الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

نفط "داعش" يفضح أردوغان وبوتين والاسد

المصدر: "النهار"
نفط "داعش" يفضح أردوغان وبوتين والاسد
نفط "داعش" يفضح أردوغان وبوتين والاسد
A+ A-

عرضت موسكو بالصوت والصورة ما قالت إنه أدلة على استفادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع اسرته من تهريب النفط الذي يقوم به تنظيم "الدولة الاسلامية" في سوريا، وذلك في سياق الاتهامات المتبادلة بين الجانبين والمستمرة منذ اسقاط الطيران التركي مقاتلة عسكرية روسية على الحدود السورية، مما تسبب بازمة غير مسبوقة بين روسيا وتركيا.
اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاردوغان بدعم "داعش" غداة اسقاط الطائرة لقيت استحساناً لدى خصوم موسكو وحلفائها على السواء، نظرا الى الدور الذي تضطلع به أنقرة في السنوات الاخيرة، في تسهيل وصول الجهاديين الى سوريا. وتكتسب الاتهامات الجديدة، بغض النظر عما اذا كانت صحيحة أم لا، أهمية كونها تعتبر خطوة تصعيدية جديدة في نزاع يكتسب كثيرا من زخمه من شخصية الرجلين المتخاصمين وطباعهما.
ففي مؤتمر صحافي امام مئات الصحافيين، قال نائب وزير الدفاع الروسي اناتولي انتونوف اليوم : "يتبين ان المستهلك الرئيسي لهذا النفط المسروق من مالكيه الشرعيين سوريا والعراق هو تركيا... الطبقة الحاكمة السياسية، ومن ضمنها الرئيس اردوغان واسرته، ضالعة في هذه التجارة غير المشروعة". ووجه اصابع الاتهام بالاسم الى نجل الرئيس التركي بلال أردوغان الذي يتولى رئاسة احدى ابرز شركات النفط "بي أم زد" المتخصصة بالاشغال العامة والنقل البحري، وصهر الرئيس التركي بيرات البيرق الذي عين عين وزيرا للطاقة في الحكومة الجديدة .
وفي المؤتمر نفسه، عرض مسؤولون روس صورا التقطت بالاقمار الاصطناعية وأشرطة فيديو قالوا إنها تظهر صهاريج وطرقاً بين تركيا ومصافي النفط في المناطق التي تسيطر عليها "الدولة الاسلامية" في سوريا والعراق، وقدروا بأن كميات من النفط  تصل قيمتها الى ثلاثة ملايين دولار كانت تعبر يومياً هذه الطرق قبل أن تؤدي الغارات الروسية الى خفض تلك الكميات الى النصف.


وأبرز احد القادة العسكريين سيرغي رودسكوي في المؤتمر الصحافي "ثلاثة طرق رئيسية تسلكها شحنات النفط الى تركيا".ونسب الى الصحافيين الروس الفضل في كشف تورط احد أبناء الرئيس التركي في الصفقات.وقال:"اذا كانوا يعتقدون أن هذه الادلة مزورة، فليفتحوا هذه المنطقة أمام الصحافيين".


وهذا المؤتمر الصحافي ليس الا الحلقة الاخيرة من العاصفة الكلامية المستمرة بين البلدين منذ 24 تشرين الثاني الماضي.
وكان بوتين اتهم أمس أنقرة ب"حماية" مقاتلي تنظيم "داعش" والتغطية على تهريب النفط .وذهب ابعد من ذلك ، معتبراً ان قرار الطيران التركي اسقاط طائرة "السوخوي-24 الروسية "اتخذ لحماية الطرق التي ينقل عبرها النفط الى الاراضي التركية".واضاف ان تنظيم "الدولة الاسلامية " ينقل الذهب الاسود "بكميات كبيرة الى تركيا" ويجني "ملايين ومليارات الدولارات".
الا ان أردوغان رفض هذه الاتهامات وتحدى موسكو بان تثبت ما تدعيه، قائلا إنه سيستقيل إذا ثبت ذلك، ولكنه لفت الى أنه اذا كانت هذه الادعاءات غير صحيحة فعلى بوتين أن يستقيل.


تورط الجانبين
وفي ظل تصاعد السجال بين الرجلين، نبشت وسائل اعلام ملفات قديمة عن تورط الجانبين بصفقات إما مع "داعش" أو مع النظام.
واستعادت "الانترناشيونال بيزنس تايمس" تقريرا لصحيفة "الغارديان" نشر في تموز الماضي وفيه أن الغارة التي نفذتها القوات الاميركية على مجمع يؤوي أبو سياف "ممول "داعش" والمسؤول عن تهريب النفط ، كشفت أدلة على تعامل مسؤولين أتراك مباشرة مع أفراد من التنظيم.
ونسبت الصحيفة البريطانية في حينه الى مسؤول غربي رفيع المستوى أن الملفات والاقراص المدمجة التي ضبطت في الغارة على أبو سياف كشفت صلات "واضحة ولا لبس فيها" بين تركيا و"داعش" والتي يمكن أن يكون لها تداعيات كبيرة على العلاقات بين أنقرة وواشنطن.
"الاناضول" تبرز أدلة مضادة
وفي المقابل، سارعت وكالة أنباء "الاناضول" التركية شبه الرسمية الى شن هجوم مضاد. ونقلت أولاً عن الناطقة باسم وزارة الخارجية الالمانية سوسن شبلي بأن حكومتها لم تر دليلا صلباً على الادعاءات الروسية، مضيفة: "لكننا نعرف أن نظام الاسد تلقى كميات كبيرة من النفط من داعش....لدينا أدلة".
والاسبوع الماضي، أعلنت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات تستهدف مجموعة من الاشخاص، بينهم جورج حسواني، رجل الاعمال السوري الذي يعمل وسيطاً في صفقات النفط بين "داعش" والنظام السوري.
ونقلت الوكالة التركية عن تقرير للمجلس الاوروبي أن حسواني "يوفر الدعم لحكومة الاسد ويستفيد منها من خلال شراء النفط من داعش، كما يستفيد من النظام من خلال خدمات تشمل عقدا مع سترويترانسغاز"، وهي شركة نفط روسية.
وكانت صحيفة "التلغراف" البريطانية نشرت في ايار الماضي أن ثمة حقول نفط وغاز في مناطق الدولة الاسلامية يديرها اشخاص يتقاضون عملات من وزارة النفط السورية". وقالت إن "النفط يباع من نظام الاسد الذي يوزعه في مناطق يسيطر عليها بأسعار مخفوضة نسبياً، وهو ما يساعده في كسب ولاء السكان".
وفي الشهر نفسه، فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على مصرف "تمبنك" ومقره موسكو، وعلى ميخائيل غاغلوييف ، أحد أبرز المدراء التنفيذيين في المصرف لتوفيره دعما ماديا وخدمات للحكومة السورية، بما فيها المصرف المركزي السوري و"سيترول"، شركة تسويق النفط التابعة لدمشق.
بين تركيا وروسيا
وتفيد آخر تقديرات مسؤولين أميركيين والاستخبارات العراقية أن "داعش" يستخرج يوميا 30 ألف برميل نفط من العراق و20 ألف برميل من سوريا ، فيما يرفع تحقيق لصحيفة "الفايننشال تايمس" الكمية الى ما بين 42 و48 الفاً .
وبحسب وزارة الخزانة الاميركية يوفرالنفط ل"داعش" نحو 1,5 مليون دولار يوميا، اي نحو 50 مليون دولار شهريا.وتشير التقديرات الى أن سعر البرميل يتراوح بين 35 دولارا وعشرة دولارات كحد أدنى في مقابل 50 دولاراً تقريبا في الاسواق العالمية.


تهريب من عقود
الثابت  أن تهريب النفط ومواد بترولية أخرى من سوريا الى تركيا ناشط منذ عقود وقت كان التجار ومسؤولو المخابرات يفيدون من فارق الاسعار بسبب الدعم الكبير للمحروقات في سوريا.
ومع اندلاع الحرب تطورت هذه التجارة وتسلمت "الدولة الاسلامية" الجزء الاكبر من تجارة النفط ومصافي التكرير على طول نهر الفرات.
وفي تحقيقات عدة عرضتها صحف متخصصة، يتبين أن النفط الذي ينتج في مناطق "داعش" يمر بمراحل كثيرة قبل أن يصل الى المستهلك.
وليس مستبعداً أن يكون رجال اعمال ومسؤولين في الجمارك ورجال استخبارات أتراك بين المتورطين ، الا أن حجم هذه التجارة في رأي خبراء يبقى صغيراً مقارنة باقتصاد الطاقة في تركيا والذي تضطلع فيه روسيا بدور كبير.
ولكن تركيا تعتمد بالكامل تقريبا على الواردات في الاستهلاك الاجمالي للنفط المقدر بنحو 720 الف برميل يوميا.وتأتي حصة كبيرة من هذه الكميات من موسكو.
الباحث في معهد "تشاتهام هاوس" ديفيد باتر يقول إن روسيا كانت المصدر الاكبر للواردات التركية، وتصدر اليها سلعاً بقيمة 25,3 مليار دولار أو أكثر من عشرة في المئة من مجمل الواردات التركية.ومن هذا السياق، يقول إنه كان للنفط اعتباراً في اسقاط الطائرة الروسية، كان من الافضل لتركيا لو لم تفتح النار.
[email protected]



Twitter:@monalisaf


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم