الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

جلسة الإنقاذ المالي والإفلاس السياسي

المصدر: "النهار"
هدى شديد
جلسة الإنقاذ المالي والإفلاس السياسي
جلسة الإنقاذ المالي والإفلاس السياسي
A+ A-

الجلسة التشريعية لمجلس النواب التي يصرّ رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقدها،تكاد تطيح كل التحالفات القائمة منذ عشر سنوات: حزب الله مؤيَّد لعقد الجلسة رغم ان حليفه العماد ميشال عون يقف الى جانب التفاهم الحديث الولادة بينه وبين "القوات اللبنانية"، ومعاً يصرّان على الا يذهبا الى التشريع الا وفق "اعلان النيات" الموقّع بينهما، والذي ينصّ على إعادة تكوين السلطة بدءاً من قانون انتخاب يؤمّن العدالة في التمثيل والمناصفة الحقيقية. كلاهما يريد النسبية الكفيلة بتحقيق التمثيل المسيحي الحقيقي، وكلاهما ضحّى بالقانون الاورثوذكسي للإبقاء على خيط تحالفاته العابرة للطائفية، الا انهما ليسا بوارد الإبقاء على قانون الستين سيفاً فوق رقابهم. وتترسٰخ القناعة لدى الطرفين ان استقواء الفريق المتحمّس لعقد الجلسة التشريعية، وإن في غياب"القوات" و"التيار الوطني الحر" و"الكتائب" سببه مفاعيل "قانون الستين" الذي جاء بقسم كبير من النواب المسيحيين على محادل الطوائف الاخرى، وهذه النتيجة تجعلهم اليوم اكثر من اي وقت مضى، متمسكين بإدراج قانون الانتخاب على جدول اعمال الجلسة التشريعية . ويتردّد في اوساط الطرفين همساً ان كلاً من "المستقبل" و"جبهة النضال الوطني" وافقا على مضض على "القانون المختلط" المشترك مع "القوات"والنواب المستقلين، كي يفكّا قبضة المسيحيين عن القانون الاورثوذكسي، الا انهما لا يريدان الا قانون الستين، وقد اعلن جنبلاط صراحة على طاولة الحوار انه في حلّ من القانون المشترك.


وهذا الارباك المعمّم ينسحب ايضاً على "تكتل التغيير والاصلاح" بين "التيار" وكل من "الطاشناق" و"المردة"، كما بين "التيار" و"حزب الله"، وكذلك بين "القوات" و"المستقبل" والنواب المسيحيين المستقلين في الرابع عشر من اذار. فبعدما وعد "المستقبل" بألا يذهب الى التشريع من دون حلفائه المسيحيين، تبدٰلت حساباته السياسية مع الحسابات المالية التي أمسكهم بها الرئيس بري من يدهم التي تؤلمهم. فمطالب البنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية تضغط لاقرار تشريعات تتعلٰق بقروض وهبات كما بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود، وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة تبييض الأموال...
ولأن حسابات الحقل تختلف عن حسابات البيدر، بدأ "التيار" و"القوات" يتيقّنان انالجلسة تنعقد على حسابهما مع "الكتائب". فقانون الانتخاب ليس وارداً بحساباتا لآخرين، واستعادة الجنسية الذي ورد في البند ٢٥ في جدول الأعمال المؤلف من 38 بنداً ليس مضموناً إقراره. وتقول اوساط الرابية ومعراب ان المشروع قد يسقط بالتصويت على صفة المعجٰل فيعود مجدداً الى اللجان، لا بل ان "المستقبل" الذي لطالما وقف في وجهه في اللجان المشتركة ، لن يسير به الا وفق تعديلاته التي يطالب بإدخالها عليه، ومنها الغاء مبدأ العودة الى سجلات المهاجرين في احصائي ١٩٢١ و١٩٢٤والاكتفاء بسجلات المقيمين وفق احصاء ١٩٣٢، اضافة الى اعطاء الحق للمرأة اللبنانية بإعطاءالجنسية لأولادها. وهنا تكمن خشية المسيحيين من القطبة المخفية في التعديلات المطلوب ادخالها على القانون في حال إقراره.
في العام ٢٠١٢ وفي حكومة الرئيس نجيب ميقاتي شكلت لجنة وزارية برئاسة الوزير سمير مقبل وبعد اجتماعات عدٰة وتقرير مفصٰل بالارقام أوصت بالاستعاضة عن اعطاء الام اللبنانية الجنسية لأولادها بإطالة أمد الإقامة.
لماذا؟ لأن الأرقام أظهرت ان المجموع العام للبنانيات المتزوجات من اجانب في دائرة وقوعات الأجانب في بيروت وفي دوائر النفوس في جبل لبنان ولبنان الشمالي والبقاع ولبنان الجنوبي والنبطية هو ٧٦٠٠٣ لبنانيات متأهٰلات من اجنبي. ويتضمٰن هذا الرقم4800 امرأة لبنانية متأهٰلة من فلسطيني غير مسجل في سجلات مديرية شؤون اللاجئين في لبنان بل جرى إحصاؤه في سائر البلدان العربية، ومفاعيل منح الجنسية بنتيجة الزواج من اجنبي يقدٰر بنحو ٣٨٠٠١٣ شخص.
هذا التقرير العائد للعام ٢٠١٢ كانت محاذيره عالية جداً لجهة ان المستفيد الاكبر من اعطاء المرأة الجنسية لأولادها كانوا فلسطينيين وسوريين واردنيين، فعدد اللاجئين الذكورالمتأهلين من لبنانيات ١٦٨٠٠ ، وعدد اللاجئين الإناث المتأهلين من لبنانيين ١٥٥٩٦،ومفاعيل منح الجنسية نتيجة الزواج من فلسطيني يصبح نحو ٨٤٠١٢ ، والارقام تشير الى الزيجات المسجّلة فقط، مع العلم ان عدداً كبيراً من النساء المتزوجات لا يسجلن زواجهنّ في لبنان، وبصورة خاصة المقيمات خارج لبنان.
هذا التقرير تعود أرقامه الى ثلاث سنوات خلت، بحيث كان يسجّل سنوياً ٦٥٠ حالة زواج فلسطيني من لبنانية، وهو لذلك لا يلحظ تزايد الأرقام لدى الفلسطينيين ولا التزايد الكبير بنسبة الزيجات مع السوريين، بنتيجة النزوح الذي قاربت اعداده المليون وثلاثمئة الف شخص.
وفي موازاة اتصالات "القوات" و"التيار" مع بكركي، تسجٰل اتصالات مماثلة بين كل من الفريقين مع حلفائهما، ومنها اللقاء الذي ضمّ بعيداً من الاعلام ممثلين عن "القوات"و"المستقبل" و"جبهة النضال الوطني" ومستقلين في الرابع عشر من اذار مع رئيس الحكومة تمام سلام.
ويتوقٰع مع اقتراب موعد الجلسة، ان تتكثٰف حركة الاتصالات والمفاوضات وعلى المستويات كلها لإيجاد مخرج لائق ينقذ التحالفات من جهة، ومبدأ الميثاقية من جهةاخرى، وقد تكون التسوية بالاتفاق على تمرير عقد الجلسة، والاكتفاء بتمرير البنود المالية الملحّة، ومن ثمّ رفع الجلسة من الرئيس بري من دون الدخول في البنودالاخرى، ولا يتمٰ الخوض بقانون الانتخاب الشائك ولا التسرٰع في إقرار استعادة جنسيةغامض،وبذلك لا يخرج احد خاسراً، لا بل يربح لبنان صدقيته المالية.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم