السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

القضاء على "داعش" دون الأسد سيُفَرِّخ دواعش كثيرة

المحامي عبد الحميد الأحدب
A+ A-

بدأ تنظيم " داعش" واخوانه من "النصرة "الى غيرها ما قبل وما بعد مجزرة حماة (التي كان عدد قتلاها 100 ألف) ثم في مجزرة الكيماوي العراقي على الاكراد، ثم في الموصل بين الشواف وعبد الكريم قاسم ، الى مجزرة مكة التي احتلها المتمردون على الوهابية لمزيد من الوهابية، الى مجزرة طهران حين قلبت اميركا نظام محمد مصدق الديموقراطي بانقلاب عسكري اعاد الشاه الى السلطة، الى مجازر الجزائر حين استبد الجيش بالسلطة بعد الاستقلال الى ان قرر الشاذلي الانتخابات ففاز الاسلاميون الداعشيون فحل العسكر المجلس، وكانت المجازر طوال عشر سنين! الى الصخيرات في المغرب الى... الى... الى كل المجازر في كل بقعة من العالم العربي الذي استبدّ به المستبدّون في الديكتاتوريات العربية بترحيب ودعم ودلال من الغرب بأسره. "داعش" وأمثاله ليسوا سوى فرع من اصل هو الاستبداد.


جاءت الدكتاتوريات في كل البلاد العربية بدون اي استثناء (لبنان كان الإستثناء الوحيد حتى سنة 1975) ففرَّغت أنظمة الاستبداد الانسان من انسانيته، ومن فكره. لم تعد تظهر كتابات لطه حسين وتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل ونزار قباني و... و... واذا ظهر نجيب محفوظ حاولوا اغتياله، صار وزير التعليم العالي يصدر بياناً من عشرين سطراً فيه ثلاثين خطأ املائياً.... زاد الفقر والبؤس والخوف وفتحت ابواب الجامعات وتوقفت الجامعات عن اعطاء العلم وصارت تعطي شهادات فقر حال وطاعة للنظام.
ومن الخمسينات بدأت تغيب الانسانية عن الانسان العربي. اي معنى للحياة اذا لم يعد في الحياة سعادة ولا علم ولا فكر ولا حرية، لم يعد فيها سوى الفقر والخوف والاستبداد، فأُفْرِغ الانسان العربي من انسانيته ومن عقله ومن كرامته ومن مبرر وجوده في الحياة. ومن مئتي مليون عربي يمكن القول انهم انقسموا الى عشرين بالمئة مخابرات واهل السلطة وادوات الإستبداد والإستيلاء على اموال الناس بدون وجه حق...
وبقي الباقون 80% يريدون الرحيل، نصفهم يريد الرحيل الى الجنة كإنتحاريين، والنصف الثاني يريد الرحيل عن أرض هذا الشرق التي كانت طاهرة فأصبحت نجسة، قسم ذاب في الديانة التي فبركها المستبدون وفيها انّ طريق الجنة هو الموت الإنتحاري السريع للصعود الى جنات تجري من تحتها الأنهار وفيها الحريم اللواتي لا يأتيهن الحيض وفيها النبيذ وفيها... وفيها كل ما حرم منه العرب في دنيا الإستبداد والذل والتجبر وعقول فارغة... وانسانية معدومة...
هؤلاء اختاروا الموت على الحياة، والدليل تكاثر الإنتحاريين بالمئات وغداً بالألوف... وبدأت ظاهرة الإنتحاريين تتكاثر، يريدون الموت وقتل الآخرين، كما في غارة برج البراجنة الداعشية وغارة باريس وكل الغارات.
ونصف العرب الآخر الذي لم يدخل في دين الهرطقة، بل بقي على دين الإسلام الذي ربه رحمن رحيم، والسلام هو اساسه، هؤلاء اختاروا الرحيل، وهم يُعَرِّضون نصفهم للغرق والموت في البحر هم وأولادهم وزوجاتهم من اجل الرحيل من المذلة العربية الإسلامية السائدة الى الحضارة الغربية المسيحية التي فيها من التسامح ما يترك مكاناً للمسلمين... وبدأ الزحف المقدس، مليون، مليونان، ثلاثة!! المانيا فتحت ابوابها لمليون سوري واوروبا تتقاسم.
في هذه الأجواء قرر الإنتحاريون من "داعش" غارة على مراكز الثقافة والمسارح والكتب في باريس، الخير لقدام.
ايها السادة الغربيون الأغبياء، "داعش" واخواته هي نتيجة آل الأسد ونوري المالكي وصدام حسين والحنبلية والإستبداد الجزائري وزين العابدين وعبد الناصر والسادات ومبارك والإخوان المسلمين وعمر البشير الى القذافي الى... الى... من هنا فرّخ "داعش" واخواته، والحل بالقضاء على "الوكر" اي على ديكتاتورية الأسد وعلى كل الديكتاتوريات التي تولد الداعشيات! الحل بالقضاء على السبب والنتيجة!
لما قضوا على القاعدة عادت ففرّخت قاعدة "داعش" و"النصرة وكل الإخوان"...
في الحرب العالمية الثالثة يتعرض الغرب لزحف الذين كفروا بالشرق واستبداده ويطلبون الملجأ ويتعرض الغرب لغارات دموية من الداعشية واخواته...
في الحرب اذا قضيتم على السبب، على الوكر، "الأسد واخوانه" زالت النتيجة "الداعشية" اما القضاء على النتيجة "الداعشية" وحدها وترك الإستبداد الأسدي وغيره من الديكتاتوريات مدللاً تتعاونون معه للقضاء على النتيجة "الداعشية" ضحك على الذقون وعربدة وغباء. هذا الغباء وخطة القضاء على الداعشية من دون الأسد: اذذاك فحلال عليكم بعد سنة او سنتين داعشية جديدة وقاعدة جديدة اكثر شباباً... لماذا تضيعون عقولكم؟ الهدف الأساسي الذي يجب الإنقضاض عليه مع الإنقضاض على "داعش" فعلاً لا قولاً، واقعياً لا نظرياً، الى هذا الهدف اتجهوا الى السبب الى الدكتاتوريات فهي مسببة كل هذا البؤس وهذا الإجرام.
ماذا اصاب العقل الغربي الذي طالما كان عقلانياً، وليس هوائياً؟ الطريق واضح، وصنف الكلام التافه سيرتد عليكم وعلينا بالويلات.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم