الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أفخاخ تتربص انتفاضة القدس!

المصدر: "النهار"
رانا أبي جمعة-إعلامية
أفخاخ تتربص انتفاضة القدس!
أفخاخ تتربص انتفاضة القدس!
A+ A-

ليس الحديث عن "اتفاق الكاميرات" والجدل الإسرائيلي- الأردني والأردني- الفلسطيني الذي أثير حوله إلا إهانة واستخفافاً وتقزيماً لما يقوم به من أصطلح على تسميتهم بـ "جيل أوسلو".


لقد أدت #انتفاضة الشباب الفلسطيني حسب آخر إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية، في كل من #القدس والضفة الغربية وغزة منذ اندلاعها مع بداية تشرين الأول إلى سقوط أكثر من 60 شهيداً بينهم أطفال وآلاف الاصابات بالرصاص الحي والمطاط فضلا عن الاعتداء بالضرب والاختناق بالغاز المسيل للدموع.


في الواقع هذه ليست أرقاماً جوفاء بل إنها أرقامٌ تختزل مأساة إنسانية لم تتوقف عن النزف منذ عام 1948 وتستحق أكثر من اتفاق -اذا ما كان هناك من ضرورة لابرامه- أقل ما يمكن أن يقال عنه بأنه دون تضحيات الفلسطينيين وتطلعاتهم بأشواط.
واذا كان من غير المستغرب أن يكون ثمن دخول الأميركيين على الخط المشتعل بين الإسرائيليين والفلسطينيين هو اتفاق هزيل اختصر باتفاق حول كاميرات توضع في المسجد الأقصى، فإننا لا نبالغ اذا ما قلنا بأنه يكفي لاثبات أن الوضع القائم في أولى القبلتين وثالث الحرمين قد تغير، ذلك أن ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في شأن هدف هذه الكاميرات واضح لا لبس فيه، فالأخير يريد من خلالها "إظهار الجانب الذي يأتي بالاستفزازات" وفي قوله استفزاز وتعمد متجدد لاخفاء ما حصل ويحصل على أرض الواقع.
والحقيقة السيئة هي أن الجانب الإسرائيلي أصبح عبر هذا الاتفاق ليس فقط شريكاً بإدارة المسجد الأقصى بطريقة غير مباشرة بل أصبح قادراً أيضاً على معرفة هوية المرابطين والمرابطات وسائر المصلين بشكل دقيق إضافة الى مراقبة كل شاردة وواردة في الحرم القدسي. أما الأسوأ فهو أن الجميع يعرف مصدر الاستفزاز ولا يحتاج المسجد إلى كاميرات أو غيرها ليتم الاتفاق على وضعها طالما أن كاميرات التلفزة كانت وما زالت تتولى هذه المهمة تلقائياً كجزءٍ من عملها .


كما أن الاستفزاز الإسرائيلي ومحاولات تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي لا يقتصر على خطوات عملية كالاقتحامات المتكررة للمسجد والتي لا تزال متواصلة حتى يومنا، فهو ينسحب ايضاً على التصريحات التي لا تقل أهمية وخطراً اذ تثبت النوايا الإسرائيلية الحقيقية بالسيطرة على الأقصى، وإلا ما معنى أن تجاهر نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي تسيبي حوتبولي وما تمثله من مكانة لدى حزب الليكود في الكنيست وبعد اتفاق الكاميرات الأمنية المذكور، بالقول "إن حلمها يتجسد برؤية علم إسرائيل يرفرف فوق جبل الهيكل" أي الحرم القدسي باعتباره "المكان الأشدّ قدسية للشعب اليهودي".
هذا بالنسبة إلى الجانب الإسرائيلي الذي غالباً ما ينجح باستغلال أي تحرك فلسطيني فينهيه بانتزاع المزيد من مكتسبات وحقوق الفلسطينيين أنفسهم.
ولكن ماذا عن الجانب الفلسطيني الرسمي؟ يبدو أن السلطة الفلسطينية مصرة على نغمة المفاوضات، فها هو الرئيس محمود عباس "راغبٌ بحل سياسي سلمي بشرط اتخاذ الحكومة الإسرائيلية إجراءات حول الأقصى والمستوطنات وتطبيق الاتفاقيات". وفي شروط الرئيس عباس استئناف للدوران في الحلقة المفرغة ما يستدعي طرح بضعة تساؤلات جدية.


هل فعلاً لم تلتقط هذه القيادة الفلسطينية أسباب اندلاع انتفاضة القدس؟ هل فعلاً لا تزال تؤمن بحل الدولتين وقد أصبح معلوماً للجميع أن إسرائيل ذاهبة الى المزيد من التطرف ولن يخلف نتنياهو إلا من هو اشد تطرفاً منه وهو إفيغدور ليبرمان؟ هل فعلاً خيار التسوية هو الأفضل في الوقت الراهن خصوصاً وأن انتفاضة القدس كشفت الارباك الإسرائيلي ليس فقط على المستوى السياسي ولكن أيضاَ على المستويين الأمني والمجتمعي، وعليه ألا يجدر البناء على ما أفرزته هذه الانتفاضة من كشف لعورات إسرائيل؟ هل فعلاً ستقلل العودة الى المفاوضات من نسبة الاحباط وتزيد الأمل لدى الشباب الفلسطيني بغدٍ أفضل؟ هل ستُحرر هذه المفاوضات هؤلاء الشباب من سجانهم الإسرائيلي؟ هل فعلاً يأمل الرئيس عباس بوقف الإستيطان وتفكيك المستوطنات في الضفة الغربية عبر التحاور مع الإسرائيلي؟ أكثر من ذلك، هل يعتقد الرئيس عباس بأن السلطة الفلسطينية تملك قرارها لتقبض على زمام الأمور وهل ترفض تبعيتها الأمنية والاقتصادية لتفرض شروطها السياسية؟


اليوم هناك من بدأ يتحدث عن انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة بعد أسبوعين تقريباً وعليه بدأ يتردد بأن السلطة ستغير أدوات المواجهة مع إسرائيل وكذلك الاتفاقات! لا شك بأن لهذه الخطوة أهميتها خصوصاً انها تأتي في هذا التوقيت بالذات ولكنها تستدعي التريث للحكم على جدواها.


في الانتطار هناك فسحة زمنية، توجب على شباب الانتفاضة المحافظة على انجازاتهم وحمايتها من الأفخاخ فساحاتها هي التي تقرر شروط التفاوض المتمحورة حول بند واحد: الانتفاضة مستمرة حتى انهاء الاحتلال وقيام دولة فلسطين بحدود الـ67 - في الوقت المنظور- كاملة السيادة وكل معادلة أخرى لا يعول عليها.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم