الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الحروب أنهكتهم والفقر دفعهم للانخراط في العنف شباب التبّانة حين ينتقلون إلى العمل المدني

مصطفى العويك
الحروب أنهكتهم والفقر دفعهم للانخراط في العنف شباب التبّانة حين ينتقلون إلى العمل المدني
الحروب أنهكتهم والفقر دفعهم للانخراط في العنف شباب التبّانة حين ينتقلون إلى العمل المدني
A+ A-

لم يتوقع طه ج. يوماً ان يكون في عداد الشباب الذين يشار اليهم في الشارع انهم "فخر التبانة"، كان كغالبية الشباب في أفقر منطقة، يمضي نهاره نائماً وليله بين تعاطي الحشيش وشرب الخمر وايذاء الناس واحداث البلبلات الامنية والاجتماعية، وكان عندما يطلق "الحكم" المشرف على جولات العنف بين التبانة وجبل محسن صفارة بدء الجولة، اول المبادرين في اطلاق الرصاص والمشاركة في المعارك العبثية.


حدث صغير جعل طه "يحك رأسه" ليدرك ان المسار الذي اختارته الظروف لحياته يمكن العمل على تبديله الى مسار ايجابي.
"في احد الايام كنت عائدا فجراً الى المنزل بعد ليل طويل من السهر والشرب والتعاطي، لفتني ان جدران الساحة التي يطل عليها بيتنا تتزين بألوان متنوعة تريح الناظرين، وانه للمرة الاولى ارى الساحة مضاءة"، يقول طه لـ"النهار" ويضيف: "لم يكن فيها تمديدات كهربائية وكانت مكباً لنفايات المباني المجاورة ومنها بيت اهلي، علق الامر في ذهني على رغم اني كنت غير مكتمل الوعي بفعل تأثير الخمر، عندما استيقظت ظهراً، كان اول شيء فعلته فتح نافذة الغرفة المطلة على الساحة، لأكتشف انها ليست الساحة التي عرفتها، بدت جديدة استحدثت في المنطقة، لا نفايات، لا مياه مجارير متجمّعة فيها، لا رائحة كريهة، لا حشرات، وانما مساحة نظيفة ملونة تبعث الفرح في داخل الانسان، فصرت اسأل نفسي من فعل هذا؟ وعندما اقتربت من لوحة رسمت على احد جدران الساحة قرأت في الاسفل عبارة "مجلس شباب التبانة"، فسألت احد الشباب الموجودين هناك، هل تعرفهم؟ قال نعم، وسمّى لي بعض الاسماء التي اعرفها، فذهبت الى شارع حربا حيث مكتبهم وتعرفت إليهم وقلت لهم "اريد ان اكون واحداً منكم"، وبالفعل قدمت طلب انتساب واصبحت جزءاً من مجموعة تعمل على تحسين صورة التبانة وتقوم بمشاريع عديدة خدمة لاهلها وناسها".
ووفقاً لطه كان فقد شقيقه الاكبر في تفجير مسجد التقوى، واراد الانتقام له في الجولة الاخيرة، لكن "بعد دورات خضعت لها عبر "مجلس شباب التبانة" عن التواصل وحل النزاعات ونقاشات عديدة عن طبيعة العلاقة التي يجب ان تسود بين اهالي الجبل والتبانة، بت مقتنعاً ان اهالي الجبل ليسوا اعدائي".
"طه" الذي تحول الى شخص آخر يساعد الناس ويعمل مع الشباب على طلي الجدران وترميم المحال التي دمرتها الحرب، لم يكتف بان ترك ماضيه "المخزي" بكل تفاصيله وانتقل الى حاضر جديد، بل ساهم في تحويل اثنين من رفاق السوء وضمهم إلى تحوله الجديد فانضما مثلي إلى المجلس".
من جهته، يقول (وليد ش.): تعرفت إلى "مجلس شباب التبانة" خلال تأهيل الشارع الذي اسكنه (سوق عبد الحميد الذي شهد المعركة بين الجيش اللبناني ومجموعة اسامة منصور)، احتكيت بهم وتعرفت إلى خالد شخشير رئيس المجلس وانتسبت اليهم". وليد الذي يدرس الكهرباء الصناعية في مهنية القبة كان وفقا لما روى لـ"النهار"، منعزلاً عن الناس، وملتزماً دينياً وما زلت، ولكن صرت اكثر تقبلاً للآخر وانفتاحا عليه وعلى افكاره. كنت اظن ان لا شيء يجمعني مع شباب التبانة غير المتدينين ولا مع اهالي جبل محسن، وبعدما اندمجت في المجلس، بدأت تنكسر عزلتي مع الاندماج مع الشباب والصبايا ومشاركتهم الافكار والعمل".
"مجلس شباب التبانة" الذي تأسس منذ سنتين تقريبا ويهدف وفقا لرئيسه خالد شخشير او "الخال" كما ينادونه الشباب الى تغيير صورة التبانة لدى الطرابلسيين واللبنانيين لإعادة استقطابهم من جديد، وايضا الى ازالة كل آثار المعارك وجولات العنف، عمل على ترميم المئات من المنازل في التبانة، خاصة في شوارع: حربا - الملولة - سوريا - وسوق الخضار الذي دمر بالكامل، بتمويل من منظمات دولية بمساعدة رئيس جمعية "يوتوبيا" شادي نشابة.
والمجلس هو مجموعة من شباب التبانة رفضتهم المنطقة في البداية وعرقلت عملهم لانهم "يرممون الحجر بدلا من البشر"، ومن ثم توافد اليهم الاهالي والشباب ليقدموا لهم الدعم والتأييد بعدما لمسوا نجاحاتهم وانجازاتهم.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم