السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

من طالبة طرابلسية الى جبران

ريان عبد الكريم سعيد- "كلية الاعلام والتوثيق"- الجامعة اللبنانية
من طالبة طرابلسية الى جبران
من طالبة طرابلسية الى جبران
A+ A-

أظلمه لو سمّيته "غيفارا لبنان". لا، ليس غيفارا، بل هو جبران، وله في معاني اسمه كل النصيب. فهو عين الاصلاح والتلاقي والمساعدة. عرفناه ثائراً، حراً، لا يهاب الديكتاتورية، فارساً مقداماً في كلمته الواقعة كالسيف. إنه صاحب القسم الذي ردّده وراءه مليونا لبناني، ليهز به كيان الحاقدين على صوته وثورته.


قسمه لمع كالسيف... منذ ذلك اليوم، نسج به لحظات تاريخية له وللبنان. لم ندر يومها أن قسمه سيتخذه الوطنيّون نشيدا لهم، وسيغدو للثوار ترتيلة عشق. في تلك اللحظة، أقسمت، أنا التي من طرابلس، وأقسم الأحرار، أينما وجدوا... وأقسم القاتل على زعزعة اليمين.


اليوم أريد مصارحة جبران. وأول البَوح أبدأه بمأساة الفراغ الرئاسي وأزمة التحالفات من أجل كرسي بعبدا. وأكمل في بَوحي لأخبره عن مجلس نواب معطل، وحكومة عاجزة. ليس سهلاً عليّ أن اتكلم على حال اللبنانيين، هؤلاء الذين اقسموا يوماً وخانوا القسم من بعده. كيف أخبر جبران أن لبنان اليوم ليس كما حلم به، وانه أصبح شاحباً، ضعيفاً، لا ينبض بالثورة التي ارادها له نهجاً؟ كيف أصف له بيروت الغارقة في اكوام نفايات زادت الدولة تخلّفا وقذارة؟ وماذا أحكي له عن طرابلس التي هاجر منها آلاف في "قوارب الموت"؟ ماذا اخبره عن صيدا التي هزّها تفجيران ارهابيان نالا من أبريائها؟


وكيف أبرر له فشل الدولة في السيطرة على عرسال، وأن مسلسل الحرمان لا يزال مستمرا في عكار؟ وكيف أخبره أن حلمه بتحرير المعتقلين اللبنانيين من السجون السورية لم يتحقق، بينما تنصرف الدولة الى تحقيق حلمها في استعادة هيبة جيشها المأسور لدى عصابات إدّعت معارضتها للنظام السوري؟
عذرًا جبران لهذا البوح. لكننا تائهون، ونعيش فوضى عارمة نحتاج فيها إلى منقذ. ولولا تبصّر القاتل في جهوزيتك التامة لانقاذ البلد، لما ارتفعت اسهم اغتيالك. لقد شعروا بالخيفة من قسمك بـ"الله العظيم"، من فعلك وتأثيرك. فوطنيتك مخيفة، وثورتك جمعت، مسلمين ومسيحيين، "لنبقى موحدين إلى أبد الآبدين، دفاعاً عن لبنان العظيم"، عن لبنان "ثورة الأرز"، لا عن "ولاية الفقيه"، ولا عن "الوصاية السورية".


 


اليوم، ككل السنة، أبصم مجددا على سذاجة قاتل اغاظه صوت الوطن من جبران، فقتله وهو لا يعلم أن الثائر لا يموت. جبران لم يكن مجرد صحافي، أو سياسي، أو ناشط. كان روحاً ثائرة، صاحب رؤية مستقبلية. ما قتلوه هو جبران الجسد، وليس جبران الروح. اليوم، أقسم بأن جبران لا يزال "الصوت اللي بيودي". كيف لا، و"النهار" تصدح كل يوم، وصوت الدّيك عالٍ؟
من يصدق ان الأعوام أصبحت عشرة؟ كم تغيّر لبنان، وكم انحدرت بلدان! طلّ علينا، يا #جبران، وشاهد سقوط جارنا الديكتاتور الذي عارضته جهرا ومن دون خوف. انظر إلى الشعوب التي تطالب بحرياتها، وكنت المحرّض الأول على الحرية وتحقيق المواطنة نحو الديموقراطية والصحافة المستقلة والاعلام الموضوعي. كم يحتاج اليك لبنان اليوم. كم نحتاج الى ضميرك الحر وقلمك اللاذع. نحتاج اليك خلاصاً لهذه الالآم. فيا ليتك تجمعنا من جديد على حب لبنان وثورة الأرز.
تعالَ إلينا لتلغي طائفيتنا السياسية وتقود ثورة شعب. نعم، غاب صوت جبران، لكنه ترك لنا فكره لنكمل فلسفته وثورته. نعم، اغتالوا صوت جبران، لكنهم ما استطاعوا اغتيال "النهار" فيه.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم