الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

رئيس "الاهرام" ل"النهار": لنمودج مسلم بعيد من الخنادق المذهبية وعلاقات مع سوريا قريباً

المصدر: "النهار"
موناليزا فريحة
موناليزا فريحة
رئيس "الاهرام" ل"النهار": لنمودج مسلم بعيد من الخنادق المذهبية وعلاقات مع سوريا قريباً
رئيس "الاهرام" ل"النهار": لنمودج مسلم بعيد من الخنادق المذهبية وعلاقات مع سوريا قريباً
A+ A-

في خضم الاستقطاب الطائفي والمذهبي الحاد الذي تشهده المنطقة، وفي ظل صعود التيارات الدينية المتطرفة، تسعى مصر الى تعزيز وجودها في الساحة اللبنانية من طريق نموذج وسطي . وهي تستعين لهذه الغاية بالذراع الاعلامية لقوتها الناعمة، وتحديدا صحيفة "الاهرام" العريقة ذات الجذور اللبنانية، في اعتراف صريح من "أم الدنيا" بمساحة الحرية التي يتميز بها هذا البلد وتتيح لها طرح أفكار خارج الاحتقانات الضيقة، آملة بحسب تعبير رئيس مجلس ادارة الصحيفة أحمد السيد النجار في تقديم نموذج مسلم قادر على ايجاد حالة من السلام الاجتماعي خلافا للتخندق في استقطابات حادة مذهبية لا تبني دولة.
وفي مناسبة صدور "الاهرام" في بيروت، التقت "النهار" النجار وكان لها معه هذا الحديث في شؤون الصحيفة العريقة ومصر والمنطقة.


+بداية من "الاهرام"... تعود الصحيفة الوطنية العريقة الى بيروت بعد غياب ...لماذا الان تحديدا؟


- منذ تسلمي رئاسة مجلس ادارة "الاهرام"، كنت مهتما بوجود الصحيفة في كل الدول العربية، وتحديدا بيروت التي لها مكانة خاصة بالنسبة الى مصر.وعندما لاحظت أن لاشيء يدل على مؤسسي الصحيفة اللبنانيين ، سليم وبشارة تقلا، باستثناء ما هو مكتوب على الصحيفة، أنشأت متحفا لاساس ال تقلا وأطلقت على احدى اجمل قاعات مقر الصحيفة اسمهما ودعيت ندى حفيدة العائلة للاحتفال بالمؤسسين، وكانت سعيدة جداً. والامر الاخر يتعلق بلبنان نفسi.فبقدر ما هو بلد صغير، فهو سفيرنا الى عشق الحياة والبهجة.ونظرا الى مساحة الحرية العالية فيه والتي سبقت الكثير من الدول العربية،لذا نحن معنيون بهذا الجمهور الحرّ القادر على القراءة والفرز.و"الاهرام" حالة عروبية اسسها عرب من خارج مصر وجدوا حاضنة اجتماعية داخل مصر، وهي تعود الى لبنان حتى تكون منبرا للفكر والثقافة المصرية في لبنان.أنا مقتنع بأن التفاعل الثقافي هو الذي يوثق العلاقة بين الشعوب.


+في ظل الظروف المحلية والاقليمية التي يعيشها لبنان، ما هي القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها السوق اللبنانية ل"الاهرام" وبالتالي لمصر؟


-المسألة تبادلية، بمعنى أن "الاهرام" تقدم شيئا وتتلقى شيئا آخر.هناك درجة عالية من المسؤولية تتبناه مصر حيال المنطقة العربية.فبالنسبة الى سوريا مثلا، قد يكون هناك اختلاف أو اتفاق ، ولكن مصر معنية ببقاء الدولة السورية الموحدة وهذا خط أحمر بالنسبة اليها.مصر معنية بحماية جميع الاقليات الموجودة في سوريا مع الغالبية طبعاً.وبالتالي الموقف المصري الذي تقدمه "الاهرام" ، وهو مساحة من التعبير عن مكونات الامة، وسيطرح داخل لبنان ليكون مادة للحوار وطرح تصور خارج الاحتقانات التي يمكن أن تكون موجودة في المنطقة لدى بلدان متخندقة الى جانب مؤيد ل"داعش" أو "النصرة" أو في جانب آخر قد يكون خلافياً ايضاً.وهنا تكون "الاهرام" تقدم رؤية وسطية، كما هو شأن الثقافة والديانة في مصر والتي لا علاقة لها بأنماط التدين في البلدان العربية السنية أو الشيعية.نطمح الى تخفيف الاحتقان،أو على الاقل أن نقدم نموذجا مسلماً قادرا على ايجاد حالة من السلام الاجتماعي خلافا للتخندق في استقطابات حادة مذهبية لا تبني دولة.


+ هل تعتقد أنه يمكن مصر أن تجد مكاناً لها في لبنان وسط المنافسة الخارجية الكبيرة فيه وعليه؟


-ميزة القوة الناعمة أنها اختيارية.الطبيعي أن ترغب مصر في تقديم افكارها على الاخرين، وهي مستعدة لتقبل رد فعل الاخر.والاهرام ستقدم السياسة والثقافة والاجتماع والاقتصاد، كما ان معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية التابع لها وهومن الاهم في العالم .لن نكتفي بطبع وتوزيع "الاهرام" اليومية في لبنان.عندنا منشورات أخرى ستوزع في لبنان.
لدى الصحف الللبنانية بعض الولاءات لدول الخليج أو ايران وغيرها. و"الاهرام" لا تبحث عن هذا النوع من الاستقطاب،ولكن عما يجمع لا عما يفرق بين اللبنانيين .وهي ستقدم للبنانيين الطبعة المصرية لكي يروا مصر كما هي. وإذا كانت هناك معادلة خارج المعادلة الطائفية الموروثة ومحاولة النظر الى لبنان كدولة، سنحاول البناء في هذا الاتجاه.


انتفاضة جديدة؟


+ الانتخابات النيابية الاخيرة في مصر شهدت مقاطعة قياسية مما يدل على وضع سياسي غير سليم في البلاد.ثمة احباط شعبي بعد الثورات الشعبية والتغييرات الكبيرة التي شهدتها البلاد في السنوات الاخيرة.والوضع الاقتصادي يثقل كاهل المصريين.هل تخشى أن يتطور هذا الوضع الى انتفاضة شعبية جديدة ؟


- صحيح انه مقارنة مع انتخابات أخرى، كان حجم المشاركة أقل، ولكن بالنسبة الي، ما حصل كان بطاقة صفراء أو انذارا لكل القوى السياسية.لم يقدم احد من القوى السياسية الموجودة برنامجا يقنع الناخبين بكثافة للتصوت.الواضح أن الناخبين الذين نظموا ثورة عظيمة في 25 يناير رفعت شعارات الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وثورة 30 يونيو الجبارة للحفاظ على هوية الدولة ، لم يقتنعوا بالبرامج المقدمة. بعد ثورتين يكون سقف التوقعات عالياً،والطبقة السياسية لم تكن بحجم هذه التوقعات.


الجميع، حكومة ومعارضة، يعترف بحصول تراجع كبير.ولكن هناك بعض المشاريع الواعدة التي تثير الامل في نفوس المصريين.فقناة السويس مثلا مشروع جيد جدا ورفع القدرة الاستعابية للقناة القديمة بمعدل ثلاثة ارباع طاقتها القديمة، ويمكن أن ترتفع الى الضعف.تقديم مواطنين 64 مليارا في ثمانية ايام يعكس اقتناعاً بالرئيس عبدالفتاح السيسي.وفي الوقت الحالي، لا يزال هناك رصيد كبير لدى المواطنين وحتى لو تراجع.وهذا الرصيد يحتاج الى أن يتعزز من خلال مواجهة الازمات القائمة ، بما فيها تراجع احتياط النقد الاجنبي .وبالنسبة الى الشباب تحديدا تشكل البطالة المشكلة الكبرى.لذلك، لا بد في الفترة المقبلة من وضع تخطيط واضح لمعالجة هذه الازمة التي تخلق احتقانات ،ولوحصل تقدم في هذا الملف اعتقد أن الحديث عن ثورة شباب أو انفجار آخر يتراجع،ولكن اذا لم يحصل تقدم ،يمكن تفاقم هذه الاحتقانات.وأمل أن يشكل بدء استثمار منطقة قناة السويس والمشاريع في مرسى مطروح وغيرها والتي تخلق فرص عمل، منفذاً لحل المشكلة.


الطائرة الروسية


+ تسارعت التكهنات بالمسؤوليات عن اسقاط الطائرة الروسية، وكثر الحديث في الصحف المصرية عن مؤامرة خارجية .ما هي قراءتك لهذا الحادث وهل كشفت في رأيك نيات مبيتة حيال مصر؟


-بالتأكيد.الطائرة الماليزية التي سقطت في اوكرانيا في 17 تموز 2014 ، والتقرير النهائي صدر في الاول من تشرين الاول 2015، اي أكثر من سنة وأكثر من شهرين.في الطائرة الروسية استبقوا كل التحقيقات وكأن الهدف هو الاضرار بقطاع السياحة المصري في لحظة حرجة.السياحة في مصر كانت بدأت تتعافى، ومصر كانت تعول على تحسين الاحتياط والموازين الخارجية.لذا كان هدف تلك التصريحات احباط الصعود الكبير في القطاع السياحي.


+من يقف وراء هذه الحملة في رأيك ، وما مصلحتهم في ذلك؟


-لا داعي للتخمين هنا. في بريطانيا او الولايات المتحدة أو الغرب عموماً احتقان من موقف مصر المؤيد للدعم الروسي لسوريا والذي كان صريحا على لسان وزير الخارجية المصري.الولايات المتحدة ومن معها يدّعون مكافحة الارهاب ولم يفعلوا اي شيء الا المساعدة على تمدد "داعش" في سوريا والعراق، واسقاط "بالخطأ" اسلحة لداعش بحجة أنها تنزلها لجهات أخرى.في ثلاثة اسابيع حققت الضربات الروسية انجازاً كبيراً، وهذا كان فاضحاً للاميركيين والحلف الغربي عموماً.


+ولكن الوضع الميداني لا يوحي بتأثيرات كبيرة للغارات الروسية على "داعش"....


-على الاقل حققت الحملة الروسية اضعاف ما يقول الغرب إنه حققه.وفي المناسبة، التوتر التركي-الروسي الاخير حصل بعد ثلاثة ايام من تدمير الغارات الروسية قافلة من 500 شاحنة تنقل نفطا سوريا مسروقاً الى تركيا. وهل تجرؤ تركيا على اقامة مثل هذه العلاقة مع "داعش" من دون موافقة الولايات المتحدة الاميركية؟ مستحيل.


+على رغم التصريحات الرسمية المصرية والسعودية عن العلاقات الجيدة بين الرياض والقاهرة، يعكس الاعلام لدى الجانبين واقعاً مختلفاً.ما هو وضع العلاقات بين الجانبين حاليا ،علماً أن التباينات كثيرة في أكثر من ملف؟


- مصر تتعامل مع نفسها على أنها قوة قائدة اقليمية، وهذا حقها.وعلاقاتها عميقة وقوية ووثيقة مع السعودية، ولكن هذا لا يعني اتفاق المواقف السياسية في كل شيء.في سوريا مثلاً، مصر تنظر الى مصلحة الامن القومي العربي.ومنذ البداية قالت إن وحدة الدولة السورية خط أحمر وبالتالي يجب الابقاء عليها، على أن تكون محاسبة اي مسؤول لاحقاً واردة.والقيادة المصرية غير معنية اذا كان موقفها هذا يختلف مع أحد أو يتفق معه.وحاليا لا يمكن تأمين وحدة الدولة السورية بما يجري من عمليات ارهابية من "النصرة" أو "داعش".


+ولكن هناك فريق ثالث في سوريا يقدم نفسه على أنه معارضة معتدلة ، وهو يعارض "داعش" والنظام القائم حاليا....


-اية معارضة معتدلة؟ التاريخ علمنا ان الاستخبارات الاميركية لن تدرب معتدلين وإنما تابعين وعملاء.الاستبداد موجود من المحيط الى الخليج، ولكن يستحيل الحديث عن تحطيم نظام في وقت يبدو وجود الدولة بكاملها مهددا.رأس الدولة هو خيار السوريين.
أما في اليمن فما يعني مصر هو باب المندب وحماية الدولة اليمنية من التشظي. وموقف مصر سواء في اليمن أو في سوريا مستقل تماماً عن مواقف الاخرين.مصر تنظر الى الدول الاخرى من منطق كونها قائدة اقليميا.


+ كشف بعض المبادرات تقاربا مصريا-سوريا.هل سنشهد عودة العلاقات بين النظام السوري والقاهرة قريبا؟


-آمل أن يتم ذلك قريبا.لانها خطيئة أن يكون هناك قطيعة بين مصر وسوريا اللتين هما جناحان للامن القومي العربي.وهما اللذان خاضا المواجهات الكبرى ضد الكيان الصهيوني، وعبر التاريخ ايضاً، وحتى منذ العهد الفرعوني.


+هل كانت هناك محاولات جدية لاصلاح العلاقات بين مصر وتركيا؟.


-لا مشكلة لمصر مع تركيا والعالم التركماني.الاحتلال العثماني قام بأمور مروعة في المنطقة العربية ولكن ايضا عندما حصل صدام مع مصر إذ كانت تبني الدولة الحديثة في عهد محمد علي قهرت تركيا ووصلت الى حد الاستانة. وهذا الامر الغى الحساسيات. ولكن ما يفعله اردوغان هو الذي يقسم تركيا ويسيء الى العلاقات مع القاهرة.تركيا الاردوغانية مع الارهاب بشكل صريح.ومصر لم تتعرض للعلاقات الاقتصادية مع الدولة التركية.المشكلة ليست مع الشعب التركي ولا مع رجال الاعمال الاتراك.


+كيف تتوقع أن تتطور الازمة بين تركيا وروسيا؟


-ثمة نوعان من التداعيات،عسكرية واقتصادية.
روسيا حرمت تركيا من اختراق الاجواء السورية.صواريخ "اس 400" لا نظير لها ، والروس متفوقون جدا ولو أن ذبابة ستعبر الحدود السورية من دون موافقة الروس سيسقطونها .اذا صارت روسيا مقيدة بالنسبة الى حركة طيرانها، وخسرت حلفاءها التي كانت تقدم مساعدات لهم من تركمان و"جبهة النصرة".كانت هناك قافلة تحاول نقل مساعدات اليهم سحقت بغارة روسية.اعتقد أن تركيا خسرت تأثيرها في سوريا في شكل كلي.
والعقوبات الاقتصادية رادعة فعلاً.ويمكن أن تحرمها جزءا واسعا من السوق الروسية.وهذا سيشكل خسارة فادحة بالنسبة الى الاتراك، ويمكن أن يكون وراء التراجع التركي الاخير نتيجة ضغوط رجال الاعمال.
+سؤال أخير... هل حسمت القاهرة موقعها الى جانب روسيا ؟وهل يمكن أن تتخلى عن علاقاتها الاستراتيجية مع واشنطن؟
-يمكن أن نشهد أمراً مختلفاً.مصر تقدم نموذجا انها دولة قائدة وكبيرة تملك مشروعاً تنموياً وتسعى الى بناء قوة قادرة على الدفاع والردع ،اي مشروع متكامل ومن يتعاون معي فيه فهو صديقي.


+ولكن هل مصر بوضعها الراهن قادرة على فرض نفسها في هذا الموقع ؟


-يركز البعض على المأزق الذي تعانيه في النقد الاجنبي، وهو أحد عناوين الازمة المصرية. الحقيقة ان مصر تستطيع فعلا أن تعتمد على نفسها في مشاريع التنمية بالنموذج نفسه الذي فعلته في قناة السوس.هي تملك واحدا من أهم احتياطات الرمل الزجاجي في العالم في جنوب غرب سيناء، وإذا قررت فتح اكتتاب عام لمصنع عملاق لتصنيع هذا الرمل اعتقد أن الشعب المصري سيقدم كل مدخراته وسينجز الاكتتاب في يوم واحد. ولدى مصر ثاني أكبر احتياط فوسفات في العالم يمكنها من بناء صناعة اسمدة فوسفاتية عملاقة بتمويل من الشعب.والامر نفسه ينطبق على صناعات أخرى.يمكن أن نقوم بالكثير اعتمادا على الداخل من دون أن يعني ذلك انغلاقاً لا على الشرق ولا على الغرب.ولدى دول كثيرة ، بينها الصين،رغبة في الاستثمار في مصر، ولكن قطاع الاعمال بحاجة ربما الى تطوير خبراته.لذا ليس لدي شعور بأن مصر ضعيفة .


+كيف تصف علاقة القاهرة بواشنطن حاليا؟


تبادل مصالح. ومصر وتأمل في أن يكون قائما على التكافل والعدالة.فمصر ليست دولة تابعة.


[email protected]
twitter:@monalisaf

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم