فبالرغم من أن الحرية هي عمود من أعمدة الإعلام، قد يساء إستخدامها في بعض الأحيان إذ إنه يتم التعامل مع المواطنين على أنهم مجرد سلعة إستهلاكية. وللأسف هناك اعلاميون في لبنان وبإسم الحرية، ولّدوا آثارا كانت غير متوقعة في سجل الصحافة، بحيث أنه في الأونة الأخيرة سُجلت إنحرافات وتجاوزات للقانون و"لقواعد السلوك" التي ترعى مهنة الإعلام، وبرز مدى جهل الصحافيين لمعنى الحرية والمسؤولية المهنية.


إنطلاقاً من هذه التجاوزات، تعرف شبكة الـ "بي بي سي" مسؤولية الصحافي بأحسن تعريف حين تقول:"يجب أن يتحمل الصحافيون المسؤولية شاءوا أم أبوا. والعمل كصاحفي في مؤسسة إخبارية يحمل في طياته مسؤولية تجاه جمهور المؤسسة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام. ويمكن القول إن الصحافة التي لا تتحلى بالمسؤولية تجاه المجتمع ليست أكثر من وسيلة ترفيه".


 


على سبيل المثال، عندما وقع انفجار برج البراجنة، انتشرت على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعي التابعة لها صورة قيل أنها للإنتحاري الثاني الذي فجر نفسه، لكن ما لم تدركه هذه الوسائل، هو أن الصورة التي تم تناقلها لم تكن صحيحة، وهي صورة إنتحاري في اليمن وليس في لبنان. لذا فعلى لوسائل الإعلامية عند نقلها خبراً معيناً أو صورة معينة، أن تتوخى الدقة في نشر مادتها، متحرية عن مدى صدقيتها، كما أنه على الصحافي أثناء تقصيه الأخبار التريث والتأكد من صدقيتها أولا، من دون الوقوع في فخ السبق الصحافي، وبعد ذلك يقوم بكتابتها، تفاديا للتشهير بالناس وحفاظا على المهنية العالية.


ومن الأمثلة أيضاً، قضية الإفراج عن العسكريين المخطوفين لدى "جبهة النصرة، مؤخراً ، فمن الجيد أن تحصل وسيلة إعلامية ما على الحق الحصري لنقل وقائع الحدث من دون تقييد حرية نقلها، ولكن، بالرغم من ذلك، لا يمكن ولا يسمح لأي مراسل أن يظهر جهة إرهابية على أنها عاملت العسكريين بطريقة جيّدة وكأنهم كانوا ضيوف شرف عندها. والأغرب من هذا كله، المقابلات التي اجريت مع المفرج عنهم أمام أعين الإرهابيين وتحت تأثير الضغط النفسي الذي عانوا منه طوال فترة الأسر. فمن السذاجة أن يقوم المراسل بهكذا مقابلات وفي هذه الظروف تحت عنوان "الحصرية" واستعمال تعابير تبيّن الدولة اللبنانية على أنها الحلقة الأضعف في هذا الملف (بغض النظر إن كانت أم لا) وأن "جبهة النصرة" هي الحلقة الأقوى قائلاً بما معناه أنها قد أمهلت السلطات اللبنانية خمسة دقائق قبل أن تعود أدراجها وتلغي صفقة التبادل.



ان مبدأ الحرية المسؤولية هو المفتاح السحري لأي صحافي او وسيلة اعلامية، مع التأكيد على عدم الانتقاص من الحريات تزامناً مع احترام المصلحة العامة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم