الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

إرهاب "داعش" ... ليس الأكثر فتكاً

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
إرهاب "داعش" ... ليس الأكثر فتكاً
إرهاب "داعش" ... ليس الأكثر فتكاً
A+ A-

لا شكّ يعتري نفس أيّ مراقب عند تصنيف تنظيم "#الدولة_الاسلاميّة" ضمن خانة أكثر المجموعات نشراً للقتل والإرهاب حول العالم. وما يزيد تلك القناعة، استخدام "داعش" للوسائل الاعلاميّة بشكل مكثّف من أجل إيصال أسلوبه الوحشي الى أكبر عدد ممكن من البشر. ولكن على رغم إيحائه بأنّه الأكثر دمويّة بين المجموعات الإرهابيّة، إلّا أنّ لمؤشّر "غلوبال تيروريزم إندكس" الذي ينشره "معهد الاقتصاد والسلام" رأياً آخر.


"بوكو حرام" التنظيم الإرهابي الذي يجد تربته الخصبة في شمال الدولة النيجيريّة سبق "داعش" إلى تصدّر لائحة التنظيمات الأكثر قتلاً لعام 2014 بحسب الموقع نفسه. ففي السنة الماضية قتل "داعش" 6073 ضحيّة في مقابل 6644 شخصاً تسبّب "بوكو حرام" بسلب حياتهم. وفي الأرقام أيضاً، كان التنظيمان مسؤولين عن قتل 51% من ضحايا الهجمات الارهابيّة حول العالم. وبرزت سنة 2014 استثنائيّة في مجال تصاعد عمليّات الارهاب، إذ قفزت الاعتداءات بنسبة 80% عن سنة 2013 بحسب "معهد الاقتصاد والسلام". أمّا في نيجيريا، فرفعت "بوكو حرام" عمليّاتها الإرهابيّة بنسبة 300% مقارنة أيضاً مع سنة 2013.


القيادة وإطار العمليّات


حركة "بوكو حرام" والتي يعني اسمها "التعليم الغربي حرام" أسّسها رجل الدين محمّد يوسف عام 2002. يوسف الذي تلقّى بعض العلوم الدينيّة، طالب بتحريم تدريس مناهج العلم الغربيّة قبل الانتقال الى المطالبة بإسقاط الحكم، ولهذا السبب لقّبت حركته ب"طالبان نيجيريا".


بحسب وكالة "رويترز" الأميركيّة، إنّ تلك الحركة تملك بين 4000 و6000 مقاتل كما نقلت عن مسؤولين في وكالة الاستخبارات الاميركيّة "سي آي أي". ويهدف مقاتلو "بوكو حرام" الى إنشاء دولة إسلاميّة في شمال البلاد، لذلك يقاتلون القوّات الرسميّة وكلّ من يتعامل معها. ولئن بدأ التنظيم نشاطاته دخل الحدود النيجيريّة، إلّا أنّه عاد ووسّع إطار عمليّاته ليشمل الدول المجاورة وخصوصاً الكاميرون وتشاد والنيجر.


وبعد قتل الشرطة النيجيريّة لمحمّد يوسف سنة 2009، استلم #ابو_بكر_شيكاو دفّة قيادة الحركة الارهابيّة، وبدأ باستهداف أسواق عدّة في مختلف أنحاء نيجيريا. ووضعت الحكومة الأميركيّة مبلغ 7 ملايين دولار كمكافأة لمن يلقي القبض أو يقتل شيكاو. وكان التنظيم خطف ما يقارب 300 فتاة من مدرسة نيجيريّة في نيسان من العام الماضي.


نوعيّة الارهاب في الغرب


قضيّة الهجمات التي يشنّها "الذئب المنفرد" في الغرب تسرق الأضواء. وتقول شبكة "سي أن أن" الأميركيّة إنّ الذين يشنّون هذه الهجمات هم مزيج من المتطرّفين السياسيّين والقوميّين والعنصريّين البيض، والمتطرّفين الدينيّين "وبنسبة أقلّ الإسلاميّين المتطرفين".


ومع الإشارة الى أنّ جذب "داعش" للأجانب آخذ بالتصاعد، تقدّر أعداد مقاتليه بين 25000 و30000 مقاتل موزّعة جنسيّاتهم على 100 دولة. وبالحديث عن الوافدين الاجانب، تقدّر الاحصاءات هؤلاء ب 7000 مقاتل انضمّوا الى التنظيم في الأشهر الستّ الأولى من السنة الحاليّة. أمّا في المجال الاقتصادي، فإنّ الإرهاب سنة 2014 كلّف الدول حوالي 53 مليار دولار بزيادة وصلت الى نسبة 61% عمّا كانت عليه سنة 2013.


وفي المكافحة الأميركيّة لارهاب "بوكو حرام"، أرسل الرئيس الأميركي #باراك_أوباما 300 جندي من بلاده الى الكاميرون مدعومين من طائرات "بريدايتور" بدون طيّار، لمساعدة السلطات المحليّة في محاربة المجموعة. ولفتت مجلّة "الأتلانتيك" الاميركيّة الى الفاعليّة العالية الموجودة لدى هذه الأخيرة. فتنظيم "داعش" شنّ 1071 اعتداءً مقابل 453 ل"بوكو حرام" في نفس السنة، وحتى بوجود هذا الفارق، استطاعت الحركة أن "تتفوّق" على التنظيم لناحية عدد القتلى. ولذلك "تعدّ تحرّكات "بوكو حرام" جديرة بالمراقبة". مع التشديد دائماً على أنّ جميع هذه الأرقام تشمل سنة 2014 فقط.


هل تقلب المبايعة المقاييس؟


ونقلت المجلّة عن خبراء أنّ التكتيكات المتّبعة من قبل المجموعة تشبه تلك التي تستخدمها العصابات وشبكات الجريمة المنظّمة التي تركّز على الاعتداءات النارية التي تستخدم فيها المسدّسات والبنادق الآليّة الحربيّة وحتى السكاكين، عوضاً عن التفجيرات وعمليّات التفخيخ أو العمليّات الانتحاريّة. وفي شهر آذار الماضي، أعلن أبو بكر شيكاو مبايعة أبي بكر البغدادي "على السمع والطاعة وفي المنشط والمكره والعسر واليسر" كما جاء في شريط منسوب للجماعة.


وقد يكون لهذه المبايعة أثرها على نوعيّة عمليّات تلك الجماعة. ففي حين كانت 67% من عمليّات القتل التي نفّذتها تعتمد على المسدّسات والبنادق الحربيّة، برزت 31 عمليّة انتحاريّة سنة 2014 فقط. ويضيف الخبراء للمجلّة عينها أنّه طوال السنة الفائتة لم تقم أيّ مجموعة إرهابيّة أخرى في نيجيريا بأيّ عمليّة انتحاريّة.


لكن من المبكر الحكم بعد على إمكانيّة تأثير المبايعة على آليّة عمل المجموعة وتكتيكاتها المتّبعة في تنفيذ عمليّاتها الإرهابيّة أكانت داخل #نيجيريا أو خارجها. قائد القوّات الأميركيّة في افريقيا الجنرال دايفد رودريغيز يشير الى وجود دليل على "أنّ "داعش" نصح "بوكو حرام" في تحسين تكتيكاتها وحضورها الاعلامي". وأضاف لل"أتلانتيك" أنّ هناك "مؤشّراً صغيراً حتى الآن على أنّ التنظيم يؤمّن للمجموعة الدعم المادّي أو العمليّ".


"طالبان" في الميدان


من جهة أخرى، يبدو أنّ "داعش" استطاع عبر ماكينته الاعلاميّة تضخيم فاعليّته القتاليّة الى حدودها القصوى، خصوصاً إذا ما قورنت مع منظّمات إرهابيّة أخرى. موقع "فوكايتف"، وفي مقارنة له بين معدّل ما نشره "داعش" وحركة "طالبان" عن عمليّاتهما، وجد الميزان راجحاً لمصلحة الأخيرة في نسبة فاعليّتها القتاليّة، مع اعترافه بأنّ ما نشره الجانبان غير مكتمل لجهة عناصر عدّة.


إنّما في المحصّلة، رأى الموقع أنّ "طالبان" شنّت 1111 اعتداء في الشهر مقابل 1077 ل"داعش". لكن الحركة استطاعت أن تقتل 1999 شخصاً في الشهر (دائماً كمعدّل) في مقابل 208 مع التنظيم. ويقول الموقع إنّ الطرفين لم يحدّدا معنى كلمة "هجوم"، لكنّه يوضح أنّ "داعش" يتفوّق على الحركة في العمليّات الانتحاريّة.


واستطاعت "طالبان" أن تدمّر عربات "الأعداء" بنسبة تفوق 60 مرّة ما دمّره "داعش"(485/8). ويرجّح الموقع الاسباب في كون الأخير يفضّل الحفاظ على العربات لاستخدامها في حروبه، على عكس "طالبان" التي تفضّل تفجيرها بمفخّخات مرتجلة ومحلّيّة الصنع.


ويشير الموقع إلى القوّة الاعلاميّة للتنظيم التي تكسبه الهالة القتاليّة. فهنالك ناطقان رسميّان باسم "طالبان" ومن بين كلّ عشر لجان هنالك شخص يهتمّ بالدعاية السياسيّة والاعلام. من جهة أخرى هنالك "4 أجنحة إعلاميّة وحوالي 15 ضابطاً إعلاميّاً في كلّ ولاية" يسيطر عليها "داعش".


وربّما من هنا، استطاع الأخير إثبات أنّ المعارك تخاض عبر الأسلحة، لكن لنتائج أفضل، يبقى الركون الى الإعلام طريق تحقيقها الأقصر ... والأضمن.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم