الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

دفع حياته ثمناً للاهمال... حتى الأوكسيجين لم يحصل عليه!

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
دفع حياته ثمناً للاهمال... حتى الأوكسيجين لم يحصل عليه!
دفع حياته ثمناً للاهمال... حتى الأوكسيجين لم يحصل عليه!
A+ A-

دفع حياته ثمن عدم توافر سرير، وأُجْبِر على الرحيل قبل أن يرى وليدَه، لأن مستشفى اليوسف في حلبا رفضت استقباله. هذه المرة لم يكن المال والفقر والعوز السبب في وفاة إنسان على أبواب المستشفيات كما درجت العادة في لبنان، بل "العناية الفائقة" الفائضة بالمرضى والتي لا مكان فيها لأحمد عبد المجيد، الذي غادر مرغماً عنه ليس فقط باب المستشفى بل "بوابة" الحياة.


كان ابن بلدة بيت أيوب في جرد عكار، يعمل في أرضه يوم الاثنين الماضي حين سقط عن جراره الزراعي، فطلب من شقيقه خالد الذي كان واقفاً أمامه أن ينقله فوراً إلى المستشفى، وقد شرح خالد لـ"النهار" تفاصيل ذلك اليوم المشؤوم فقال "في البداية نقلته بسيارتي من الجرد، ثم اتصلت بالصليب الأحمر الذي عمل على ايصاله الى مستشفى اليوسف، الحادث وقع عند الساعة الرابعة، لكننا وصلنا عند السادسة كون مسافة الطريق طويلة، لنفاجأ بموظف إداري يطلب منا نقله الى مستشفى آخر، وبعد أخذ وردّ استمر نحو 20 دقيقة خرج طبيب الطوارئ، وألقى نظرة على شقيقي داخل الاسعاف ليقول انه يحتاج إلى عناية فائقة ولا يوجد أسرّة الآن".


 


توسل عبد المجيد الطبيب كي يرضى ويسارع بإسعاف أحمد وإنقاذه من الوقوع عن "حافة الموت"، إذ إنه "كان يتنفس بصعوبة، وكنت طوال الطريق أحادثه كي لا يفقد وعيه، وكانت اجابته الوحيدة موجوع". وأضاف "بعد أن تدخلت كثيراً على الطبيب لإدخاله المستشفى وأطلعته ان المال لا يهمنا اذ إننا سندفع المبلغ الذي يريد، اجاب سيكلفنا الأمر بين 1000 و 1200 دولار وسنضطر بعد الكشف عليه في الطوارئ نقله الى مستشفى آخر، إذ لا مكان في العناية الفائقة، وعندما وافقت على شروطه اجاب أتريد ادخاله بالقوة خذه من هنا، عندها طلبت أوكسجين كي يتمكن من التنفس فقال لا يوجد لدينا".


 


دقائق مميتة
نقل أحمد (مواليد 1983) الى مستشفى رحال، لكنه في الطريق لم يعد يجيب على حديث أخيه. موقف صعب يشعر فيه الانسان أنه بلا قيمة وان روحه لا تساوي شيئاً بالنسبة لأناس أقسموا يميناً أن يكونوا رحماء على الانسانية، فكانوا أقسى من الحجارة، "في مستشفى رحال أُبلغنا أنه توفي، أكثر من نصف ساعة أضعناها على باب "اليوسف"، واستغرقت الموافقة على نقل أحمد، المصاب بنزيف داخلي وفق ما بيّن تقرير الطبيب الشرعي، بسيارة الصليب الاحمر من مستشفى الى آخر نحو 10 دقائق في انتظار الاذن من غرفة عمليات الصليب الاحمر ".


 


ردّ وتحقيق
العائلة لا تريد أن ترفع دعوى ولا تريد تعويضاً، "لسنا بحاجة الى المال، كل ما نطلبه أن يعامل الناس بإنسانية، فإلى الآن أتساءل لماذا تصرّفوا معنا هكذا؟". وزير الصحة وائل أبو فاعور أعطى توجيهاته بفتح تحقيق لكشف حقيقة ما حصل، "مركز اليوسف الاستشفائي" ردّ في بيان، وأوضح فيه رئيس الطاقم الطبي الدكتور عمر عياش عبر "النهار" "اننا أطلعنا الصليب الاحمر منذ الساعة الثانية من بعد ظهر ذلك اليوم، على عدم توفّر أسرّة في قسم العناية، وطلبنا إسعاف المرضى الى مستشفيات أخرى حرصًا على حياتهم وتخفيفًا لمعاناة تنقّلهم على الطرق، لنتفاجأ عند الساعة السادسة الا عشر دقائق بنقل أحمد، فقام الطبيب المعاين في الطوارئ بالكشف عليه داخل سيارة الاسعاف، وأخبر اهله أنه يحتاج عناية فائقة ولا توجد اسرة فارغة".
وأضاف "لم نرفض استقبال المريض لكننا نعاني من ضغط كبير في قسم العناية الفائقة، بعدها قرر الأهل نقله الى مستشفى آخر، وعندما غادر كان لا يزال على قيد الحياة".



وسألت "النهار" أمين عام الصليب الأحمر جورج كتاني عن سبب نقل المريض الى مستشفى "اليوسف"، فأجاب "اننا نلتزم حصراً في هذا السياق مذكرة وزارة الصحة التي تحتم علينا نقل المريض الى اقرب مستشفى".
ولفت عياش الى انه "يوجد حوالي اربع مستشفيات في عكار تغطي نحو 500 الف نسمة، كل يوم لدينا حالة تنتظر في الطوارئ لساعات، نتصل بالخط الساخن لوزارة الصحة، وأحيانًا كثيرة لا نستطيع تأمين سرير لها". وعن رفض اعطاء أحمد الاوكسجين، أجاب "ليس وارداً ان يكون بحاجة إلى أوكسجين ونحرمه منه"، المعطيات تشير الى ان أحمد كان يحتاج الى عناية فائقة فورية والى اسعاف محكم في الطوارىء والى المزيد من الاوكسيجين لكن عياش قد لا يرى ذلك، ووحده تحقيق وزارة الصحة يفترض ان يفصل في الأمر.



خجل الجرار أن يترك على أحمد ندبات بعد سقوطه عنه، في حين لا تخجل بعض المستشفيات من غرز سكين إهمالها في قلوب الناس!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم